يعتبر عبده الحمولي، مع محمد عثمان، أحد قطبَيْ التجديد في موسيقى عصر النهضة الذي سُمِّي أيضاً العصر الذهبي لما زخر به من إنتاج أدبي وموسيقي كماً ونوعاً.
ولد عبده الحمولي سنة 1841 (هناك تذبذب بين المصادر، في تحديد تاريخ ميلاده، إذ تذكر تواريخ مختلفة بين 1840 و1845) في مدينة طنطا، وكان والده يمارس تجارة البن. وقد نقم والده عليه بسبب ولعه وتعلقه بالغناء منذ الصغر، واستعر الخلاف بين الأب والابن حتى دفع عبده وشقيقه الأكبر الى الفرار من منزل الأسرة، فهاما بين المزارع والغيطان يعانيان من قسوة الجوع والعطش والوحدة إلى أن حطّا الرحال في بلدة منية القمح والتقيا بالفنان المعلم شعبان الذي أحسن اسقبالهما. اكتشف شعبان موهبة الحمولي وراح يلقنه أصول الغناء وأدخله في تخته. كان المعلم شعبان مطرباً معروفاً وعازفاً على القانون تتلمذ على يديه الفنان داود حسني والمطربة نعيمة المصرية. واصطحب شعبان عبده الحمولي إلى القاهرة وعمل معه في قهوة عثمان آغا، وهو أحد المقاهي المنتشرة في الغابة التى أضحت فيما بعد حديقة الأزبكية. ولتوطيد العلاقة وربطه به، عمد شعبان الى تزويج عبده بابنته، إلاّ أن سوء المعاملة والاستغلال الذي مارسه شعبان بحقه دفع بعبده الى الطلاق من ابنته وتركه إلى منافسه محمد المقدم (وهو مطرب اشتهر في أواسط القرن التاسع عشر وكان من أتباع الطريقة الليثية، وقد أخذ عنه عدد من المطربين أصول الغناء ومنهم محمد سالم الكبير)، لكنه سرعان ما تركه بسبب سوء المعاملة التي لقيها منه أيضاً فعمد إلى تكوين تخته الخاص وضم إليه مشاهير الموسيقى: محمد العقاد (قانون)، أحمد الليثي (عود)، إبراهيم سهلون (كمان)، أمين البزري (ناي)، محمد كامل الرقاق (إيقاع)، أحمد حسنين (مذهبجي). وقد توالى عدد المغنين الذين بدأوا حياتهم الفنية مذهبجية في تخته، منهم، إلى جانب أحمد حسنين، عبد الحي حلمي ومحمد السبع ومحمد البغدادي ومحمد نصر الدين.
انطلق عبده يغني في الملاهي والأفراح وأقبل على ألحان محمد عثمان المجددة في لياليه، فوجد فيها منطلقاً جديداً يفجر فيه صوته وموهبته. سمعه الخديوي إسماعيل فأعجب به وألحقه بحاشيته واصطحبه معه إلى الأستانة حيث غنّى مراراً بحضرة السلطان. هكذا جعلته مخالطته للأتراك وموسيقاهم يقدِّم ألحاناً تجمع بين المزاج المصري والمزاج التركي، فأدخل بعض الأنغام التي لم تكن مألوفة في مصر، ومنها مقام الحجازكار الذي لحنّ منه أدواره المشهورة: “مليك الحسن في دولة جماله” و”الله يصون دولة حسنك” و”كنت فين والحب فين”.
لم يكل شهود العيان والسمع عن وصف جمال صوت عبده الحمولي وسحر مغناه وقدرته الفذة على الابتكار. فكثيراً ما كان يتناول دوراً لمحمد عثمان فيعيد صياغته خلال الأداء. وقد عرف بكرمه الحاتمي وخلقه الدمث.
اشترك عبده الحمولي مع أحمد أبو خليل القباني الدمشقي في مجموعةٍ من الروايات التي قدمتها فرقة القباني بدار الأوبرا في شهر كانون الثاني/يناير 1895. وكانت تلك أول مرة يعتلي فيها مطرب عربي خشبة مسرح الأوبرا، ما شجع بعد ذلك الشيخ سلامة حجازي على تخطي تردده والعمل في عالم المسرح. استفاد الحمولي كثيراً من تعاونه مع القباني الذي كان ملحناً قديراً وعالماً بأسرار الموشحات وعلم المقامات والأوزان.
اقترن عبده بالفنانة ألمظ التي ورثت صدارة الغناء عن الفنانة ساكنة، إحدى أقدم المغنيات العوالم في ذلك الحين. إلاّ أنَّ عبده منعها نهائياً من الغناء حتى توفيت في 1891 فرثاها بدورٍ مطلعه: “شربت الصبر من بعد التصافي ومرّ الحال ما عرفتش أصافي”.
توفي عبده الحمولي في 12 أيار/مايو 1901، ورثاه الشاعر أحمد شوقي بقصيدة مطلعها: “ساجع الطير طار عن أوكاره وتولى فن على آثاره”.