You are here:   Home  /  الإذاعة  /  072 – الشيخ يوسف المنيلاوي 2

072 – الشيخ يوسف المنيلاوي 2

enar

 

062-YMN-1-B, Manyalawi, Man Lahou Aahdon 046-YMN-B, Manyalawi, Ya zeinabou el hasna (Kassida)

 

مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة لفنون تقدم: “من تاريخ”

أهلا وسهلا بكم سادتي المستمعين في حلقة جديدة من برنامج “من تاريخ” نستكمل فيها الحديث عن الشيخ يوسف المنيلاوي.

الموال عند يوسف المنيلاوي، يوسف المنيلاوي موال فعلا.

هو في حد ذاته موال، نعم  والله.

الموال الذي اخترناه هو موال “في ظل أهداب عيونك”، وهو من نظم إسماعيل باشا صبري، ولحنه طبعا مرتجل والمقام بياتي، يقول نص هذا الموال: 

في ظل أهداب عيونك ورد خدك آل 

والحسن ميراث عن يوسف لوجهك آل

والبدر ويه الشموس في حسنهم لك آل

لو قلت للصب قول كل الملاح جندي 

وللجمال مملكة من غير مشارك آل

فكرة الموال هي فكرة جناس، سواء كان جناس تام أم جناس مركب، فمتعة الموال هي متعة مزدوجة في الواقع، لأن المستمع لا بد أولا من أن يطرب لجمال صوت المؤدي، وثانيا يحاول المستمع أن يفك شفرة الموال، فإن عدنا إلى كلمات هذه القطعة “في ظل أهداب عيونك وردك خدك آل”، “آل” الأولى هنا هي من قيل من القيلولة، ثم “والحسن ميراث عن يوسف لوجهك آل”، هذه المرة فعل آل/يؤول، ثم “والبدر ويه الشموس في حسنهم لك آل”، هنا كلمة آل بمعنى الأهل، وأخيرا “وللجمال مملكة من غير مشارك آل”، هذا فعل قال/ يقول جواب الشرط، عملية تفسير أو شرح ألغاز الموال تسمى “تزهير” زهرة الموال، “فزهرناه” لكم فاستمتعوا بهذا الموال…

الشيخ يوسف المنيلاوي

الشيخ يوسف المنيلاوي

بما أن الشيخ يوسف المنيلاوي كان منشدا، فالقصيدة أو النظم الفصيح سيكون له جانب كبير جدا من حياته، قلت النظم الفصيح لأنه غنى أشاء لها علاقة بالتخميس مثلا وليس فقط شعر مباشر، فالقصيدة هنا أعني بها القصيدة كقالب موسيقى وليس كقالب شعري.

تماما خاصة القصيدة على الوحدة، قالب القصيدة المرسلة غالبا ما تكون القصيدة كقالب موسيقي هي أيضا قصيدة على الصعيد الشعري… (“من له عهد بنوم”)

إنما بالنسبة إلى القصيدة التي تغنى على الوحدة، كثيرا ما نجد في النصوص قطعا ليست قصائد بل قد تكون تخميس أو شعر قيل بلغة وسطى بين العامية والفصحى، مع أنها تميل إلى الفصحى أكثر مما تميل إلى العامية. الشيخ يوسف المنيلاوي انتقل إذن من البطانة إلى التخت، فأخذ معه تقاليد البطانة تقاليد المنشدين، وللغناء الصوفي بصمات نستشفها بسهولة في أداء الشيخ يوسف للقصائد، أولا فلننظر إلى حصيلته من القصائد، من أين تأتي هذه القصائد، نسبة القصائد في تسجيلات يوسف المنيلاوي مرتفعة عن نسبة القصائد في كل معاصريه، هو فعلا قد تخصص في أداء القصيدة والقصيدة على الوحدة، السؤال الذي نستطيع أن نطرحه هنا هو متى دخلت القصيدة على الوحدة في أعراف موسيقى التخت، هذه الموسيقى الفصحى كما نسميها؟ أظن أن غناء القصيدة على الوحدة في التخت قد يكون من ابتكارات هؤلاء المنشدين اللذين قبلوا أن يغنوا مع التخت، اللذين قبلوا فكرة الانتقال من الغناء الديني إلى الغناء الدنيوي، علما أن الفارق بين الديني والدنيوي قد يكون فرقا طفيفا أو مبهما وأن خط التماس ليس بهذا الوضوح.

على كلن خط التماس له علاقة بالكلام وليس اللحن.

تمام، كيف انتقل فن البطانة إلى التخت؟ أشك في أن تكون القصيدة على الوحدة هي فعلا المهر الذي أتى به فن المنشدين في هذا التزاوج الذي وقع في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر ما بين التقليد المدني الدنيوي وفن المنشدين، من أين أتت النصوص؟ عندما يتم التمحيص في أصل النصوص الشعرية المتغنى بها، يبدو أن نصفا من هذه القصائد هي قصائد صوفية، سواء فهمناها بالمعنى الديني أو بالمعنى الدنيوي، لأن ميزة نصوص عمر بن الفارض على سبيل المثال وغيره من المتصوفين من العصر الأيوبي ثم المملوكي ثم العصر العثماني أنها نصوص يستطيع المرء أن يفهمها إما بمغنى صوفي إما بمعنى غزلي لأنها نصوص تحتمل التفسيرين…(قصيدة “فيا مهجتي ذوبي “)

فنصف هذه الحصيلة التي سجلها يوسف المنيلاوي هي نفس هذه النصوص الصوفية ذات الطابع الديني المحتمل فهمه كغزل دنيوي، والنصف الثاني هي قصائد يعود زمن نظمها إلى العصر العباسي، وأشك أن غنائها ظل مطردا على مدى القرون، بل أرجح أن يكون قد حصل إعادة اكتشاف لهذا الشعر العباسي خاصة أن عددا من القصائد التي نجدها مسجلة في بداية القرن، نعثر عليها في مختارات “البارودي”.

هذا هو، وهناك كمية مختارات لا بأس بها ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر، مختارات من دواوين، عدة شعراء مع بعضهم في كتاب واحد، إعادة طبع كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، حتى الكتب الموسيقية مثل “سفينة الملك” ومثل الخلعي كانت في آخرها تذَيّل ببعض القصائد، أنا أعتقد أنهم قد أتوا بها من هذه المصادر مجتمعة.

وهذا لا يمنع أن تفهم هذه النصوص فهما مخالفا للنية الأصلية، على سبيل المثال أقترح أن نستمع إلى قصيدة “يا زينب الحسناء”، من يقرأ قصيدة “يا زينب الحسناء” قد يظن علما بأن القاهرة هي مقر جامع السيدة زينب، قد يتخيل المرء أن هذه القصيدة قيلت في السيدة زينب، وبالتالي أن تكون قصيدة ذات طابع ديني، أما في الواقع هذه القصيدة مذكورة في كتاب “الأغاني” وقيلت في زينب لا تمت إلى زينب حفيدة الرسول بصلة قريبة أو بعيدة.

فهذا معنى معكوس، إطفاء لمحة دينية على قصيدة أصلا كتبت دنيويا، معنى معكوس للأشعار الصوفية التي كان يطفى عليها طابع غزلي والقصد فيها طابع صوفي أو تأملي ديني. 

مما يؤكد ضبابية الفصل بين المفهومين، فلنستمع إليها، وتمتعوا بالبيت خاصة الأخير “هيهات منك العمل الأريب”، جميلة جدا “الأريب” هذه…

إلى هنا أصدقاءنا المستمعين نكون قد وصلنا إلى نهاية حلقة اليوم من برامج “من التاريخ”، والتي تحدثنا فيها عن الشيخ يوسف المنيلاوي، وإلى حلقة أخرى نواصل فيها الحديث عن الشيخ يوسف المنيلاوي نترككم في الأمان.

“من التاريخ”، فكرة وإعداد: مصطفى سعيد

 

064-YMN-2-B, Manyalawi, Fa Ya Mohgati Zoubi II 038-YMN-B, Manyalawi, Fi Zell ahdab Oyounak 

 

  2014  /  الإذاعة  /  Last Updated أغسطس 14, 2014 by Amar  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien