You are here:   Home  /  الإذاعة  /  036 – سعد زغلول

036 – سعد زغلول

enar

سعد زغلول

 

وُلِد سعد زغلول في قرية إبيأنة التابعة لمركز فَوَة مديرية الغربية  سابقًا (والذي يُعرف حالياً بمركز مطوبَس محافظة كفر الشيخ).

وُلِد كما ورد في سجلات شهادته التي حصل عليها في الحقوق شهر يونيو (حزيران ١٨٦٠ على أنّ بعض المصادر تُفيد أنّ مولده كان في شهر يوليو (تمّوز) عام 1857. كان والد سعد هو شيخ بلد القرية، أي الرجل الثاني باعتبار أنّ العمدة هو الرجل الأوّل، توفي ولم يبلغ سعد حينئذٍ الخامسة  فنشأ يتيما، 

تلقى تعليمه في كُتّاب القرية ثم انتقل إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر عام ١٨٧٣ حيث قرأ  على السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، عَمل بعد إجازته مع جمال الدين الأفغأني في الوقائع المصرية، ثم شغل وظيفة معاون بنظارة الداخلية لكن ما لبس أن تمّ فصله منها بعد فشل ثورة عرابي التي اشترك فيها.

انتقل سعد من العمل العامّ إلى العمل الخاص حيث  اشتغل بالمحاماة ولم يستمرّ كثيراً حيث قُبض عليه عام ١٨٨٣ بتهمة الاشتراك في جمعية الأنتقام.

وبعد ثلاثة أشهر خرج من السجن ليعود إلى المحاماة ويلتحق بدائرة أصدقاء الإنجليز حيث تعلم اللغتين الإنكليزية والفرنسيّة.

تزوج سعد من ابنة مصطفى فهمي باشا، رئيس النظّار آنذاك، أي رئيس الوزراء وعاد إلى العمل العام ليشغل منصب  وكيل نيابة وترقّى حتى صار رئيس نيابة، هذه الرتبة التي أهّلته للحصول على لقب البَهَويّة ليُصبح سعد بيه زغلول  ، كانت أقصى مرتبة يُمكن أن يصل إليها دون إجازة في الحقوق هي نائب قاضي وحصل عليها عام ١٨٩٢، على أنّه قد نال إجازة الحقوق عام ١٨٩٧.

انضم سعد زغلول إلى فئة المنار، وهو تنظيمٌ سياسيٌّ إصلاحيٌّ ضم العديد من الأزاهرة والعائدين من بعثات التعليم في أوربّا، وعددٍ لا بأس به من رجال الفكر والأدب في مصر. وكان من أحد أهدافه انتشار التعليم في مصر وإنشاء جامعةٍ مصريّة، والتي ساهم سعد مع رفاقه في التفكير لها ثمّ الاكتتاب لإنشاءها ثمّ افتتاحها عام 1908، على أنّ هذا لم يشغله عن العمل العامّ والذي ارتقى فيه، فصار قاضٍ ثمّ رئيس محكمة وفي عام 1906 أصبح ناظراً للمعارف ثمّ للحقّانيّة، أي وزيراً للتعليم ثمّ للعدل، ونال الباشاويّة ليُصبح سعد باشا زغلول. ساهم  سعد في تأسيس النادي الأهلي عام 1907 ورأسَه ثمّ صار نائباً في الجمعيّة التشريعيّة التّي صار وكيلها ثم تزعّم فيها حركة المعارضة التي ستشكّل نواة جماعة الوفد المصري بعد انتهاء الحرب العظمى، أي الحرب العالميّة الأولى.

نعيمة المصريّة

 

مكّنته هذه الزعامة من الحصول على التأييد الشعبيّ من المصريّين الذين لم يكونوا في معظمهم راضين عن الحماية البريطانيّة وتواطؤ السلطة معها ومساندة الحكومة والسلطان حسين للإنكليز في حربهم ضدّ الدولة العثمانيّة، انعكس هذا على الغناء، فبدأ الغناء لزعيم الحركة الوطنيّة المرتقب، خليفة مصطفى كامل ومحمّد فريد، على أن البداية كانت بالرمز، ومن هذه النماذج نستمع إلى طقطوقة “يا بلح زغلول”، نظم الشيخ يونس القاضي، لحن الشيخ سيّد درويش، نستمع لها بصوت السيّدة نعيمة المصريّة وهي مسجّلة على وجهين قطر 27 سم لشركة مشيان الوطنيّة حوالي عام 1917 أثناء الحرب العظمى، الاسطوانة رقم 687 -1-2، وفيها رمزيّةٌ لسعد زغلول في الثناء على البلح الزغلول وهو نوعٌ من الرطب ينبت في مصر صغيرُ الحجم رخيصٌ يمكن للكلّ شراءه أو حتّى إلتقاطه من النخيل دون مقابل، وفي الأغنية إشادةٌ بالمنتج البلدي وأنّه خير. ونلاحظ الستّ نعيمة في تقديمها لنفسها القول أنّ العمل دور مسجّل، وقالبه طقطوقة، لكن، يبدو أنّ تصنيف القوالب لم يكن واضحاً وأنّ كلّ عملٍ غناءيٍّ موقّعٌ بالدارجة فهو دور، نلحظ كذلك ارتباك في قفل الاسطوانة، يبدو أنّ هذا بسبب حداثة الستّ نعيمة المصريّة وعدم تعوّدها على فكرة التسجيل، الجديدة حينئذ.

نستمع إذن إلى طقطوقة “يا بلح زغلول” بصوت السيّدة نعيمة المصريّة من مقام الجهاركاه.

السيّدة منيرة

 

بعد الحرب العظمى قرّر سعد زغلول ورفاقه من أمثال عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي تشكيل وفدٍ لحضور مؤتمر الصلح في باريس ليعرضوا فيه قضيّة استقلال مصر ورفع الحماية البريطانيّة، وبدأوا في جمع التوكيلات من الناس لأضفاء الشرعيّة على هذا الوفد، إلا أن السلطات الإنكليزيّة قبضت على سعد ورفاقه ونفتهم إلى جزيرة مالطة يوم 8 مارس (آذار) 1919، وأشعل هذا الاعتقال فتيل ثورة المصريّين المعروفة بثورة 19، ولها حديثٌ آخر مستقلّ، نجحت الثورة في إعادة سعد ورفاقه إلى مصر بل وذهب الوفد لتمثيل مصر في مؤتمر الصلح بباريس، لكن فشل في إقناع المؤتمرين باستقلال مصر وكان سعد هو رئيس الوفد، فلمّا عاد الوفد وكانت الثورة قد عادت، أضحى سعد هو زعيم المصريّين وأضحى الوفد هو الممثّل الشرعيّ لشعب مصر وثورتها، وفي عودة سعد ورفاقه من المؤتمر، رغم الفشل، نُظِمت الأشعار ولُحّنت الأغاني، ومن السيّدة منيرة نستمع إلى طقطوقة “زغلول شرّف”، والتي ذكر أحد المحدّثين، والمعلومة غير مأكّدة، أنّها من نظم يونس القاضي ولحن محمّد القصبجي، وعلى الرغم من أنّ كثير من الأغاني، حتّى التي تمّ تسجيلها قبل هذا العمل، كانت تنادي بالاستقلال صراحةً، إلا أن هذه الأغنية اعتمدت الرمزيّة رغم ذكر اسم سعد زغلول بشكل شبه صريح. ورغم أنّنا كان يمكننا إذاعة أيٍّ من الأغاني المعروفة في هذا الإطار، إلا أنّنا نحاول إذاعة ما هو نادر ونكشف الغطاء على ما هو غير معروف.

 

1919 – تظاهرة تأييد أمام منزل سعد زغلول

 

نستمع إذن إلى طقطوقة “زغلول شرّف”، بصوت منيرة المهديّة، والتسجيل لبيضافون عام 1921 على وجهين قياس 27 سم رقم B-082575 B-082576 مقام صبا.

بسبب استمرار الثورة ومقاطعة المصريّين للبضائع الإنكليزيّة بناءاً على طلب سعد، تمّ اعتقاله ثانية من قِبل القوّات البريطانيّة ونفيه إلى جزيرة سيشيل بالمحيط الهنديّ ثمّ أعلنت الحكومة البريطانيّة بشكلٍ فرديّ تصريح 28 فبراير عام 1922 والذي ألغى الحماية البريطانيّة على مصر وحوّلها لانتداب وحوّل السلطان إلى ملك، لم يغيّر هذا التصريح شيئاً في الثورة المصريّة فاضطرّ الإنكليز إلى إعادة سعد إلى مصر في سبتمبر 1923 وأنشأ سعد حِزب “الوفد” ودخل به الإنتخابات البرلمانيّة التي اكتسحها الوفد وبناءً عليه شكّل الوفد الحكومة التي أقرّت دستور عام 1923 والتي رأسها سعد باشا زغلول.

محمّد العربي

أنشد الكثيرون في هذا الحدث والذي اعتبره الكثيرون اتّفاقاً بين الشعب والملك، من محمّد العربي نستمع إلى موّالَي “يا مصر لا تحزني” و”يا مصر شايفِكن” وهما موّالين متّصلين يحتفلان بتكليف الملك فؤاد سعد باشا زغلول تشكيل الوزارة، التسجيل في خريف عام 1923 لشركة بيضافون على وجهين قياس 27 سم رقم B-083142 B-083143 مقام راست.

لم يستمرّ سعد في الحكومة كثيراً، فقد استغلّت الحكومة البريطانيّة حادث مقتل السير لي ستاك، قائد الجيش المصري في السودان، وفرضت على حكومة سعد شروطاً تخضيعيّةٍ على لسان مندوبها السمي في مصر السي اللنبي، رفضها سعد وتقدّم باستقالته وحلّ الملك فؤاد برلمان الوفد على أنّ البرلمان رفض الحلّ وأصرّ على سعد رئيساً للحكومة، لكن آثر سعد الاستقالة بعد مظاهرةٍ عسكريّةٍ للسفن الإنكليزيّة على شواطء الأسكندريّة في حركة إنذارٍ تنبيء عن نكبةٍ تشبه نكبة عام 1882 حيث غزت القوّات البريطانيّة مصر وهُزمت قوّات عرابي، بعد هذه الحادثة نأى سعد بنفسه تماماً عن الحياة السياسيّة وأقام في شبه عُزلةٍ من وقتها أي حوالي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1924 حتّى وفاته يوم 23 أوغستس (آب) عام 1927.

أم كلثوم

 

 

على الرغم من أنّ وفاة سعد جاءت في فترةٍ كانت الحكومة المصريّة معاديةً للوفد، إلا أنّ زعيم الأمّة شُيّع في جنازةٍ شعبيّة مهيبةٍ ورثاهُ كلّ الشعراء وغنّى له أشهر المغنّون المراثي، وأشهرها قصيدة “ذكرى سعد” التي نظمها رامي ولحّنها القصبجي وغنّتها أم كلثوم عام 1928، على أنّنا سنستمع إلى مرثيّةٍ أخرى بصوت الحاجّة زينب المنصوريّة في شكل موّالين متّصلين سُجّل كلّ واحدٍ منها على وجه اسطوانةٍ قطر 27 سم يحمل الملصق الأوّل عنوان “يا مصر مالِك حزينة”، والثاني “يا مصر ابكي على سعد”، التسجيل لشركة بوليفون صيف عام 1927 مصنّف رقم V43483R V43484R مصفوفة 6271 ar 6272 ar مقام راست.

إلى هنا نصل إلى ختام حلقة اليوم من برنامج من التاريخ، على أمل اللقاء بكم في حلقةٍ جديدةٍ مع شخصيّةٍ أو حدثٍ تاريخيٍّ جديد، فإلى اللقاء!

  2013  /  الإذاعة  /  Last Updated نوفمبر 28, 2013 by  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien