You are here:   Home  /  وثائق  /  مجموعة عبد العزيز عناني

مجموعة عبد العزيز عناني

مجموعة عبد العزيز عناني

“على امتداد ما يقرب من ثلاثين عاما بين سنة 1903، تاريخ أوّل حملة تسجيل نظّمتها شركة زونوفون في الشّرق الأوسط، وبين سنة 1933 حينما أثّرت الأزمة الماليّة في العالم العربيّ أيّما تأثير وانعكست انعكاسا عنيفا على صناعة الموسيقى الّتي وجدت نفسها في مواجهة عدد من الظّواهر منها تطوّر الإرسال الإذاعيّ وظهور السّينما النّاطقة، صدرت مئات من الاسطوانات الموثِّقة للموسيقى العربيّة في كلّ من إنجلترا وألمانيا وفرنسا ومصر من إنتاج شركات عالميّة (غراموفون-هيز ماسترز فويس وأوديون وباتي وكولمبيا) أوشرقيّة (بيضافون وأورفيون-بلومنتال) أو محلّيّة (ميشيان في القاهرة).

ولئن كان جلّ الفنّانين الّذين سُجِّلوا من مطربين وعازفين من المصريّين فإنّ صناعة الاسطوانة قد سجّلت لعدد لا يستهان به من الأصوات من بلاد الشّام والعراق والمغرب العربيّ ؛ وتلك الوثائق هي الشّاهد الوحيد عن المدارس الموسيقيّة ولا سيّما منها مدرسة الغناء المُتقَن الّتي انقرضت تاركة المجال لموسيقى شعبيّة حديثة جامحة إلاّ أنّها في قطيعة جماليّة ومعرفيّة تامّة مع السّنن السّالفة ؛ وقد صادف النّجاح التّاريخيّ الّذي لقيته اسطوانة 78 لفّة مرور الموسيقى المُتقَنة المصريّة بفترة ازدهار باهر رغم رحيل أعظم مُلحّنَين بين ملحّني النّهضة محمّد عثمان (1900) وعبده الحامولي (1901).

وقد مرّت على اسطوانات 78 لفّة أحداث القرن العشرين المضطربة ثمّ مرحلة تهميش الثّقافة العربيّة ؛ وإذا ما استثنينا أرشيف شركة غراموفون الّذي حفظ على ما يرام في هايز-بريطانيا فقد اختفى أرشيف أوديون في ألمانيا، ودُمّرت مجموعة بيضافون خلال قصف برلين والحرب الأهليّة اللّبنانيّة، وأُهملت مجموعة باتي العربيّة ثمّ دُمّرت في السّبعينات، أمّا اسطوانات ستراك ميشيان فقد ألمّت بها رياح العصر وغمرها غبار القاهرة ؛ وبقيت أشلاء الذّاكرة الموسيقيّة العربيّة أشتاتا بين القاهرة وبيروت ودمشق وحلب وبغداد، وطغت أسماء سيّد درويش وأمّ كلثوم وعبد الوهاب الّتي طبّقت الآفاق على الرّصيد الموسيقيّ الّذي أُنتج قبل زمان هؤلاء الأعلام أو خلال بداياتهم ؛ وغدت أسماء أعلام مثل يوسف المنيلاوي أو سلامه حجازي لا يزال يتردّد صداها في روايات نجيب محفوظ أعلاما أسطوريّين لم يسمعهم أحد بل أسماء لمطربين نَكِرات طواهم النّسيان ؛ لذلك وجب إسداء تحيّة تقدير إلى جامعي الاسطوانات بوصفهم حرّاس متحف لا يزوره إلاّ القليلون الّذين  يُصطَفون بعد طول مِران، فقد جاهدوا ليستنقذوا من الغبار جانبا كبيرا من ذلك الرّصيد من أقراص الباكيليت السّوداء المتحرّكة وهي لعمري ذهب أسود ؛ ويوجد جانب هامّ من هذا الرّصيد بين محفوظات دار الكتب الوطنيّة المصريّة، إلاّ أنّ دار الكتب أضحت قلعة حصينة و محفوظاتها مهمَلة وعصيّة عزيزة المنال.

وقد كانت مجموعة عبد العزيز عناني إحدى أهمّ المجموعات في القاهرة وأصبحت أهمّها في نهاية القرن العشرين ؛ وهي تضمّ عدّة آلاف من اسطوانات 78 لفّة من مصر وسوريا ولبنان واسطوانات 33 لفّة والأشرطة المغناطيسيّة والكتب والدّراسات الإفراديّة ومجاميع النّصوص وكاتالوغات شركات الاسطوانات ؛ وقد أضافت مؤسّسة التّوثيق والبحث في الموسيقى العربيّة إلى مجموعة عناني بعد اقتنائها مجموعات أخرى من الشّرق الأوسط بينما آلت البقيّة الباقية في مصر ولبنان إلى بعض الأثرياء الّذين جعلوا منها مجموعات مُعَدّة للاستعمال الخاصّ ؛ بيد أنّ للمؤسّسة نظرة مختلفة تماما إلى محفوظات الموسيقى العربيّة الخاصّة والعامّة، فهي تهدف إلى جعلها في متناول الباحثين والموسيقيّين والهواة في صيغة رقميّة تحت رعاية لجنة علميّة مؤلّفة من المتخصّصين في علم الموسيقى وعلم موسيقى الشّعوب والمؤرّخين وذوي الاختصاص.”

فريديريك لاغرانج
Frédéric Lagrange

“عَرَفت مجموعة عبد العزيز عناني منذ ما يربو على ثلاثين عاما وأعتقد أنّها أفضل مجموعة في العالم من التّسجيلات التّاريخيّة لموسيقى الطّرب العربيّ وما يتّصل به من أجناس ؛ وتَعُدّ المجموعة آلافا من الاسطوانات المبكِّرة الّتي يعود تاريخ بعضها إلى بدايات عهد التّسجيل في الشّرق الأوسط منذ سنة 1904؛ وبين تلك الاسطوانات تسجيلات لأصوات مطربات من أواخر القرن التّاسع عشر وأوائل القرن العشرين ظلّ الجانب الأوفر من نتاجهنّ مجهولا إلى يومنا هذا ؛ كما تضمّ المجموعة تسجيلات أصليّة لمطربين غدت أعمالهم أُسَّ تراث الطّرب المعلوم مثل يوسف المنيلاوي وزكي مراد والعديد من المطربين الآخرين ؛ وتضمّ المجموعة علاوة على ذلك تسجيلات على أشرطة لحفلات حيّة لم يسجّلها أو يحتفظ بها أحد سوى قلّة قليلة من جامعي التّسجيلات، وأغلب الظّنّ أنّها كانت ستضيع منّا لولا هذه المجموعة ؛ والمجموعة على وجه العموم مَعْلَم فريد هامّ من معالم التّراث الثّقافيّ العربيّ وتاريخ الموسيقى العربيّة سنظلّ نجني فوائده لعدّة قرون إذا ما تمّ صونها على نحو ملائم.”

فرجينيا دانيالسون
Virginia Danielson

“مجموعة اسطوانات عبد العزيز عناني أحد أهمّ المراجع في دراسة الموسيقى العربيّة والثّقافة الموسيقيّة ؛ ولقد استمتعت بملاقاة المرحوم عبد العزيز عناني والعمل معه خلال صائفتي 1971 و1972 واعتمدت على موادّ من مجموعته في بحثي عن موسيقى القاهرة في مطلع القرن العشرين ؛ ونحن اليوم محظوظون بوجود هذه المجموعة القيّمة في حوزة مؤسّسة التّوثيق والبحث في الموسيقى العربيّة الّتي تعمل على تعهّدها بالحفظ والمعالجة برئاسة كمال قصّار ؛ وما آمله هو أن تظلّ هذه المجموعة مَعينا يفيد منه الموسيقيّون والباحثون في مجال الموسيقى ومصدر إلهام يثري حياتنا الموسيقيّة في قادم السّنين.”

على جهاد راصي، أستاذ علم موسيقى الشّعوب
جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلس

Dr. Ali Jihad Racy- Professor of Ethnomusicology
University of California at Los Angeles

  2012  /  وثائق  /  Last Updated مارس 19, 2013 by  / 
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien