والده هو الشيخ حسنين سالم، خرّيج الأزهر، وأحد أساتذة القراءات في مصر. تزوّد الزّاد الأزهري بدوره، وهذا ما ظهر في أدائه للقصائد بنطق مهذّب ومعان واضحة. والتقى خلال دراسته الأزهرية بالتلميذ زكريا أحمد، فنشأت صداقة وطيدة بينهما، وقد اتّفق الاثنان على الذهاب إلى بيت الشيخ درويش الحريري لدراسة أصول الموسيقى العربية بموشحاتها وأدوارها. كما التحق الشيخ أمين بنادي الموسيقى الشرقية الذي كان يرأسه مصطفى رضا، عازف القانون، ودرس هناك فترة من الزمن. ثم لجأ بعد ذلك إلى داوود حسني الملحّن، ونهل من فنّه وألحانه… ومكّنه ذلك كله من الموسيقى العربية بأوزانها ومقاماتها، وأصبح قادرًا على التنقل بين أنغامها بيسر وحلاوة.
جمع في البداية بين أن يكون مقرئًا منشدًا ورعًا، وأن يكون مطربًا يعيش على هواه، يسهر ويغنّي ويطرب.
في أواخر العقد الثاني من القرن الماضي، أدّى عددًا من الأدوار التي قدّمها إليه القصبحي، كان أحدها بعنوان: على ضي القمر والكاس، من نظم يونس القاضي. ومشى بعد ذلك في ركب الطقطوقة الحرّة، وكانت أولاها من زميله زكريا أحمد: إوع تكلّمني بابا جاي وراي، من نظم عبد الحميد كامل، وأدّاها بالاشتراك مع الفنانة عزيزة المصرية.
تمتّع بصوت جميل عذب، ونفَس صاف طويل، كما غلبت على إنشاده مسحة من العاطفة والحنان، مما جعله يُلقَّب بالمطرب الحنون.
وبعد انصرافه الكلي إلى الغناء كانت شركة بوليفون الألمانية السّباقة إلى الظّفر بصوته ، ممّا أدّى إلى أن تنطلق تسجيلاته بين الأسماع.
كان كل من صالح عبد الحي وزكي مراد وعبد اللطيف البنّا بين معاصريه من المطربين، كما أنّه عاصر في البداية المطرب سيّد الصّفتي، وقد أنشد بالإضافة إلى أغانيه الخاصة الكثير من الأعمال التّراثية موشحاتٍ ومووايل وأدوارًا كشأن كلّ مطرب متمكّن مقتدر ؛ ونذكر من تلك الأعمال :
- أراك عصي الدمع، قصيدة (غنّاها عبده الحامولي والمنيلاوي وعبد الحي حلي وصالح عبد الحي وزكي مراد وأم كلثوم، وآخرون…).
- بستان جمالك، دور لمحمّد عثمان (غنّاه المنيلاوي وعبد الحي حلمي وصالح عبد الحي…).
- يا بدر إيه العمل، موّال (غنّاه الصّفتي وآخرون…).
زار دولاً عديدة وأحيى فيها السهرات وأقام الأفراح، ومنها فلسطينوالأردن والعراقوسورياولبنان وأخيرًا تونس حيث استقرّ نهائيًا بمساعدة وتشجيع من صديقه الفنان سيد شطا، عاملاً في إذاعتها حتى النهاية في العام 1968 (أما ولادته فكانت في مصر في العام 1894، وهناك من يذكر 1889). في ربوع لبنان أمضى أيّامًا جميلة ، خصوصًا حين كانت حالته المادية زاهرة، لكنّه عانى هناك مشكلة تحديد هويته الإبداعية بين أن يكون مقرئًا أو يكون مطربًا، فآثر الرحيل. وفي تونس عانى أيضًا مشكلة تسهيل العمل الفني وإتاحة الفرص، خصوصًا في المؤسسات الرسمية، ومن المحتمل أن يكون سبب تلك الصعوبات هو تقرّبه في فترة الحرب العالمية الثانية، من قادة المحور وتعرّفه إلى أحد أهم قادتها الجنرال رومل، ولو كانت علاقته تلك أعمق وأشدّ، لربّما أدّى به الأمر إلى ما هو أدهى وأخطر.
من أعماله (التي سجّلمعظمها لدى شركة بوليفون):
- إذا كان خصمي حاكمي، قصيدة.
- أسرتِ فؤادي بسحر العيون، قصيدة من تلحين عبده قطر.
- ألا زعمت ليلى، قصيدة.
- إلهي يا ربّ القلوب، دعاء من تلحين سيّد شطّا.
- ألو ألو…متين ألو ولا حدّش ردّ، ديالوغ بالاشتراك مع الفنانة رتيبة أحمد.
- دعيني أناجي لوعتي، قصيدة من تلحين داود حسني.
- سمعت طير عالشجر، موّال.
- شبّيكي لبّيكي، طقطوقة من نظم بديع خيري وتلحين زكريا أحمد.
- مررت بالبحر فاهتاجت لرؤيته عواطفي وبكت عيني على الأثرِ
وهي قصيدة من تلحين صالح الفروجي، سجّلها أكثر من مرّة في مصر وتونس، وتعتبر من أشدّ أعماله ارتباطًا بشخصيته الفنّية.
المراجع:
- كتاب لطفي المرايحي: الشيخ أمين حسنين سالم: عصر من الطرب، تونس 2004.
- بعض مواقع الإنترنت.
- برنامج ألحان زمان- إذاعة القاهرة.