“طارق عبد الله-موسيقي وباحث مصري”
فن العود خلال عصر النهضة على ضوء الأسطوانة
شهد مطلع القرن العشرين الذي واكب بداية عصر التسجيلات (1903) تزايدا ملحوظا في المؤلفات النظرية التي أعادت للعود مكانته كآلة مرجعية نذكر منها “صفاء الأوقات في علم النغمات” لدرويش محمد (1902) [1]، “نيل الأرب في موسيقي الافرنج والعرب” لأحمد أمين الديك، وكتاب “تحفة الموعود بتعليم العود” لمحمد ذاكر بك الذي يعد أول منهج للعود (1903). وأخيرا كتاب الموسيقي الشرقي لكامل الخلعي (1904). الا أن تسجيلات العزف المنفرد لعصر الأسطوانة في مصر 1903-1937 تظهر وجودا محدودا للغاية للآلة من ناحية الكم قياسا إلى الآلات الأخرى لاسيما آلة الكمان التي عرفت طريقها الي التخت خلال الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، يليها القانون ثم الناي، بينما تحتل تسجيلات العود المنفردة المرتبة الأخيرة[2].
وربما يعزي ذلك الي انشغال أغلب العوادين الأفذاذ من أمثال الشيخ على القصبجي (1854-1924) وإبراهيم القباني (1852-1927)، بالغناء والتلحين والتعليم، فالقباني[3] مثلا لا نسمعه منفردا إلا مرتين في تقاسيم موقعة مقتضبة، تارة بمصاحبة الشيخ يوسف المنيلاوي[4] وتارة أخري في أحد تسجيلات بشرف قره بطاق السيكاه مع سامي الشوا وعبد الحميد القضابي.
علينا أن نقر بأن الأسطوانة هي مرآة غير صادقة لواقع الحياة الموسيقية والممارسة العملية خلال عصر النهضة، والدليل على ذلك هو هذا الكم من أسماء العوادين الذين اشتهروا بحسن التوقيع ولا نجد لهم أية تسجيلات من أمثال: أحمد الليثي، محمد الشربيني، عبد العزيز الشربيني، سيد الصغير، ومحمود الجمركشي الذي لا نجد له أي ترجمة[5]. وان رجحت بعض المصادر أن الليثي قد سجل بعض الأسطوانات الشمعية ما بين 1895-1898 مع عبده الحامولي والشيخ يوسف المنيلاوي.
عام 1912سجلت بعض أسطوانات التقاسيم والمارشات والبشارف لعواد آثر عدم ذكر أسمه حيث كتب على ملصق الأسطوانة “المتحجب العواد الشهير”، الذي قد يكون أحد البكوات أو الباشوات من الهواة من أمثال حسين باشا السيوفي أو موسى بك صادق الذي كانت داره ملتقي لأهل الفن. أما منصور عوض (1880-1954)، فلم يسجل الا عددا يسيرا من التقاسيم عامي 1913-1914رغم كونه مديرا فنيا لشركة جراموفون لسنوات طويلة. خلال نفس الفترة سجل داود حسني بعض أسطوانات التقاسيم المرسلة والموقعة (على ضرب الوحدة أو البمب)، وقد غلب النوع الثاني علي تسجيلاته وتميز فيه، بل وكان له بعض التأثير على معظم تقاسيمه المرسلة. كذلك سجل عازف الكمان سامي الشوا عددا من أسطوانات التقاسيم المرسلة على آلة العود فاق ما سجله عازف ماهر كرياض السنباطي.
تعد تسجيلات “تخت” أوديون (1904) لمجموعة من البشارف التركية والمصرية من أقدم الأمثلة على فن العود المصري المنفرد. وقد احتوت البشارف على بعض التقاسيم الموقعة التجاوبية (بشرف اليسبار وقره بطاق السيكاه)، بالإضافة إلى التقاسيم المرسلة[6] بالتناوب بين ثلاثة عازفين من الحذاق وهم: الحاج سيد السويسي علي العود والذي يبدو انه كان رئيس التخت، وعبد العزيز القباني (قانون)، وعلي صالح (ناي). وتجدر الإشارة هنا الي تأثر القصبجي الكبير بأسلوب سيد السويسي سواء على مستوي بناء الجمل اللحنية المرتجلة وتلاحقها، وفي الزخارف اللحنية والايقاعية، وعلى مستوي قوة الزخم (الضرب بالريشة) وسرعته، وخفة حركة اليد اليسرى. ويمكننا مثلا مقارنة أدائي السويسي والقصبجي لبشرف قره بطاق السيكاه[7] (أسطوانة1، رقم 16). ويبدو أيضا أنه حاكي أسلوبه في مصاحبة القوالب الغنائية كالقصيدة والدور وفي عزف المقطوعات المؤلفة كما تشير تسجيلات السويسي مع سليمان أبو داود في قصيدة (الزم باب ربك) أو في دور (مثلك إذا حكم بالعدل أحسن)[8]، ومع شقيقته وتلميذته وحيدة مصر الحاجة سيدة السويسية[9] في دور (القلب داب ياما دابت عين)[10]، التي تنم جميعها عن عبقرية السويسي كواحد من أعظم عازفي العود خلال تلك الفترة. بيد أننا لا نعرف شيء عن حياته ونشأته ولا عن سبب عدم تسجيله لتقاسيم منفردة. كما لا نعرف ما إذا كان القصبجي كان يعرفه شخصيا أم تتلمذ على يده من خلال تسجيلاته أم جمع بين الأمرين.
تمثل حقبة العشرينيات التي استهلها القصبجي عصرا ذهبيا لفن العود المنفرد، حيث سجلت أسطوانات لداود حسني، والشوا، وشحادة سعادة، ورياض السنباطي، والعراقي عزوري أهارون بالإضافة الي تقاسيم للعازف التونسي خميس ترنان. بدءا من عام 1927، شرع عددا من عازفي العود من الهواة في خوض تجربة تسجيل الأسطوانات من أمثال: أمين المهدي (1895-1959) الذي سجل عددا من السماعيات والتقاسيم لشركة أوديون. وكامل بك رشدي تلميذ أحمد الليثي الذي سجل تقاسيم بياتي على وجهين لشركة بيضافون عام 1929، وبشرف اليسبار بمصاحبة مصطفي بك ممتاز عازف الكمان، والتي نلاحظ أن الجزء التقسيمي جاء على إيقاع البمب وليس على الوحدة[11]، مما جعلها ذات طبيعة راقصة.
أتاحت الإذاعة المصرية بدءا من عام 1934 فرصة أكبر لحفلات الموسيقي الآلية والعزف المنفرد. فكون أمين المهدي خماسيا تصدره بعوده ضم كلا من إبراهيم العريان علي القانون، وجرجس سعد علي الناي، وأحمد العريان علي الكمان ومصطفي العقاد ضارب الرق. وقدم كذلك بالإضافة لكل من: السنباطي وصفر بك علي وكامل رشدي حفلات عزف منفرد، بينما غاب اسم القصبجي عن برنامج الإذاعة كما غاب من قائمة المشاركين في مؤتمر الموسيقا العربية بالقاهرة عام 1932 في حين برز اسم محمد عبد الوهاب في لجنة الآلات.
أسطوانات القصبجي المنفردة
كتب محمد عبد الوهاب في فضل أستاذه على فن العود “ولأول مرة كان يسمع العود من القصبجي كالمطرب تماما وقد زحف بيده الشمال التي تعفق الأوتار وصعد بها على الوتر، في الوقت الذي كان عازف العود يضع يده الشمال على رقبة جامدة لا تتحرك فيها إلا أصابع على أوتار، أما اليد ذاتها فإنها كانت كالحجر لا تتحرك. وأحيانا يضرب على مقام[12] ومقام آخر معا كالثالث أو الرابع حسب إمكانية أصابعه. الأمر الذي كان لا يعرف في ذلك الوقت. فقد كانت اليد الشمال في ذلك الوقت جامدة لا تتحرك ومتشنجة على رقبة العود، بدرجة أن العواد عندما كان يعزف على الأوتار العليا ثم يعفق بأصابعه إلى أن يصل إلى جواب الحركة ويريد أن يصعد إلى جواب “النوا”، كان لا يكلف خاطره بتحريك يده إلى أعلي ليضرب جواب النوا. ولكنه يستلفه من النوا المنخفض الموجود أصلا في العود“، (ص 93-94).
استهل القصبجي تسجيلاته المنفردة عام 1921 بثلاث أسطوانات لشركة أوديون مثلت ثورة حقيقية في فن العود. سجل علي اثنيتن منهما أربعة تقاسيم من مقامات الراست والنهاوند والبياتي والحجاز (أسطوانة 1، رقم 1-4) بينما سجل على الثالثة بشرف الاسحاقي البياتي (أسطوانة 1، رقم 5) الذي قام بتسجيله لاحقا مع سامي الشوا لشركة بيضافون ثم مع كلا من الشوا وعلي الرشيدي لشركة كولمبيا. في عام 1923 سجل القصبجي أربع أسطوانات لشركة بيضافون خاض فيها تجربة تسجيل تقاسيم راست مجنس يشغل مدة وجهي الأسطوانة (رقم 8)، وتقاسيم نهاوند مصري-تركي (رقم 6-7) حاول فيها المزج بين المدرستين يظهر فيها جليا تأثره الكبير بتقاسيم جميل بك الطنبوري. كما أضاف مقام الحجازكار والرقص المصري (رقم 9-10) الذي سجله بعدها لشركة جراموفون عام 1927 تحت عنوان رقص “دلع الهوانم” مع بعض التقاسيم، وتسجيلات كولمبيا خلال نفس العام. وضع فيها خلاصة علمه وعمله. أعقب تلك التسجيلات فترة خمول حيث من الواضح أنه انشغل أكثر في التلحين الغنائي خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققه مع أم كلثوم في منولوج “ان كنت أسامح وأنسي الأسية” عام 1928. ثم سجل اسطوانتين متباعدتين عامي 1933 و1937 احتوت على تقاسيم ذات طابع أكثر معاصرة حيث استخدم الاربيج والعفق المزدوج على وترين.
أهم ما يلفت النظر في كافة التسجيلات هو صوت عود القصبجي وتسويات أوتاره وعددها ومساحتها الصوتية إذ يستخدم العود السبعاوي (إلى جانب العود السداسي) بعد أن أدخل على قياساته وتسويته بعض التعديلات الجوهرية. سنحاول فيما يلي القاء بعض الضوء على دور القصبجي في النهوض بفن العود المنفرد بدءا من الصناعة إلى تحليل بعض المفردات الموسيقية والتقني-جمالية التي تميز مدرسته.
إضافات القصبجي لصناعة العود المصري
عرف عن القصبجي سعيه الدؤوب لتحسين صناعة العود والنهوض بفنه. يذكر محمود كامل ان القصبجي كان يري قصورا في آلة العود بأشكالها وامكانياتها الراهنة “فسعي الي تصميم مقاييس جديدة وأحجام مختلفة” وكان ذلك لسببين: “حتى يمكن عزف البوزيسيونات (مواضع العفق المتقدمة على العنق ناحية الصندوق الصوتي) عليها بسهولة ويسر، ولتصدر صوتا أكثر ضخامة وقوة، مستخدما في ذلك قواعد حسابية ونظريات هندسية معينة في تحديد طول الوتر من الأنف الي الفرس وتركيب الدواقيس التي تحمل وجه العواد في أوضاع خاصة وتجويف القصعة … “، (كامل،1971، ص61). يجدر بنا التعرف على أحجام وقياسات العود المصري قبل مساهمة القصبجي في تطويره.
أحجام وقياسات العود المصري
تخبرنا مختلف المراجع منذ وصول الحملة الفرنسية الي مصر (1798-1801) وحتى نهاية القرن التاسع عشر عن ثلاثة أحجام (تبعا لطول الوتر الرنان وحجم القصعة) لنموذج واحد من العود له سبعة أوتار ثنائية الشد[13]. بينما تومئ مراجع وتسجيلات بدايات القرن العشرين أكثر الي استخدام العود السداسي الأوتار وإن أهمل فيه الوتر السادس.
أكد كامل الخلعي (ص 48-50) أن طول وتر العود لدي المجيدين في العزف كان يبلغ 64 سم، وهو عينه طول وتر العود السبعاوي الذي ذكره فيوتو في كتاب “وصف مصر”[14] ونفس طول وتر أقدم عود سبعاوي مصري يعود لأواخر القرن الثامن عشر، والمحفوظ في متحف بروكسل للآلات الموسيقية[15]. وهذا القياس كان يعرف “بالعود المصري الكبير”[16] ولم يعد مستخدما. كان هناك أيضا العود المتوسط الذي يقترب طوله الكلي من طول وتر العود الكبير[17] والذي يبدو أنه استخدم في التخت المصري بدءا من الربع الثاني من القرن التاسع عشر، والعود الصغير.
جدول 1: متوسط قياسات العود المصري السداسي طبقا لصيانات محمود حمدي (1978، ص 74-85)
ملاحظات |
طول الرقبة |
طول الوتر الرنان (سم) |
الطول الكلي (سم) |
حجم العود |
طبقة صوت الرجل الطبيعي |
20.5 |
63 |
73 |
العود الكبير |
أصحاب الطبقات الرقيقة الذي لا يستطيعون الهبوط الي درجة اليكاه (صول1) |
20 |
58 |
66 |
العود المتوسط |
يتناسب حجمه مع حجم السيدات |
18 |
52 |
59 |
العود الصغير |
كما يظهر من القياسات المبينة في الجدول رقم 1، كان طول رقبة الأعواد المصرية السداسية إما أكبر (مثل رقبة العود السبعاوي خلال القرن التاسع عشر) أو أصغر من ثلث طول الوتر مما يصعب من عزف البوزيسيونات. ويبدو أن للقصبجي الفضل في إرساء نسبة طول العنق إلى طول الوتر الرنان بالثلث والثلثين كما هو الحال في العود المعاصر[18].
جدول 2: نسبة طول العنق الي طول الوتر الرنان
أمثلة |
موضع الدرجة الخامسة من الوتر المطلق |
العلاقة بين طول العنق وطول الوتر |
عود الكندي، العود المعاصر |
عند التقاء العنق بالصندوق الصوتي |
طول العنق = 3/1 طول الوتر |
عود ابن الطحان، فيوتو، أدوارد لين، مشاقة |
على صفحة العنق |
طول العنق أكبر من ثلث طول الوتر |
عود كامل الخلعي، أحمد أمين الديك |
بعد التقاء العنق بالصندوق الصوتي |
طول العنق أصغر من ثلث طول الوتر |
ويحسب للقصبجي تقصير طوله الي 60 سم في المتوسط مما مكنه من إضافة وتر جديد بعد وتر الكردان (دو3) كان يضبطه على نغمة جواب الجهاركاه (فا3) التي حلت مكان وتر قرار الجهاركاه (فا1)[19] الذي كان نادر الاستخدام من قبله، وهو ما أضاف مساحة صوتية جديدة للآلة قام القصبجي باستغلالها علي أكمل وجه.
لا شك أن القصبجي قد قام بالتعاون مع كبار الصناع في ذلك الوقت حتى يتسنى له تطبيق أفكاره النظرية (التي ربما استوحي بعضها من قياسات الأعواد الشامية) من أمثال عبد العزيز الليثي صانع معظم أعواده التي منها عود سبعاوي “معدل قصبجيا” عام 1920 (قد يكون هو الذي استخدمه في أولي تسجيلاته). وتعاون القصبجي كذلك مع الحفناوي الكبير صانع أحد أعواده السداسية عام 1925. كما طبق القصبجي نتائج أبحاثه لتعديل الأعواد القديمة النادرة التي اقتني منها عدد كبير وخصص كل منها لاستخدام معين “منها ما كان يستعين به في تلحين الطقاطيق، ومنها ما كان يستخدمه في تلحين المنلوجات (هكذا)، ومنها ما كان يستخدمه في عزف التقاسيم والمقطوعات الموسيقية، ولذلك كان يعتز بتلك العيدان ولا يفرط في واحد منها مهما عرض عليه من ثمن … بل ولم يكن يسمح لاحد أن يلمس عودا منها بيده”. ومن المؤسف أننا لا نعرف مصير تلك العيدان ولم تهتم الدولة بعمل متحفا للقصبجي وأعواده.
إحياء العود السبعاوي
يقول محمد عبد الوهاب ” أثرى القصبجي العود بأوتار جديدة وأصلح منها بطريقة تعطيه مقامات[20] إضافية عن المقامات التقليدية، وعلى سبيل المثال كان القصبجي أول من أصلح “اليكاه” بعد أن كان قرار النوا كصوت خفضه إلى قرار “الجهارمكان”[21]. وأحيانا إلى قرار البوسيلك وكسب بذلك مقامين جديدين تماما. ثم أضاف وترا منخفضا بعد اليكاه وهذا لم يكن موجودا أيضا. وهذا الوتر ربطه كقرار “للدوكاه”. كل هذا كان إثراء للعود ماديا”(ص 93-94).
كان القصبجي أول من أعاد احياء العود السبعاوي[22] وأوجد لأوتاره تسويات بعضها كان معروف وبعضها مستحدث ولا يزال يستخدم الي يومنا هذا بعد أن أنتشر هذا النموذج من العيدان خلال الخمسة عشر عام الماضية. كانت تسوية أوتار العود السداسي هي التالية: يكاه، عشيران، دوكاه، نوا، كردان، ثم قرار جهاركاه[23] (صول1، لا1، ري2، صول2، دو3، فا1)[24]. أما العود السبعاوي، فقد كان يضاف اليه وتر غليظ قبل اليكاه يضبط كقرار دوكاه (ري1) أو قرار سيكاه (مي1 نصف بيمول) حسب المقام المستخدم (ذاكر، ص7).
تشير أولي التقاسيم التي سجلها لشركة أوديون عام 1921 أن تسويات العود جاءت كالتالي: قرار راست (في حالة مقام الراست والنهاوند) أو قرار دوكاه (لمقامي الحجاز والبياتي)، قرار جهاركاه أو يكاه، عشيران، دوكاه، نوا، كردان ثم جواب جهاركاه (دو1 أو ري1، فا1 أو صول1، لا1، ري2، صول2، دو3، فا3). كان من أثر تلك التعديلات أن يزيد من المساحة الصوتية للآلة ليصل بها الي ثلاثة دواوين بعد أن كانت لا تتجاوز ديوانين لدي من سبقه من العوادين.
كما استنبط محمد القصبجي إصلاحات غير معهودة للأوتار الغليظة[25] استخدمها بشكل مبتكر في تقسيمتين من مقامي البياتي والصبا مصورين على درجة النوا سجلهما لشركة جراموفون عام 1927(أسطوانة 1، رقم 11-12). تهدف تلك التسويات الي تفخيم وتقوية النغمات الأساسية (القرار والغماز) للمقام المقسم منه بالأوتار المطلقة دون عفق التي استعملها القصبجي كمسار مواز للجمل اللحنية علي ديوان مختلف. فنجد في حالة مقام البياتي ومقام الحجازكار أن اصلاح أوتار العود كالتالي: دو1، صول1، دو2، ري2، صول2، دو3، فا3. أما في تقاسيم الصبا فنجد أن الوتر الثالث قد ضبط على درجة العجم عشيران (سي1 بيمول)، وهو قرار الغماز.
خلال المقطع الأول من تقاسيم الصبا المذكورة (11 ثانية) يسمع وتر العجم عشيران 9 مرات آخرها بعض القفلة. أما المقطع الثاني وهو الأطول في التقسيمة وأكثرها تعقيدا (44 ث.)، يتأرجح مركز ثقل الجمل اللحنية بين وتري العجم عشيران واليكاه 32 مرة. وأخيرا، في المقطع الثالث وهو الأقصر (7 ث.) نسمع نفس الوترين المصاحبين 8 مرات في سياق جملة لحنية يستحيل تحقيقها بأي طريقة تسوية أخري، مما يؤكد على أهمية نوعية التسوية التي اختارها القصبجي ونجاحه في توظيفها.
يتبين لنا عبر تسجيلات القصبحي أنه جعل من التدعيم الديواني[26] بالأوتار الغليظة في مواضع مدروسة من بداية التقسيمة الي نهايتها أولي دعائم مدرسته لفن العود، الأمر الذي يزيد من رنين عوده خاصة وانه يكثر من نقرهم أثناء العزف وهو ما يضفي فخامة علي صوت الآلة وعمقا على الأداء. لم يكتف القصبجي بالأوتار المطلقة لتدعيم نغمات اللحن، بل استخدم مختلف الدرجات، حتى المعفوقة منها بعد أن كانت تقتصر على ثلاث نغمات على الأكثر.
وأعتمد القصبجي كذلك على التدعيم الديواني بأشكاله المختلفة كجزء أصيل في بناء الجمل الأساسية لمقطوعاته المؤلفة حتى التي يغلب عليها الطابع المعاصر كما يثبت تسجيل مقطوعة كابريس (أسطوانة2، رقم 9). كما يستخدمه بشكل إيقاعي في قالب الرقص (أسطوانة1، رقم 10). ويمكننا القول انه استعار تلك التقنيات من آلة القانون (التي تعلمها من محمد العقاد الكبير) حيث تعمل كل يد علي ديوان مختلف لتصدر صوتي القرار والجواب معا أو بالتتابع، ثم طورها لتلائم طبيعة آلة العود كما أراد لها أن تكون.
مؤلفات القصبجي
يعد إنتاج القصبجي في مجال تأليف الموسيقي الآلية البحتة قليل للغاية حيث لا نعرف له إلا سماعي واحد ومقطوعة ذكرياتي وعمل حمل اسم كابريس، بالإضافة الي الرقص المصري[27]. وقد حملت كل هذه الأعمال صفة الابتكار.
على سبيل المثال، في سماعي الراست، وهو عمل يمكننا أن نقول إنه مؤلف للعود السبعاوي حيث تغطي بعض جمله الثلاثة دواوين، ينتهج القصبجي مسلكا جديدا في التعامل مع الجمل الموسيقية من جهة طولها وارتباطها بوحدات الإيقاع وضغوطه، ومواضع السكتات والوقفات. تتكون كل خانة من ثمان وحدات إيقاعية ذات عشر ضربات في حين أتي التسليم الذي يعاد عزفه بعد كل خانة على خمس وحدات إيقاعية (أسطوانة 2، رقم 6-7).
تشغل الجملة الموسيقية طول الخانة الأولي بالكامل دون الركوز على درجة الأساس إلا عرضا، عمد خلالها القصبجي إلى مخالفة الضربات الأساسية للسماعي الثقيل منذ البداية من خلال تكرار و/أو الوقوف المطول على بعض النغمات، والسكتات المفاجئة التي وافقت الضربة التاسعة وليس الثامنة كما هو الحال في معظم السماعيات. خصصت الخانة الثانية للتحول المقامي إلى مقام السوزناك بإدخال جنس الحجاز على خامسة الراست. أما الخانة الثالثة فتستعرض منطقة الجوابات وصولا إلى جواب الكردان (دو4)، وتنتهي بسلم يتدرج نزولا إلى درجة قرار الراست[28]. يظهر القصبجي مقدرته على صياغة الجمل اللحنية الطويلة معقدة الصياغة بشكل مبتكر وجديد.
تقنيات وجماليات مدرسة القصبجي
كان الموسيقيون المصريون خلال عصر النهضة يطلقون أوصافا على أسلوب عازفي العود منها الزخمجي والبصمجي و(المفرد شاتي). أما الزخمجي فهو المتميز بقوة الضرب وهي صفة التصقت بالقصبجي ولا يضاهيه فيها الا سيد السويسي لما عرف عنهما من مقدرة على اسماع صوت العود بجلاء ووضوح في تسجيلات المقطوعات الآلية مع التخت.
والبصمجي هو من يستخدم أسلوب “البصم”[29] بأصابع اليد اليسرى الذي يبدو، كما تشير المصادر (رزق، الجزء الأول، ص 116-117)، أن عازف العود الفذ أحمد أفندي الليثي (1816-1913) قام بتطويره بالتناوب مع حركة “الزخمة” أو “الريشة” صدا وردا (أي نزولا وصعودا) الي طريقة عزف متكاملة أصبحت من حينها أهم خصائص المدرسة المصرية وأحد أهم آليات اثراءها وتطويرها على حد سواء[30]. وتتميز النغمات المعزوفة ببصم أنامل اليد اليسرى بصوت أكثر ليونة ورنين أجزل فخامة وطلاوة من صوت الريشة اليابس، وتحاكي الزخارف الغنائية. وقد يحيل الوصف أيضا لمن يستخدم البصم أكثر من الريشة كما يفعل داود حسني وأمين المهدي في التقاسيم. كما يبدو ان إبراهيم أفندي المصري أشهر تلامذة الليثي الذي هاجر الي تركيا واستقر بها قد تعلم هذا الأسلوب وكان الوحيد الذي يستخدمه بين أقرانه الأتراك كما يبدو من التسجيلات.
وأخيرا “المفرد شاتي” هو من يستخدم “الفرداش” أو “الرش” وتعني الحركة السريعة للمضراب صدا وردا لإحداث صوت متصل. ودوره إطالة زمن النغمة الصادرة محاكاة لصوت آلات الجر كالرباب والكمان، أو آلات النفخ (كالناي) والصوت البشري، وهو كثير الاستخدام في التقاليد التونسية لفن العود. يبدو أن هذا المصطلح قديم حيث قال يحيى عمر اليافعي وهو أحد شعراء اليمن في القرن الثامن عشر «لي غلّس الليل قم نسنس وغن وفرتش العود يجلي كربتي”. ويبدو جليا من تسجيلات الموسيقي الآلية المؤلفة كالبشارف والسماعيات، أو المرتجلة كالتقاسيم بأنواعها، أن العوادين لم يستخدموا هذا الأسلوب الا في نهاية الجمل أو القفلات وذلك حتى بداية العشرينات. ولقد برع القصبجي في استخدام الفرداش في أوساط النغم مقترنا بالبصم كما في القفلات السريعة الخاطفة في تحميلة البياتي التي سجلها مع مصطفي بك ممتاز وتحميلة الراست الشهيرة مع كلا من الشوا وعلي الرشيدي.
كذلك تفنن القصبجي في استعمال الريشة بطريقتين مختلفتين: الضرب الدائري أو المنتظم (كما ذكر صفي الدين الارموي)[31] وهو ما يعرف اليوم بالريشة المقلوبة وتعني الحركة المنتظمة للمضراب أو الزخمة صدا وردا. ونجد نفس الطريقة لدي محمد ذاكر بك في كتابه “تحفة الموعود “[32]. و”الضرب الغير منتظم” وهي الطريقة التي تعرف اصطلاحا بالريشة الهابطة، أي طريقة العزف التي تهيمن فيها حركة الصد كما وكيفا (أي من ناحية العدد وقوة النبر) وهي المتبعة في التعليم في كافة المعاهد المصرية وتظهر في منهج العود الذي وضعه عازف الناي عبد الحميد مشعل لكنه يطلق عليها خلافا، الريشة المقلوبة. “العازف الماهر على آلة العود، يضرب بالريشة على الوتر صدا وردا وذلك يساعده علي عزف بعض الجمل الموسيقية بسرعة […] مع مراعاة أن بعض الأصوات لا يصلح لها ضربة الريشة صاعدة، وهي الأصوات التي تصدر عن وترين مختلفين […]”. يتبين من شرحه ومن التمارين المرفقة انه يقصد الريشة الهابطة (1985، ص 67).
لم يكن القصبجي زخمجيا فحسب، بل أمتلك قدرا كبيرا من التحكم والسيطرة على شدة ونوعية الأصوات الصادرة من عوده في أي منطقة صوتية وذلك، اما بتغيير قوة الزخم وموضع الضرب، أو بإطالة وتقصير الجزء المستخدم من الريشة، حتى انه كان يظهر تباين واضح في قوة الضرب ليس فقط من جملة الي أخري، انما أيضا بالتدرج من الضعف الي القوة أو العكس على نفس النغمة.
تمثل “الإقامة”، أي الوقوف على نغمة واحدة وتكرارها عدد من المرات، ثاني دعائم مدرسة القصبجي حيث تزخر تقاسيمه بالإقامات التي تكون على ثلاثة أشكال: “تكرارية بسيطة” أي تكرار النقر بالريشة على نفس النغمة، أو “مضعفة ديوانيا”[33] بنغمة القرار التي تعزف قبل النغمة المكررة. والثالث مشتق من النوع السابق وهو مستلهم من تفاعيل عروض الشعر، كتكرار صيغة «فعولن” (تنن تن) التي كان يستخدمها سيد السويسي في تقاسيمه اما في مقطع قصير مستقل أو قبل القفلة في مقطع طويل نوعا. أو تكرار تفعيلة «فاعلن” (تن تنن) التي استخدمها داود حسني بعض المرات واستهل القصبجي بتكرارها ثمان مرات تقاسيم النهاوند المشار اليها أعلاه، وهي تفعيلة بحر المتدارك (أسطوانة1، رقم2).
كذلك نلحظ في تقاسيمه أول استخدامات تقنية الزير-بم (تعليق الوتر) التي تعني تكرار نغمة حادة بسرعة وعزف لحن بسيط في منطقة القرارات مما يعطي الإحساس بسماع لحن مزدوج[34]. سنجد في تقاسيم الراست المسجلة عام 1923 لشركة بيضافون على وجهين استخدام متطور لهذه التقنية قرب نهاية التقسيمة اذ يكرر وتر الكردان بينما يستعرض اللحن في منطقة القرارات مقامات الراست ثم الجهاركاه من خلال جمل راقصة يستخدم فيها تقنية البصم ببراعة أخاذة، ثم الحجازكاركورد، والصبا مصورا علي العشيران قبل أن يعود بشكل متقن ومقنع لمقام الراست. يفصل بين الجمل اللحنية المتلاحقة والمقامات المتغيرة عزف نغمتي اليكاه والراست بشكل شبه ايقاعي كأنها قفلة أو مرد لحني لأفراد التخت (أسطوانة1، رقم8). وأصبح ذلك من التصرفات المألوفة لعازفي العود من بعده، بل واستعملها البعض بشكل استعراضي لا يتفق وموسيقي المقام.
أتقن القصبجي تقنية الزحف أو الزحلقة من نغمة الي أخري وطبقها بأشكال مختلفة. منها مثلا الزحف بالسبابة من نغمة المحير (ري3) الي جواب الجهاركاه[35] (فا3) أو الرمل توتي (صول3) بطريقة تستلهم بعض تقنيات آلة البزق أو الطنبور في أسلوب تغيير المواضع والزخم على وترين في نفس الوقت. وهناك أسلوب آخر يستعمله قبل القفلات على أبعاد موسيقية أصغر يمكن ملاحظتها في نفس التقسيم السابق.
وقلده رياض السنباطي الذي كان يحرص على شراء أسطوانات التقاسيم للقصبجي من محل ساعات وأسطوانات بالمنصورة يدعي خوري ويسمعها ليلا نهارا حتى يحفظها ثم يطبقها علي عوده، ومحمد عبد الوهاب الذي تتلمذ على يديه لمدة خمس سنوات.
وختاما، أكمل القصبجي شروط الموسيقي الحاذق الكامل: وهو “من طرب فأطرب، فأدي وحكي وروي وكان له نظر بما أتي، وهذا قليل جدا، وحكي أن ما رؤي من أكمل هذه الأشياء سوي ثلاثة: إبراهيم بن ميمون[36] وعلوية، وكان اسحق يزيد عليهم بالمعرفة وينقص عنهم في حسن الصوت”[37]. ويضيف ابن الطحان” الكامل الحاذق من جمع الي علمه وعمله المعرفة بمواضع الصواب من الخطأ، فان وقع فيه في وقت الضرورة قادته اليه رجع الي الصواب”.
أبلغ وأكمل تقريظ في سلطان العود محمد القصبجي هو ما جاء على لسان صديقه وأستاذه الموسيقي العالم كامل الخلعي (1881-1938) الذي لقنه نفائس الموشحات وأفاده بمعارفه النظرية الواسعة، إذ وصفه قائلا: “هو العواد الساحر، والمتفنن الماهر، صاحب الطرق الرشيدة والقواعد العديدة، في تعليم المبتدئين ووصولهم الي طبقة الأستاذية، وهو ممن أعجب لحذقهم وأطرب لعزفهم، وقد درس هذه الصناعة على من امتازوا فيها بالبراعة فظهرت مواهبه الطبيعية مقرونة بمحاسنه الفنية. ولولا أن يظن بنا غلو… لزدنا في الحديث من استزاد”.
طارق عبدالله[38]
باحث وموسيقي مصري
مرسيليا، 14/01/2016
المراجع العربية
– ابن الطحان، أبو الحسن محمد، حاوي الفنون وسلوة المحزون، تحقيق، زكريا يوسف، بغداد، المجمع العربي للموسيقي، المركز الدولي لدراسة الموسيقي التقليدية، 1971.
– الجندي، عثمان محمد: روض المسرات في علم النغمات، المطبعة العمومية، القاهرة، 1895.
– خلعي، محمود كامل: كتاب الموسيقي الشرقي، مطبعة مدبولي، 2000.
– خلعي، محمود كامل: الأغاني العصرية، مطبعة السعادة، 1921.
– الخولي، سمحة: “الارتجال وتقاليده في الموسيقي العربية”، مجلة عالم الفكر (المجلد السادس، العدد الأول)، 1975، ص 15-32.
– درويش محمد: صفاء الأوقات في علم النغمات، القاهرة، مطبعة التوفيق،1902.
– الديك، أحمد أمين: نيل الأرب في موسيقي الافرنج والعرب، القاهرة، المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق،1902.
– ذاكر، محمد: تحفة الموعود بتعليم العود، القاهرة، مطبعة اللواء، 1903.
– رزق، قسطندي: الموسيقي الشرقية والغناء العربي، الجزء الأول، مكتبة الدار العربية للكتاب، 1936.
– شلفون، إسكندر: مجلة روضة البلابل، العدد السابع، السنة الثانية، (ابريل 1922)، ص 85-86، والعدد الرابع، السنة الثالثة (يناير،1923)، ص 2-3.
-الصالحي، أحمد، وسعيد، مصطفي، سامي الشوا أمير الكمان، حياته وأعماله، دار الساقي، الكويت، 2015.
– عبد الوهاب محمد: رحلتي. أوراقي الخاصة جدا، إعداد وتقديم فاروق جويدة، دار الشروق، 2007.
-عرفة، عبد المنعم: أستاذ الموسيقي العربية، طبع على نفقة المؤلف، 1944.
-فيوتو، جيوم أندريه: كتاب وصف مصر، الترجمة الكاملة، الآلات الموسيقية المستخدمة عند المصريين المحدثين، المجلد التاسع، ترجمة زهير الشايب، دار الشايب للنش،1994.
– الكاتب، الحسن بن أحمد بن علي: كمال أدب الغناء، تحقيق غطاس عبد الملك خشبة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1975.
– كامل، محمود، محمد القصبجي حياته وأعماله، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، 1971.
– الكندي، يعقوب بن اسحق: رسالة في اللحون والنغم، تحقيق زكريا يوسف، بغداد، 1965.
– محمود حمدي، صيانات: تاريخ آلة العود وصناعته ودوره في الحضارات الشرقية والغربية، دار الفكر العربي، 1978.
– مشاقة، ميخائيل: الرسالة الشهابية في الصناعة الموسيقية، بيروت، مطبعة الآباء اليسوعيين، 1899.
– مشعل، عبد الحميد: دراسة العود بالطريقة العلمية، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1985.
المراجع الأجنبية
ABDALLAH, Tarek, 2010, “L’évolution de l’art du égyptien en solo à l’aune du 78 tours”, Revue des Traditions Musicales des Mondes Arabe et Méditerranéen, RTMMAM, n°4, Baabda, Edition de l’Université Antonine, p. 53-66.
ABDALLAH, Tarek, 2015, « L’école égyptienne de l’art du taqsīm au ‘ūd de Sayed as-Suwaysī à Muḥammad al-Qaṣabgī : Analyse du vocabulaire musical et technico-esthétique », communication adressée au 8e Rencontre Musicologique de l’Université Antonine, « L’art du taqsīm et l’école Sami Chawa (1885-1965) », 17-18 juin 2015.
ERLANGER, Rodolphe d’, 1930-1959, La musique arabe , I (1930), II (1932), III (1953), IV (1939), V (1949) et VI (1959), Paris, Librairie Orientaliste Paul Geuthner, co-éditée avec L’Institut du Monde Arabe.
FEKI, Soufiane, 2005, « Quelques réflexions sur l’analyse du maqām », De la théorie à l’art de l’improvisation, Mondher Ayari (éd.), Paris, Delatour, p. 137-155.
LANE, Edward William, 1860, An account of the manner and customs of the modern Egyptians, Reprint, London.
Lagrange, Frédéric, 1991, livret de présentation du CD « Les Archives de la musique arabe : l’âge d’Or de la musique égyptienne (Instrumental), Club du Disque Arabe, Paris, AAA 043.
SHILOAH, Amnon, 1972, La perfection des connaissances musicales [Kitāb Kamāl Adab al-Ġinā’], Paris, Librairie Orientaliste Paul Geuthner.
Touma, Habib Hassan, 1977, R/1996. « La musique arabe », Paris, Buchet-Chastel.
Villoteau, Guillaume André, 1823, « Description historique, technique et littéraire des instruments de musique des orientaux », Description de l’Égypte, Paris, vol. XIII, Imprimerie C.L.F. Panckoucke.
ملحق الصور
[1] بخلاف تسوية الأوتار والتي أهمل فيها الوتر السادس، يذكر المؤلف طريقة التبديل بالأنامل على أوتار العود (ص. 11-12).
[2] تستند تلك الملاحظة الي كتالوجات شركات الأسطوانات وأرشيف مؤسسة أمار
[3] مذياع روضة البلابل، الحلقات 70،69،68 (10، 17 و24/7/2014)، “ابراهيم القباني
URL: https://www.amar-foundation.org/podcasting/all-episodes/?lang=ar.
[4] تقاسيم موقعة من مقام البياتي في نهاية تسجيل قصيدة ألا في سبيل الله.
[5] سيرة ذاتية.
[6] Club du Disque Arabe 1991, L’âge d’Or de la musique égyptienne (Instrumental), Paris, AAA 043, texte de présentation : Frédéric Lagrange.
[7]يمكن الاستماع إلى أداء الحاج سيد السويسي مع تخت أوديون لهذا البشرف على الرابط التالي:
[8] مذياع روضة البلابل، الحلقات 74-75(21 و28/8/2014)، “سليمان أبو داود
URL: https://www.amar-foundation.org/podcasting/all-episodes/?lang=ar.
[9] ولدت ونشأت بمدينة السويس وتعلمت الغناء علي يد شقيقها عازف العود الفذ الحاج سيد وعلي يد زوجها الحاج بيرم العواد. انتقلت الي بور سعيد للغناء في المقاهي الخشبية المقامة على شط البحر في الحي العربي حيث ذاع صيتها. تعاقدت بعدها مع مقهى أنطون في ميدان العتبة وكان يأتي عدد كبير من علية القوم لسماعها. ابنها هو محمد حسن السويسي عازف القانون الذي عمل مع فتحية أحمد، بينما تزوجت ابنتها من عازف القانون محمد عمر الذي كان في صباه يستمع الي عبده الحامولي ومحمد عثمان وهو مختبئ تحت الدكك التي ينصب فوقها التخت. كان بيتها ملتقي لأهل الفن يزوره كلا من عبده الحامولي ومحمد عثمان وغيرهم. مارست الغناء على مدي أربعة عقود غالبا خلال الفترة 1870-1910.
[11] قام إبراهيم القباني بفعل الشيء نفسه من قبل في تسجيل بشرف قره بطاق السيكاه خلال الجزء التقسيمي.
[12] تعني كلمة مقام هنا درجة أو نغمة موسيقية.
[13] بالإضافة الي كتاب وصف مصر(1823)، هناك أيضا كتاب “عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم” للسير وليام ادوارد لين، الرسالة الشهابية” لميخائيل مشاقة (ص 23-28)، “تاريخ الموسيقا العام” لفيتيس (1869)، ورسالة ” روض المسرات في علم النغمات” لعثمان بن محمد الجندي (1895). وأخيرا، لوحة للمستشرق لودفيج دوتش تحمل اسم ” الموسيقي” يظهر به عود سبعاوي صغير له رقبة طويلة عليها علامة مستعرضة ذات لون داكن. وكانت تفيد في التأكد من صحة الدوزان ومن عفق البوزيسيونات وصولا الي الوضع الرابع بسهولة ودون تردد كما بين ميخائيل مشاقة “ثم انهم يجعلون علامة علي أسفل صدر عنق العود مستعرضة تحت الأوتار من خشب لونه مخالف للون صدر العود يحكمون وضعه بمكان ملاقاة الثلث الأول من رأس العود بالثلثين الاسفلين أي أنهم يقسمون المسافة الكائنة بين مطلق الوتر وبين الفرس المستعرضة علي صدر اسفله المربوط بها طرف الاوتار الي ثلاثة أقسام متساوية بالبيكار وغيره من الآلات القياسية ويجعلون هذه العلامة عند نهاية الثلث الأول. وهذه العلامة تفيد في امرين مهمين: أولا انه إذا جس علي الزوج الأول من محل العلامة ونقر عليه لكان صوته مماثلا للزوج الثاني الذي هو الرست. وهكذا لو جس على النوى لكان صوته جوابا للدوكاه ثم أن الدوكاه بصير بهذا العمل جوابا للعشيران وبهذا العمل يحصل امتحان صحة الدوزان وفساده. الأمر الثاني: انه إذا أراد الموسيقي ان يصعد بيده الي الجواب لا يشذ بوضع أصابعه على محل الجواب لأنه ينقلها حالا الي محل الجواب الذي لا يرتاب في صحته”، (الرسالة الشهابية، ص 24-25). ويبدو أن تلك “العلامة” كانت تستخدم منذ عصر ابن الطحان خلال القرن الحادي عشر وكانت تسمي النقشة. قال ابن الطحان “فأما النقشة فينبغي أن تهندم وترفق ويحكم الصاقها والا وقع الطزيز والفساد عند النزول الي مركز الخنصر والنقشة، ويكره فيه أن يكون عاليا أو مخفيا بل مسطحا مستويا”.
[14] . (الترجمة، المجلد التاسع،1994، ص 24-31)
[15] يبلغ طول وتر هذا العود تحديدا 63.7 سم، أما طول العنق فهو متطابق مع عود فيوتو ويساوي 22.4 سم.
[16] مجلة روضة البلابل، السنة الثالثة، العدد الثالث، أول ديسمبر 1922، ص36-37.
[17] يبلغ الطول الكلي للعود الذي وصفه إدوارد لين خلال منتصف الثلاثينات من القرن التاسع عشر 64.8 سم.
[18] هنا يكمن فرق جوهري بين قياسات العود السبعاوي خلال القرن التاسع عشر والعود السداسي في بدايات القرن العشرين، اذ أن عنق العود السبعاوي، كما كان الحال في عود الموسيقي ابن الطحان (القرن الحادي عشر)، كان أطول من ثلث طول الوتر أيا كان الحجم.
[19] يبدو أن الحاج سيد السويسي قام بإدخال تعديل على دوزان الوتر السادس فكان يضعه كوتر نوا ثاني يستعيض به عن البوزيسيون في أداء بعض الجمل.
[20] يستخدم عبد الوهاب كلمة مقام هنا كمرادف لنغمة أو درجة موسيقية.
[21] درجة قرار الجهاركاه (فا1).
[22] استخدم العود السبعاوي كلا من روحي الخماش (1923-1998) الذي درس في القاهرة وعازف العود التونسي فوزي سايب (1929-2010).
[23] تجدر الإشارة هنا إلى أن الدوزان الذي اتبعه منير بشير يختلف فقط في كون الخمسة أوتار العليا ضبطت على بعد الرابعة التامة من التسوية المذكورة.
[24] أغلب الظن أن هذا الوتر كان يستخدم كقرار ثاني في المقامات التي تكون فيها درجة الارتكاز على درجة الجهاركاه ولاسيما المقام الذي يحمل نفس الاسم وكان يحظى بطريقة تسوية خاصة قائمة بذاتها، أو في عزف المقامات المصورة على نفس الدرجة.
[25] ذكر كلا من الكندي وحسن الكاتب عددا من التسويات للوتر الغليظ “بم” بحسب المقام المستخدم وهو ما كان يعرف بالاصطحاب الغير معهود. “يريدون بذلك تقوية النغمة التي تكون عليها مقاطع الأصوات ووقفات الضرب بنغم تشاكلها وتساعدها، وأكثر ما يفعلون ذلك مع البم من بين الأوتار”(رسالة في اللحون والنغم، يوسف، 1965، ص17).
[26] أي تدعيم الدرجات الحادة بالنغمات الغليظة
[27] قال القصبجي أن أول عمل موسيقي ألفه كان ذات طبيعة معاصرة “مودرن”، أي أنه لم يكن خاضعا للقوالب التقليدية الشائعة كالبشرف والسماعي. وقد ينطبق هذا الوصف على مقطوعة كابريس “زهور” التي تستلزم مهارات تقنية متقدمة ومقطوعة ذكرياتي.
[28] لا يمكن لآلات التخت الأخرى الهبوط إلى درجة قرار الراست، لذا يلجأ الموسيقيون إلى اكمال الجملة اللحنية علي ديوان أعلي.
[29] ضمت مجموعة الوثائق المعروفة بجنيزة القاهرة قصاصة تعود للقرن الحادي عشر دون عليها ثلاث تمارين قصيرة للضرب على العود من ثلاث طرائق (مقامات) مختلفة تحتوي على بعض أسرار العزف على الآلة، اذ خصص احداها -وهو من الطرائق المطلقة وايقاعه “ثقيل الثاني”-لتعليم تقنية “البصم” وأسلوب الضرب الغير منتظم.
[30] تعلم أحمد الليثي العزف على العود مع والده الذي كان عازفا للقانون، وهو ما كان يعرف بطريقة “السمع” وليس بطريقة “الأصبع” كما لو كان الحال إذا كان معلمه عازفا للعود يمكن أن يقلد حركاته. ويبدو أن هذه الطريقة في التعلم كان لها أعظم الأثر في تحفيز مخيلة الليثي الإبداعية في مجانسة الأصوات والزخارف اللحنية الصادرة عن آلة القانون، التي تشير بعض المصادر أن العزف عليها على ديوانين متزامنين بدأ خلال القرن التاسع عشر (رزق، المجلد الأول، ص116-117).
[31] في بداية الفصل الخامس عشر من كتاب الأدوار، ايرلنجيه، 1938، ص 551.
[32] الدرس الأول، ص8.
[33] أول ذكر لهذا النوع من الإقامة جاء في جوامع علم الموسيقي لابن سينا الذي أفرد جزءا للزخارف الخاصة بالآلات الوترية من فصيلة العود (ايرلنجيه، 1935،ص230).
[34] تعرف سمحة الخولي نوعين من “تعليق الوتر كالتالي “عزف نوتة واحدة مرات متكررة بسرعة، بالتناوب مع الأنغام المكونة للحن بسيط في منطقة صوتية متباينة مع النوتة المتكررة وعندما يعزف الصوتان (النوتة المكررة ونوتات اللحن المصاحب) بسرعة كبيرة فان الرنين الصادر من الآلة يوحي بتأثير شبيه بتأثير النسيج البوليفوني (المزدوج أو المتعدد اللحن)، فيخيل للسامع أن العازف يستخدم العفق المزدوج […]، فاذا كانت النوتة المتكررة في منطقة القرارات فأنها تخلق إحساسا شبيها بصوت الطنين، أما اذا كانت في منطقة حادة (وهذا هو الأكثر شيوعا) فأنها هنا تشبه ما يسمي بنوتة البيدال المقلوبة” (ص 26).
[35] يطلق أيضا على هذه الدرجة تسمية الماهوران.
[36] إبراهيم الموصلي والد اسحق
[37] كمال أدب الغناء، ص 118-120، حاوي الفنون، ص 77-79.
[38] أتوجه بالشكر إلى كل من ساهم بالقراءة والمراجعة والملاحظات وأخص بالذكر: أحمد الصالحي، مصطفي سعيد، فادي العبد الله، أكرم الريس، هيثم أبو زيد وكمال قصار.