مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “دروب النغم”.

أهلا وسهلا بكم سادتي المستمعين في حلقة جديدة من برنامج “دروب النغم”، نواصل فيها الحديث عن الحوار الغنائي.

– لنعد قليلا إلى الوراء، لفكرة وجود بنتين تغنيان.

– ظاهرة!

– ظاهرة لأن لدينا الكثير من الاسطوانات على هذا النحو، مثلا نينا وماري، ماري منصور والآنسة عايدة، ما قصتهما؟

– أما نينا وماري واضح إنهما على قدر ما من التعليم، ولديهما ازدواجية في الغناء، فمرة تغنيان على تخت، ومرة أخرى تغنيان على فرقة جاز. بعض أغانيهما تكون عادية، وأغاني أخرى فيها عنصرية أيضا، يعني مثلا “Black Bottom” هي أغنية عنصرية تماما ضد الأشخاص ذوي البشرة السوداء، غير معقول أنا أرى حقيقة لو كان هناك رقابة فيجب أن تكون على هذه الأغاني، وفي نفس الوقت تغنيان مثلا “إن جيت للحق”، أغنية في قمة الطرب، لديهما قدرة جيدة على الطرب، أنا لا أفهم ما كانتا تفعلان في الناحية الأخرى مع أوديون.

– لنسمع “إن جيت للحق”.

– حسنا لنسمع “إن جيت للحق”، هو ثنائي جميل، نلاحظ التناغم والانسجام بين صوتيهما، الصوتان يغنيان دائما، لا يوجد أي سؤال وجواب بينهما، دائما الصوتان يغنيان مع بعض دون انقطاع، هو شيء أشبه بالثلاثي المرح في الستينات، هو غناء شبه جماعي، هو غناء كورال وليس حوار، ودائما الصوتان يغنيان مع بعض.

– الفرقة التي معهما من تكون؟

– الفرقة التي معهما مع هيزماسترزفويس…

– “حلوين”.

– “ولاد ناس”، حسنا لنسمع مقطع صغير من غناء الجاز لديهما… طريفة.

– “لا بأس”.

– حسنا وماري منصور وعايدة!

– ماري منصور وعايدة تسجيلاتهما أقل بكثير من نينا وماري، هل هي نفسها ماري أم لا؟ لكن أيضا صوتها متداخل مع عايدة ولا نستطيع أن نفهم، الأسطوانة التي أرجح سماعها هي زفة 1931، زفة 1931 هي شيء ما بين الزفة والنقد الاجتماعي، نستطيع أن نسمعها.

– هي نفس الفترة سنة 1931 مع هيز ماسترزفويس.

– نعم نفس السنة….

– هناك تقليد في المسرح الغنائي الغربي فيه ثنائيات تغني على لحن واحد كلام مختلف.

– أو حتى على لحنين وأحيانا أكثر من اثنين.

– أو حتى على لحنين ولكن هذا الأمر موجود كثيرا في الأوبرا وفي الأوبرا بوفا، وموجود في البولفار، هل لدينا نماذج من هذا النوع؟

– موجود في مشهد من أوبيريت “شهرزاد”، الذي من المفترض إنه لُحِن سنة 1921 لفرقة سيد درويش عندما انفصل عن نجيب الريحاني، في هذا المشهد الباش سنجقدار القديم الذي عزلته شهرزاد وهو قارا آدم أوغلو، وحلفائه قمع الدولة والوزير الذي من المفترض إنه يتكلم بلهجة شامية، يتضح في النهاية إنه آتٍ من زحلة. قارا آدم أوغلو وقمع الدولة يتآمران على  زعبلة الباش سنجقدار الجديد الذي كان عسكريا وأعجب الملكة، فعينته السنجقدار، مارشال خشوشبار جاجانكير، جعلته الباش سنجقدار والآخر اقيل من منصبه، وفي نفس الوقت حورية التي تحب زعبلة، وزعبلة يحب حورية، والملكة شهرزاد تريد أن تجذب زعبلة وأن تستخلصه لنفسها.

– كيف ترجم هذا الشيء بثنائي؟

– المشهد فيه زعبلة ذاهب إلى الحرب، والباش سنجقدار يتآمر عليه، الملكة تعطي الأوامر والجيش يرد، هذه الحوارية في نهاية “دقت طبول الحرب يا خيالة وادي الساعة دي ساعة الرجالة”، لحن بديع جدا لسيد درويش، من نغم الراست، له تسجيلان، تسجيل لمحمد البحر سنة 1932 في المؤتمر، قانون مصطفى رضا وعود يبدو هو نفسه، أو من معه سيد مصطفى، وهناك تسجيل لاحق، تسجيل أوركيسترالي قام به محمد حسن الشجاعي، وحول اللحن من راست إلى ماجور (Major)، أنا لا أنصح أن نسمع هذا التسجيل، لنسمع التسجيل الأقرب لإرادة الشيخ سيد درويش، وهنا يوجد لحنان يغنيا في النهاية مع بعض، لحن يتمنى النصر للجيوش والامتثال إلى الباش سنجقدار إلخ، واللحن الثاني يقول “واحد يعلى واحنا تلاتة أما عجايب أما تباتة واحد يعلى واحنا تلاتة” إلخ، شخص يقول “تلاتة” وشخص يقول “تلاتيه/تلاتي” لأن كما قلنا الوزير من زحلة، في النهاية كلهم يختمون بلحن واحد، اللحن يختم بنغم واحد، ليس لحنين كما بدا، هذا اللحن فيه شيء جميل، لا أستطيع أن أقول عنها “كاونتربوينت” (Counterpoint)، ولا أستطيع أن أقول إنه لم يسمع وتأثر “بالكاونتربوينت”، هو تأثر “بالكاونتربوينت” لكن خرج بشيء آخر، لنسمع هذا اللحن، لحن “دقت طبول الحرب يا خيالة” من أوبيريت “شهرزاد من محمد البحر، سيد مصطفى ومصطفى رضا.

– هذه تسجيلات المؤتمر؟

– نعم تسجيلات مؤتمر الموسيقى العربية 1932…

إلى هنا نصل إلى ختام حلقة اليوم من برنامج “دروب النغم”، إلى أن نلتقي بكم في حلقة جديدة نواصل فيها الحديث عن الحوار الغنائي، نترككم في الأمان.

قدم هذه الحلقة الأستاذ كمال قصار.

“دروب النغم”