You are here:   Home  /  الإذاعة  /  177 – الطريقة القبانجية 5

177 – الطريقة القبانجية 5

enar

مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “من التاريخ”.

عبد الرحمن خضر مع القبانجي

عبد الرحمن خضر مع القبانجي

سادتي المستمعين أهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج “من التاريخ”، نواصل فيها الحديث عن الطريقة القبانجية ويواصل الحديث معنا الأستاذ حسين الأعظمي.

  • ماذا عن أتباع محمد القبانجي؟
  • أتباع محمد القبانجي اخترت القليل منهم، فهم كثر، سأستعرض ولو بشكل سريع أهم المغنين الذين اتبعوا المدرسة القبانجية في المقام العراقي. أبرز أتباع الطريقة القبانجية كان المرحوم عبد الرحمن خضر، الذي ولد عام 1925 وتوفي عام 1984 بعد مرض عضال،المقامي عبد الرحمن خضر ولد في محلة الفضل في بغداد، معروفة جدا هذه الحارة، وتوفي فيها أيضا، درس في مقتبل عمره في الكتاتيب، نقصد بالكتاتيب الملا.
  • دراسة دينية.
  • نعم دينية، نسميها الكتاتيب في بغداد، لم يحصل على شهادة دراسية أكثر من الابتدائية، وربما لم يتعداها، وهو الأرجح، في بداية شبابه أخذ يتردد للاستماع إلى المناقب النبوية الشريفة والأذكار والتهاليل. في هذه الفترة من حياته بدأ يخطو أولى خطواته في سلسلة تعلم  المقام العراقي. تأثر شديد التأثر بأستاذ الأجيال محمد القبانجي بصورة تكاد تكون مهيمنة تماما على شخصيته وخصوصيته الأدائية. في عام 1948 دخل الإذاعة العراقية لأول مرة وسجل أول مقام له، وكان مقام “الأورفة” مع أغنية “ربيتك زغيرون حسن”. في عام 1948 ودخوله الإذاعة بدأت مسيرة عبد الرحمن خضر، عبد الرحمن خضر مطرب يمتلك خامة صوتية رائعة للغاية، ولكنه أهدرها بشكل كبير، بحيث لم يكن تقنيا أبدا في تطبيقه للأصول المقامية التاريخية، فكان ينقص كثيرا من أصول المقام العراقي عندما يغنيه، وقد حللت مقامات كثيرة فيها الكثير من النواقص، لا يهتم لذلك ولا يهتم أيضا للنقاد، كان يغني ما يخطر على باله.
  • يغني حسب مزاجه.
  • ذكرت في كتابي عن تسجيلات عبد الرحمن خضر، فقد سجل عبد الرحمن خضر كثير من المقامات العراقية في الإذاعة والتلفزيون، والتي كان فيها اتكاليا لم يجتهد في إنجاز أي إبداع شخصي جديد يسجل له فيها، بقي يرث ممتلكات أستاذه محمد القبانجي الإبداعية دون أن
    عبد الرحمن خضر

    عبد الرحمن خضر

    يحاول عمل شيء جديد.
  • وقد مات قبله سبحان الله.
  • رغم كل هذه الممتلكات الأدائية الجاهزة، فقد كان كثيرا ما يؤدي المقامات وهي ناقصة، غريبة! أنت تسطو على هذه الممتلكات والموروثات من أستاذك لماذا تغنيها ناقصة! ناقصة من حيث شكلها المقامي، هو أمر عجيب، ونستطيع أن ندرك ذلك مثلا عندما نستمع إلى مقامالحجاز ديوان في قصيدة عمر بن الفارض:  

أبرق بدا من جانب الغور لامع        

أم ارتفعت عن وجه ليلى البراقع

أسفرت ليلا فصار بوجهها نهارا

به نور المحاسن ساطع.

هي من القصائد الصوفية الرائعة جدا. إخفاقاته في التسجيل وتجاهله للنقد، في عموم هذه الحالة من عدم الاهتمام الدقيق لعبد الرحمن خضر في غنائه للمقامات العراقية، لم يكن يتبين ما يريد على وجه التحديد، ماذا يريد؟ لانعرف! هو من ناحية يغني مقامات صغيرة كانت أم كبيرة، يؤكد فيها طموحاته بأنه يستطيع تأدية عدة مقامات، بل وأصعبها من حيث المساحة الصوتية التي يمتلكها، إنه جريء حقا، ولكن من الناحية الأخرى لا يعبأ بالشكل ولا يعير له اهتماما ملحوظا. ولم يلتفت أيضا إلى النقاد الموسيقيين

عبد الرحمن خضر

عبد الرحمن خضر

المقاميين، ولم يصغِ لهم، ظل يؤدي المقامات على هواه وكما عرفها، لقد أراد عبد الرحمن خضر أن يصل إلى شيء في أدائه بقراره هو، ويأمل أيضا ألا ينقده النقاد المتخصصين، لفائدته أو غير ذلك، لقد غنى مقامات كثيرة وخدم التراث المقامي بما استطاع، ولكن لم يكن بالإمكان تحاشي اللامبالاة للنقد… نأتي إلى حمزة السعداوي، حمزة السعداوي حقيقة عكسه تماما، لا يمتلك خامة صوتية بجودة خامة عبد الرحمن خضر، ولكنه يهتم كثيرا بالشكل المقامي، ويصلح ان يكون معلما.

  • الشكل المقامي على الطريقة القبانجية وليس على الطريقة القندرجية.
  • شكل المقام أقصد النوع.
  • كالقندرجي.
  • بالضبط، القطع والأوصال التأريخية المتوارثة عبر الأجيال.
  • هل كان معلما فعلا؟ فقد قلت إنه يصلح معلما.
  • حمزة السعداوي ولد عام 1928 وتوفي عام 1995، ولد المطرب حمزة السعداوي في كربلاء، من محافظات وسط العراق عام 1928، وقد أنهى دراسته الابتدائية فيها، ومنذ أن كان صغيرا كان محبا للغناء والموسيقى، وخاصة المقام العراقي. في شبابه انتقل ليقيم في العاصمة بغداد، أتيحت له فرص كثيرة لمشاهدة ولقاء الخبراء والمغنين، ولكنه في هذه الفترة من بدايات مسيرته الفنية كان قد تأثر تأثرا كبير بالمطرب الكبير يوسف عمر، بحيث قلده بصورة تكاد تكون ببغائية، كلاما ولحنا، وقد سيطر
    حمزة السعداوي

    حمزة السعداوي

    على كل ذوقه الجمالي، وأصبح حمزة السعداوي بالتالي مقلدا ليوسف عمر بصورة تكاد تكون متطابقة. في السبعينات استأجر مقهى “المتحف البغدادي”، وبدأ يقيم الحفلات أسبوعيا في عصر كل جمعة من كل أسبوع، وقد شهد مسرح “المتحف البغدادي” هذا في مقهاه المقامي ضمن إحدى حفلاته الأسبوعية بدايتي وصعودي عليه لأول مرة حيث غنيت مقام المخالف في ذلك اليوم الذي صادف يوم الجمعة 1973/3/23، بتشجيع من المطرب حمزة السعداوي، أنا خريج هذا المقهى.
  • جميل!
  • الفضل يعود له حقيقة، حمزة السعداوي وأنا في السنوات العشر الأخيرة لم يكن أحدنا يكلم الآخر، مع العلم أنا أذكر جميله، وهذا من حقه، له الفضل في صعودي على المسرح لأول مرة، ولكن النقاد وبعض العذال والحاسدين غيروه علي وجعلوه يتكلم عني بشكل غير إيجابي، في حين هو من شجعني وهو من قدمني، وكان يفخر بي، تركته ولم أتكلم عنه أبدا بسوء. قبل وفاته رآني وكلمني قائلا: لماذا أنت هكذا؟ فقلت له: كيف تتحدث  عني بسوء؟ كيف جعلوك هؤلاء تتحدث عني؟ أنا دائما أتحدث عنك بكل طيبة وبكل وفاء، المهم اعتذر الرجل. وعندما توفي أبنته في بيتي في إحدى جلسات المجلس الثقافي الذي كنت أعقده في بيتي في صباح كل خميس من كل أسبوع، استمر عشر سنوات. أبنته في بيتي وجئت بالمنشدين، وأقاموا منقبة نبوية بمناسبة وفاته وفاءً له، على الرغم من أنني لم أكن أكلمه. بسبب تقليدية حمزة السعداوي لم يستطع أن يصهر  المعلومات الكثيرة الموجودة لديه عن المقام، لم يستطع أن يصهرها وينوع أساليب أساتذته الأدائية في أسلوب خاص به، ظل يقلد يوسف عمر، لم يبتكر لنفسه طريقة خاصة وهو المتمكن ويعرف الكثير من خصوصيات وتفاصيل المقام العراقي، إذ يبدو لنا بصورة واضحة أنه استسلم جماليا في التلذذ التام بسماع وتذوق المقامات التي أداها يوسف عمر. ورغم كل ذلك كان السعداوي أكثر وعيا من معاصره المطرب عبد الرحمن خضر في تقليد أستاذه محمد القبانجي، فقد كان حمزة السعداوي كثير الاهتمام بالشكل المقامي والأصول التقليدية لمسارات اللحن المقامي متفهما ومدركا لأهمية قيمة هذه الأصول في الأداء المقامي، وله قدرة جيدة على الحديث عن المقام العراقي وأصوله الأدائية بصورة جيدة تدل على وعي بتفاصيل المسألة، يصلح أن يكون معلما بجدارة، ولكن رغم الطبقات الأدائية المختلفة في صوته وسعته، كمساحة من فصيلة “التينور” (tenor)، إلا أنه لم يمتاز بجمال هذا الصوت، إذ يشعر السامع لمقاماته المسجلة وكأن الصوت يأتي من بعيد، أو إن صوته عند الأداء يبدو مضغوط عليه، كأنه مخنوق….
    حمزة السعداوي

    حمزة السعداوي

 

إلى هنا أصدقاءنا المستمعين نصل إلى ختام حلقة اليوم من برنامج “من التاريخ”، إلى أن نلتقي في حلقة جديدة نواصل فيها الحديث عن الطريقة القبانجية، نتقدم بخالص الشكر للأستاذ حسين الأعظمي، ونتقدم أيضا بخالص الشكر لكل من استعنا بمكتباتهم في التسجيلات وقد ذكرناهم بالإسم في حلقات سابقة، إلى أن نلتقي في حلقة جديدة من برنامج “من التاريخ” نترككم في الأمان.

 

“من التاريخ، فكرة وإعداد: مصطفى سعيد.

 

  2016  /  الإذاعة  /  Last Updated أغسطس 25, 2016 by  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien