You are here:   Home  /  الإذاعة  /  199 – التمرين 2

199 – التمرين 2

enar

مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “نظامنا الموسيقي”.

أعزائي المستمعين نرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج “نظامنا الموسيقي” مع الأستاذ مصطفى سعيد عن التمرين.

من أين نأتي بالتمارين؟

من الموسيقى التي تسمعها، فتسمع شخص يقوم بكذا تأخذ عنه وتقوم بسلسلة من هذه المادة ومن هذه التقنية التي تريد أن تكتسبها، تقوم بعدة سلاسل وبعد ذلك أنت بنفسك تأخذ هذه التقنية فتجد إنه قام بشيء معين، فتقوم باقتراح شيء جديد لتضيفه، فقد سمعت منه شيء جميل فتحاول تطويره بطريقة أخرى، فتقوم بتمرين ما تستطيع من خلاله أن تخرج الجملة بشكل معين، يأتي غيرك ويسمعك فيقول إنك قمت بكذا، فلم لا نطورها هكذا، الجملة تستحضر نفسها.

لو أخذنا العربة والحصان من خلال هذا المنظور، هناك الكتب والمناهج المكتوبة للتمارين والتي تبدأ بتمارين، حتى العازف المتعلم لا يعرف لماذا وضعت، فالعربة أمام الحصان في هذه الحالة.

إجمالا المناهج تعبأ مثلا على أساس أن شخص ما يريد أن يكمل الديبلوم في ثمان سنوات، أو يريد أن يكمل الديبلوم في أربع سنوات، يجب أن يقسم منهج ما على هذه السنوات “علشان أكل العيش مر”.

في هذه الحالة التمرين مكتوب حتى لو لم يشرح السبب، نحن نعرف إن التمرين مشكلة وحل، فمثلا لديك مشكلة في الإصبع الرابع الحل هو التمرين الفلاني حسب وجهة نظر فلان.

إلى وقتنا هذا لا أستطيع أن أفهم وجود كم مهول من التمارين على تقنية واحدة مثلا، ثم لا أستطيع أن أفهم ماذا يعني أن تضع منهج لآلة، وحتى هذا في الغربي، وكل شخص يده تختلف عن الأخرى! كل حالة بحالتها، لدرجة أنني في إحدى المرات استسلمت كنت أريد من شخص أن يمسك العود بطريقة معينة ، لكن تركيبة جسمه مختلفة، فوجدته يُخرج الصوت الذي أريده بمسكة مختلفة وبوضع صحي، حسنا ماذا أفعل؟ أفرض عليه مسكة يدي لا! هو مرتاح هكذا.

إذن المقنع هو الخروج بالناتج، والعربة والحصان كل واحد في مكانه الصحيح. هل من طريقة لتوثيق هذه التمارين لفائدة الآخرين أم نظام المرشد والمريد؟

فتى يتمرن

فتى يتمرن

نظام المرشد والمريد هو الأنجع، وإن كان في زماننا المرشد يمكن أن يسجل ويصور ويقوم بكل شيء، الوضع في تحسن جدا في هذا الشأن.

هل يجب وضع فكرة الآلة جزء منك كعازف من أجل تمرين ناجح؟

لا تكلمني أنا في هذه المواضيع، إذا لم تكن الآلة هي التي تنفذ فكرك حكاية هذه زوجتي وابني الصغير لا تنفع.

هي في النهاية وسيلة، لديك إمكانيات غير متمكن منها في البدء، تكتسبها يوم بعد يوم وتبنيها يوم بعد يوم بوعي على آلة، لا تستطيع أن تنفذ العمل الفني بدونها.

صحيح، اللهم لا اعتراض أنا لا ألغي أهمية الآلة، ولكن أقول من سيسير هذه الآلة هو رأسك، قد يمسك أحد الآلة ويُخرج منها شيء مختلف تماما.

إذا افترضنا الآن هذا الجو من التمرين المنتج ووضعنا في هذا الموضوع آلتين عود وكمان، عود وكمان وناي عند نفس العازف، كيف تلعب هذه الآلات دور في التأثير على بعضها؟ بالتمرين الناجح على كل آلة؟ شخص متعدد الآلات هل يكتسب خبرات من تمرينه على الآلات المختلفة؟

بصراحة لم أجرب، لا أعرف.

ولا من خلال تجارب أناس آخرين؟

لا أعرف، أنا لا أذكر أنني تدربت أو تعمدت أن أتدرب إلا على العود، لماذا؟ ليس لدي إجابة شافية ووافية على هذا السؤال، ولكن أي آلة أخرى أمسكتها أو عزفت عليها لم أحاول أن أتدرب عليها، فبالتالي ليس لدي إجابة على سؤالك، ولكن ربما تجد هذه الإجابة عند غيري، ولكن أنا لا أعرف، ولكنني مثلا أستفيد عندما أسمع سامي الشوا على الكمنجة، أو عندما أسمع محمد العقاد أو يوسف زعرور، أو عبده صالح على القانون أحاول أن أستفيد منه، أو عندما أسمع آلات مثل السيتار أو اللوت أو التوبا  أو الكوتو او الشاميسين أو الطار أو الكمنتشي او الطنبور، عندما أسمع كل هذه الآلات أحاول أن أستفيد، ليس بالضرورة أن أتمرن عليها أبدا، لكن يمكن أن أستفيد منها.

ماذا لدينا في تراثنا أو مخطوطاتنا أو ما وصل لنا عن السابقين عن موضوع التمرين؟

الكندي مثلا كتب تمرين للعود، وأبو الحسن الطحان كتب كيف يتمرن الشخص أيضا على العود، وصفي الدين الأرموي كتب تمارين أيضا، وفي الفترة العثمانية هناك مخطوطات لا بأس بها في هذا الشأن، وبعد ذلك في آخر القرن التاسع عشر تظهر كتب مثل “تحفة الموعود في تعليم العود”، يكلمنا أكثر عن شكل المراس ومسكة الريشة والعزف والأصابع الشمال إلخ، الأرموي أيضا يتكلم عن هذه المواضيع، لكن “تحفة الموعود في تعليم العود” يتكلم بشكل أكثر تفصيلا، بعد ذلك في القرن العشرين نجد شخص مثل سامي الشوا قرر أن يؤسس منهج اسمه “تعليم الكمان”، منهج كامل للكمنجة، وغيره للعود مثل عبد المنعم عرفة وسفر علي قاما بمنهج لدراسة العود وغيرهم الكثير، إلى وقتنا هذا لايزال هناك مناهج للآلات.

هذه كلها كتب، لكن هل سمعنا أناس يتكلمون عن تمرينهم؟ هناك تسجيل لسامي الشوا في البي بي سي يقول فيه إنه يتمرن، ولكن هل هناك تفاصيل أكثر أو آخرين غير سامي؟

هو نفسه كتب في مقال بأنه يتمرن كثيرا، ومحمد القصبجي قال ما يشبه ذلك في حوار من حواراته في العشرينات، وغيرهم الكثير ممن تكلموا عن التمرين، حتى رياض السنباطي تكلم عن التمرين أيضا.

هل وصف أحد تمرينه أو وصلنا شيء منهم عن طريقة تمرينهم؟

للأسف لم يحاورهم أحد بالتفصيل في هذا الشأن، يا ليت لو كان لدينا أشخاص يحاورونهم في هذا الشأن، فبالتالي نصل إلى كيف كانوا يتمرنون، لكن للأسف الحوار كان يرتكز على الشكل الشخصي، فأضاع علينا أشياء كان يمكننا الاستفادة جدا منها وهي كيف كان هؤلاء الناس يتمرنون.

هناك مقولة لهايفتز عازف الكمان الشهير يقول: إذا لم أتمرن يوما فإنني أعلم أنني لم أتمرن يوما، وإذا لم أتمرن يومين فالفرقة تعلم أنيي لم أتمرن، وإذا لم أتمرن ثلاثة أيام فالجمهور يعلم أنيي لم أتمرن”، ما هو تعليقك على المراس والأشخاص الذين يتمرنون أو لا يتمرنون؟

بصرف النظر عن الأوقات إلا أن أول شخص يعرف بأنه يجب أن يتمرن هو الشخص نفسه، الذي ينكر يُنكر نفسه وهذا موضوع آخر، بعد ذلك المحيط وجمهوره يكون على علم بأنه في حفلة معينة لم يكن متمكنا تماما، ولكن هذا ليس بالضرورة أن يكون بسبب سوء التمرين إنما بسبب سوء المزاج، أقصد أن أقول بأنني لا أعرف ما إذا كان يتكلم بالشكل الاستعراضي أو الشكل الموسيقي، إذا كان يتكلم بالشكل الاستعراضي للتمرين أكيد سيظهر ذلك، وإذا كان يتكلم بالشكل الموسيقي فالتمرين ليس كافيا، المزاج أيضا قد يكون ليس على ما يرام فيشتغل الشخص بخبرته فيظهر بأنك اشتغلت بخبرتك، عزفت في الحفلة بخبرتك، لم يكن هناك مزاج.

ما العمل مع المزاج؟ هل نتمرن مزاج!!

لا أعرف بصراحة إذا كان لديك تمرين للمزاج يكون جيدا.

ماذا نسمع من تسجيلاتنا لأناس تمرنوا؟

يمكننا أن نسمع تقسيم تجولات مثلا لسامي الشوا، فيه وضوح على أنه تمرن ولم يعتمد على المَلَكَة فقط…

هل رأيت تسجيلات فيها دلائل تمرين أو دلائل إرشادية على تمرين أو وضع تمرين في تراثنا؟

شركات الاسطوانات هي شركات تجارية وليس تعليمية، لكن يمكننا أن نقول إن تسجيلات مؤتمر الموسيقى العربية سنة 1932 هي تسجلات نموذجية لحفظ الموشحات مثلا، عند درويش الحريري يعطيك الموشح وطبوعه وإيقاعه ووزنه، اي الأصول، ويغني لك خانة أو اثنين وأنت تكمل…. هذا نموذج ما تعليمي يقول لك إذا أردت أن تتمرن على هذا الموشح فتمرن عليه هكذا، لكن ما عدا ذلك معظم التسجيلات الأخرى كان الغرض منها السمع، فبالتالي لا يوجد تسجيلات تجارية وصلت لنا من تسجيلات شركات الاسطوانت لكيفية التمرين.

أشرت لي سابقا إن هناك تسجيلات لرياض السنباطي فيها رائحة التعليم.

التقاسيم الستة التي سجلها رياض السنباطي لشركة صوت القاهيرة هي تسجيلات واضح جدا فيها وجود غرض ما تعليمي، يقول إذا أردت أن تقسم راست فهذا مسار الراست في جمل طويلة، ليس مجرد جمل قصيرة تعرفك بالمقام، بل جمل طويلة مع انتقالات إلخ، إذا أردت بياتي فهذا هو وإذا أردت حجاز هذا هو، هي عدة تقاسيم يقصد من خلالها التقسيم ولا شك، ولكن أيضا يقصد أن يعلم وليس أن يقسم فقط.

هل يمكننا أن نسمع شيء منها؟

حسنا…

إلى هنا نأتي إلى ختام حلقتنا اليوم من “نظامنا الموسيقي” مع الأستاذ مصطفى سعيد مشكورا، وإلى لقاء قريب.

“نظامنا الموسيقي”، برنامج من إعداد: مصطفى سعيد.

  2017  /  الإذاعة  /  Last Updated يناير 26, 2017 by  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien