You are here:   Home  /  الإذاعة  /  041 – التسجيل 1

041 – التسجيل 1

enar

3001-VOCC,-Ismail-Hafez,-Koull-Men-Yiachaq-Gamil-I-wwwBrown Wax Edison

 

أصدقائي المستمعين أهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج “من التاريخ”. 

حلقة اليوم حلقة إستثنائية بامتياز، فهي ليست عن شخصية وليست عن حدث وإنما عن حالة ظهرت في مطلع القرن العشرين أو نهايات القرن التاسع عشر وهي حالة التسجيل.

التسجيل بدأ على “الكبايات\البوق\السيليندر”(cylinder) بتاريخ غير معلوم في الشرق الأوسط، وفي مصر تحديدا، ولكن ما لدينا من وسائل ووثائق تاريخية هي عن الاختراع الذي تلى الأسطوانة وأخذ نفس الإسم وإن كان الشكل ليس أسطوانيًا وهو القرص ذو 78 لفة. ومن أبرز من اهتموا بالتسجيلات التي تمت على الأقراص ذي 78 لفة بالبحث الموسيقي هو أولًا الدكتور علي جهاد راسي الأمريكي من أصل لبناني وبعده الأستاذ الدكتور فريديريك لغرانج الباحث الفرنسي وهو معنا اليوم ليحدثنا عن تاريخ التسجيل وتحديدًا تاريخ شركات الأسطوانات.

سبق وقلنا أن هذه الحلقة عن حالة ولست عن حدث أو شخص.

• تمامًا. 

• فماذا تقول عن تاريخ التسجيل أو إذا كانت هناك معلومات غير التي أعرفها عن تاريخ “الكباية” ثم بعد ذلك دخول التسجيل على القرص الذي أخذ نفس الإسم “الأسطوانة”؟  

• “يا مصطفى أفندي” هذه مسألة لا بد من أن ننظر إليها من ثلاث زوايا، أولاً: لا بد من أن نتحدث قليلًا عن تاريخ دخول شركات الأسطوانات إلى الشرق الأوسط، وكيف تطورت صناعة الأسطوانة وصناعة الموسيقى المسجلة في الشرق الأوسط ما بين أواخر القرن التاسع عشر إلى حوالي سنة 1932، وسنوضح  لماذا نضع هذا التاريخ فاصل بين حقبتين، كذلك لا بد من أن نتحدث من زوايا  ثانية وهي تأثير الأسطوانة أو القرص على الحياة الموسيقية في الشرق الأوسط، وأخيرًا لا بد من أن نتحدث أيضًا عن تأثير الأسطوانة على الموسيقى بحد ذاتها.

• فنبدأ من بداية تاريخ دخول شركات الأسطوانات إلى الشرق الأوسط وبدايات إرهاصات التسجيل التجاري في الشرق، في مصر وفي بلاد الشام وفي بلاد المغرب. يبدو كما سبق أن قلت أن البداية كانت “الكبايات”  (cylinders) ، المعروف أن عبده الحامولي سجل عدد من “السيليندرز” وكذلك الشيخ يوسف المنيلاوي وأظن أنك تستطيع أن تسمعنا نبذة قصيرة من تسجيلين نادرين، هناك تسجيل للشيخ يوسف المنيلاوي موجود على موقع الإنترنيت التابع لجامعة جنوب “كاليفورنيا” (University Of California, Santa Barbara, ،  UCSB)، وعلى هذا الموقع هناك العديد ربما أكثر من 10 أو 15 تسجيل “كبايات قديمة، منها تسجيلات قد تكون لعبده الحامولي. 

• وابراهيم القباني ويوسف المنيلاوي وغيرهم. 

• تمامًا.

• لكن هل هذه التسجيلات كانت تسوق تجاريًا ؟

• لا شك أنها فعلًا كانت تسوق تجاريًا، لكن كانت تسوق تجاريا لمن؟ لعلية القوم فقط يعني أن عدد الآلات الموجودة في الشرق الأوسط في نهاية القرن التاسع عشر لن أقول أنها كانت تعد على أصابع اليد الواحدة ولكن أكيد أن العدد لم يكن يتعدى ربما مئة جهاز أو مئتين بالكثير، فقط الطبقات البوربجوازية  والطبقة الأرستوقارطية هي التي كانت تمتلك آلة مثل هذه الآلة، لدرجة أنه حتى في نهاية القرن التاسع عشر أنا أتذكر أن أستاذنا على جهاد راسي يذكر في رسالته أنه عثر على قصاصة من الصحافة المصرية في نهاية القرن التاسع عشر حيث يستغرب صاحب المقالة كيف تستطيع مكنة أن تتلفظ بحروف اللغة العربية التي يخطئ نطقها الأجانب بشكل عام. يستغرب ويستبعد تماما أن تكون آلة غربية قادرة على أن تتكلم بل أن تتغنى باللغة العربية، ولكن بعد ذلك فعلا كان هناك عدد من التسجيلات النادرة على “كبايات” وأقترح عليك أن تسمعنا نبذة مقتطف صغير من تسجيل “كادني الهوا”

• نسمع سي عبده. حسنا لنتحرك عدة سنوات إلى الأمام بعد وفاة سي عبده، فقد توفي سنة 1901 ثم تغير الوضع نسبيا متى كان ذلك؟

• بالضبط سنة 1903، 1903 بمثابة الزلزال في التاريخ الموسيقي في الشرق الأوسط، “كاروزو” مطرب الأوبيرا الشهير هو الذي بين قوصين صنع الأسطوانة في الغرب. “كاروزو” كان أشهر مطرب في الغرب، المطرب الإيطالي أو مغني الأوبيرا الإيطالي المشهور، فأسطوانات “كاروزو” جعلت كل الجمهور المتلهف إلى الاستماع إلى هذا الصوت الجبار يشتري هذا الجهاز الجديد “الأقراص” التي اخترعها “بيرلينر، ذاع سيط “كاروزو” من الشرق إلى الغرب، ثم قررت شركات الأسطوانات الناشئة في أمريكا وإنجلترا و ألمانيا وفرنسا أن تفتح أو أن تغزو العالم، الخيار لك في أن تختار اللفظة التي تفضلها. فبداية الغزو أو بداية الفتح بالنسبة للشرق الأوسط سنة 1903.

• متى كانت تسجيلات “كاروزو”؟ 

• “كاروزو” سنتي 1900 و1901، يعني أنه سنتين بعد تسجيلات “كاروزو” بدأت شركات “غراموفون” و”زونوفون”، “زونوفون” كانت الفرع الإيطالي لشركة “غراموفون” البريطانية. الحملة الأولى في مصر كانت سنة 1903، يبدو أن مطربي الصف الأول امتنعوا أمام هذه البدعة ليس لأسباب دينية، فقط أرادوا أن يدفعوا المطربين المبتدئين لتجربة هذا الوسيط الجديد ليروا النتيجة ثم  يفكروا في الأمر، فحملة التسجيل سنة 1903 لم يشترك بها أي من الأصوات الكبيرة كالشيخ يوسف المنيلاوي وعبد الحي حلمي، ربما الاسم اللامع، اللامع قليلا الذي اشترك في هذه الحملة هو سيد السفطي

• وهو كان قد بدأ يلمع.

• تماما كان قد بدأ نجمه يسطع ولكنه يسطع بحدود. فالأسماء التي احتفظ بها التاريخ، أسماء هذه الدفعة الأولى من المطربين اللذين جربوا الوسيط الجديد هم من المجهولين تماما وهناك أسماء مضحكة، مثلا هناك واحد اسمه محمود التلغرافجي وواحدة اسمها نفوسة البمبشية ونظيرة الفرنسوية، وهم مغمورين تماما أو شبه مغمورين. في هذه الحملة نوعين من التسجيلات هي إما عوالم يغنون أغاني خفيفة والتي سميت بالطقاطيق تقريبًا في أواخر القرن التاسع عشر ولكنها طقاطيق أفراح، وعوالم يغنون الغناء الراقي من أدوار وقصائد وهذا الصف الثاني والثالث من مطربين الرجال اللذين كانوا  أيضا يغنون أدوار وقصائد، وربما هناك تسجيل للقرآن لكن لست متأكدا، مسألة تسجيل للقرآن أظن أنها كان سنة 1904 أو 1905، لم يتم في الحملة الأولى سنة 1903 لأنهم كانوا ينتظرون فتوى من الأزهر تبيح تسجيل القرآن ومتى يمكن للمرء أن يستمع للقرآن ليس في قراءة حية ولكن من أسطوانة.

• إذا عدنا إلى سنة 1903  في الحملة الأولى للتسجيلات هناك شئ غريب، وهو وجود إسم أظن أنه كان لامعا كملحن أكثر من مطرب وله تسجيلات في هذه الحملة وهو ابراهيم القباني. 

• ابراهيم القباني هو فعلا من الملحنين الكبار ونظير داوود حسني، وربما لن أقول منافس ولكن هو الذي يأتي في الترتيب مباشرة بعد عبده الحامولي ومحمد عثمان، إبراهيم القباني أظن أن صوته قد تغير وربما أنه من حسن حظنا أنه سجل في سنة 1903 قبل أن يتغير صوته وقبل أن يصبح غير قادر على الأداء بشكل جيد.

• لقد مرض.

• حملات التسجيل تلاحقت بعد سنة 1903، أولاً مع  شركة “غراموفون- زونوفون” البريطانية. حملة تسجيل في الإسكندرية  وفي القاهرة سنة 1904 بلاد الشام ابتداءً من سنة 1905، فتلت “غراموفون” البريطانية الشركات الألمانية.

• “أوديون في أي سنة أتت إلى مصر؟

• “أوديون” دخلت إلى مصر حوالي سنة 6|5|1904، المشكلة مع “أوديون” أنه خلاف “غراموفون” لا توجد حتى الآن طريقة موثقة لتأريخ تسجيلات “أوديون”. بالنسبة إلى “غراموفون” ليس هناك أي مشكلة لأن الأسطوانة عليها رقم المصفوفة (matrix number) واعتمادا على رقم المصفوفة يمكن للباحث أن يحدد ليس يوم التسجيل ولكن على الأقل شهر التسجيل، مثلا يناير 1911  شئ من هذا القبيل، بالنسبة إلى “أوديون” فالأمور تقريبية إلى حد ما فلا بد من أن نعتمد على علمنا بوفاة هذا سنة كذا، فقد تكون البداية سنة 1904 أو 1905 الله أعلم، وحتى الآن لم نتوصل إلى نتيجة حاسمة بالنسبة إلى تسجيلات “أوديون، وكذلك وهي مشكلة لم نتوصل كذلك إلى التأريخ الدقيق لأول تسجيلات شركة “بيضافون”. “بيضافون” هي حالة استثنائية، هي إحدى حالتين استثنائيتين في الشرق الأوسط هما”بيضافون” و”مشيان”. معظم شركات التسجيل كانت شركات عالمية وأوروبية. قد يستغرب المرء لماذا ليس هناك أي شركة أمريكية دخلت الشرق الأوسط! وهذا لسبب بسيط لأن شركة “غراموفون”   البريطانية هي نفس شركة “فيكتور الأمريكية، فقد يعثر المرء حتى الآن على أسطوانات للشيخ يوسف المنيلاوي أو لعبد الحي حلمي عليها ملصقة “فيكتور”، ولكن “فيكتور” هي نفس “غراموفون” هي نفس الأسطوانات البريطانية التي كانت تسوق للمهاجرين العرب في أمريكا بملصقة “فيكتور”. يبدو أن فعلا البريطانية “هيز ماسترفويس”|”غراموفون”|”زونوفون” أخذت على عاتقها مهمة التسجيلات الخارجية خاصة في الشرق الأوسط، وهناك شركة بريطانية أخرى لم تدخل السوق الشرقية إلا ابتداء من العشرينات وهي “كولومبيا”. نعود إلى مسألة “بيضافون” و”مشيان”، فخلاف إذن لهذه الشركات العالمية “بيضافون” هي شركة لبناية هي شركة عربية وهي لعائلة “بيضا”، عائلة لبنانية معروفة ومؤسسا الشركة بطرس وجبريل بيضا، أسسا هذه الشركة في بيروت وحتى الآن نعثر على أسطوانات قديمة والملصقة مكتوب عليها أبناء عم “بيضا”- بيروت|سوريا.

• وحتى في التقديم نسمع “أسطوانات بيضا”، أبناء عم بيضا”بيروت ثم يقول إسم القالب|الفقرة.

• أصبحت شركة “بيضا”  الشركة العربية لدرجة أنها كانت تلعب على وتر كونها شركة عربية غير الشركات الأجنبية بحيث أنها كانت تسمى ماركة “الغزالة”، وطبعا الغزالة غير كلب “هيزماسترفويس”. الشركة العربية صاحبة الغزالة، الشركة الأجنبية صاحبة الكلب. ثانيا: “بيصافون” هي الشركة الوطنية، بدأت بفتح فرع في مدينتين مهمتين بالنسبة إليها المكان الذي كانت الأسطوانات تصنع فيه أي بيرلين في ألمانيا، الفرع الخارجي غير اللبناني الأول “لبيضافون” هوإذن في برلين، وتزامن فتح فرع برلين مع أهم مدينة في الشرق الأوسط في بداية القرن العشرين القاهرة، فالبداية بيروت ثم برلين والقاهرة ثم فروع أخرى تقريبا في كل مكان في مصر ولكن بالنسبة إلى التسجيل فرع في دمشق وفرع في بغداد وفرع  في تونس وفرع في مراكش في بلاد المغرب. فقد كانت فعلا الشركة العربية التي تسجل كل المطربين العرب، ومع أن أول إرهاصات “بيضافون” كانت مع صوت المطرب الجميل الذي لا بد من أن تسمعنا صوته قليلا: فرج الله بيضا، إسمه ينطق ِفرج الله بيضا في هذه الأسطوانات القديمة نستمع إليه قليلا. مع فرج الله بيضا بدأت “بيضافون” ولكنها انتقلت إلى مصر  بسرعة وأظن أن معظم المبيعات أتت ليس من المطربين الشوام ولكن من المطربين المصريين الكبار، وعرفت شركة “بيضافون” كيف تستقطب كبار أساتذة وفطاحل الغناء كعبد الحي وسيد السفطي وغيرهما الكثير من  المطربين.

 

• حسنا لننهي عند رحلة تطور “بيضافون” حلقة اليوم من برنامج “من التاريخ،” ونستكمل في الحلقة القادمة الحديث عن شركات الأسطوانات في الوطن العربي إلى أن نلتقي لكم منا أطيب المنى.

 

  2014  /  الإذاعة  /  Last Updated يناير 8, 2014 by  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien