You are here:   Home  /  الإذاعة  /  034 – 1 دور يا مانت وحشني

034 – 1 دور يا مانت وحشني

enar

 

مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم “سمع”

“سمع” برنامج يتناول ما لدينا من إرث موسيقي بالمقارنة والتحليل، فكرة مصطفى سعيد.

دور يا مانت وحشني نظم الشيخ محمد الدرويش تلحين محمد أفندي عثمان مقام حجازكار:

يا مانت وحشني وروحي فيك       يا مآنس قلبي لمين أشكيك 

أشكيك لـ اللي قادر يهديك          ويبلغ الصابر أمله

               أنا حالي في بعدك لم يرضيك

كيد العواذل كايدني                   بس إسمع شوف  

إنت مالكني من قلبي                   ولله بالمعروف 

حبك كواني تعالى شوف                ستر العذول دايما مكشوف 

                   أنا بالصبر أبلغ أملي                

 ياما نسمع بكرة                    وبعده نشوف

عبد الحي أفندي حلمي

 

نعرض في هذه الحلقة للعديد من التسجيلات وهي بحسب التسلسل التاريخي عبد الحي أفندي حلمي وله في حلقتنا تسجيلين أولهما لشركة أوديون على ثلاثة أوجه قياس 27سم إصدرا رقم 123 45293 مصفوفة رقم Ex 1290 Abc حوالي عام 1905 وبعده بسنة تقريبأ سجله على ثلاثة أوجه من قياس 25سم لشركة زنوفون المنبثقة عن غراموفون إصدار رقم X/102958 X/102959 X/102960 مصفوفة رقم 7814b 1/2b 1/3b. وفي عام 1908 سجله الشيخ يوسف المنيلاوي على أربعة أوجه من قياس 30سم لشركة غراموفون إصدرا رقم 012259 012260 012261012262 مصفوفة رعم 97p  98p 99p 100p، كما نتعرض لتسجيلين أحدث من هذه التسجيلات أحدهما في منتصف الخمسينات من وصلة في الحجاز كار لصالح عبد الحي أذيعت وسجلت في إحدى سهرات الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية، والآخر لأداء جماعي لهذا الدور لفرقة الموسيقى العربية بقيادة عبد الحليم نويرة والآن ننتقل إلى التحليل.

دور يا مانت وحشني هو من أكثر الأدوار المتجددة التي سمعتها، أنا أعتقد أنه من آخر أدوار محمد عثمان وهو في هذا الدور أكثر تجددا من أدوار الثلاثينات هو دور فيه مسار إلزامي وفيه سماح غريب بالإرتجال والتنويع والتصرف يعني نستطيع أن نقول عنه إنه دور مُمَسرح بامتياز، تشعر بأنه شئ ما بين الدور والمسرحية، لماذا مسرحة سنلاحظ ذلك خلال تحليلنا في هذه الحلقة والحلقة القادمة من برنامج “سمع”. 

دور يا مانت وحشني من مقام الحجازكار وهو من الأدوار القليلة وربما الدور الوحيد الذي يستعرض مقام الحجازكار كما جاء في كتب التنظير العربية والتركية، فهو في المذهب ينتقل إلى البياتي من الدرجة الخامسة ومع أن محمد عثمان وأقرانه قاموا بتلحين أدوار على مقام الحجازكار قبل ذلك ومن بعدهم قام آخرون بتلحين أدوار على الحجازكار ولكن لم يذهب أحد إلى هذا التفصيل، كما نعتقد أنهم في مدرسة النهضة لم يهتموا كثيرا بتفاصيل التركيبيات النغمية للمقامات المهم لديهم هو السلطنة والطرب بصرف النظر عن المقام وتركيبه النغمي. حسننًا دعونا نتعرف على هذا المقام وكيفية صياغته، هو من أحد أفرع الحجاز هو تمامًا   كالمذهب مكتوب في سازندا في تركيا ومكتوب في معظم كتب التنظير العربية، يبدأ من الكردان ثم ينزل إلى الراست حجازين حجاز من الدرجة الخامسة وحجاز من الدرجة الأولى ثم ينتقل إلى الحجاز من الدرجة الخامسة أو نكريز من الدرجة الرابعة و في الغالب يكون حجاز من الدرجة الخامسة  ثم بياتي من الدرجة الخامسة ثم يرجع إلى الحجاز من الدرجة الأولى، لنستمع إلى المذهب من الأنماط الأربعة الموجودة معنا ومن الأربع أصوات عبد الحي أفندي حلمي والشيخ يوسف المنيلاوي وصالح عبد الحي ثم مجموعة فرقة الموسيقى العربية بقيادة  الأستاذ عبد الحليم نويرة وننوه أن ما سنسمعه لعبد الحي حلمي هو تسجيل أوديون وليس تسجيل زنوفون على أي حال كلا التسجيلين متطابقين تقريبًا في المذهب، ونحن نستمع للمذهب نلاحظ أن عبد الحي والشيخ يوسف يغنيانه من الطبقة نفسها تقريبًا صالح عبد الحي يغنيه أقل منهما بطنينين ربما بسبب السن وربما ليرتاح أكثر في الجوابات وفرقة الموسيقى العربية تغنيه أقل من صالح عبد الحي بنصف طنين يعني اقل من الشيخ يوسف وعبد الحي برابعة تامة وأعتقد هذا لأخذ الأصوات النسائية بعين الاعتبار، ملاحظةٌ أخيرةٌ في المذهب بخصوص الكلام: كلٌّ من الشيخ يوسف وعبد الحيّ يلفظان “أنا حالي وبُعْدَك” وهذا مطابقٌ لما ورد في الكتب، بينما يلفظها كلّ من أتى بعدهما “أنا حالي في بُعْدَك”، في الحالين المعنى جائز لكن لا نعرف سرّ هذا التغيير، فلنستمع إلى التسجيلات الآربعة ونلاحظ كيف يعالج كل واحد منهم المذهب.

لاحظنا تقريبًا تطابق في اللحن باستثناء بعض التصرفات الفردية التي تصرفها كل واحد من الثلاثة على حدة، من المؤكد أن اللحن الرابع مثبت تمامًا لأنه يغنى من قبل مجموعة وهي مجموعة

الشيخ يوسف المنيلاوي

كورال وليست مجموعة بطانة علينا الإنتباه التسجيلات الثلاثة الأولى توجد فيها بطانة ولكن البطانة هي بطانة تتصرف باللحن كالمطرب تمامًا، لكن الغرض من التسجيل الرابع التسجيل الجماعي هو تثبيت اللحن وكأنما مكتوب لكي يغنى هكذا ولا يسمح بأي تصرف. ننتقل إلى الجملة التي تلي المذهب مباشرة هذه الجملة التي تمهد للتفريد وهي جملة مأخوذة من المذهب أو من مقام الدور لتمهد للتفريد وتقول للمفرد ماذا سيفعل، لنستمع إليها من عبد الحي ومن الشيخ يوسف ومن صالح، سنستمع إلى عبد الحي من تسجيل أوديون ولا توجد ضرورة لسماعها من فرقة الأستاذ عبد الحليم نويرة لأنهم قاموا بأدائها بشكل ثابت وليس بعيدًا عن ما يغنيه الشيخ يوسف المنيلاوي على سبيل المثال، قبل تسجيل عبد الحي وهو التسجيل الأول الذي سنستمع إليه  سنستمع إلى ترجمة الآلات للمذهب فهم يعزفون المذهب كما هو الموسيقى الآلية لها حضو ر جدا في عزف وأداء الأدوار وأداء الموسيقى العربية الكلاسيكية أو كما أحب أن أسميها الفصحى بشكل عام، نستمع إلى الجمل الثلاثة من ثلاث مؤدين. هنا ملاحظة لا بد أن تثار الترجمة الآلية عند عبد الحي أفندي والشيخ يوسف حاضرة  سواء في المذهب أو في التفريد أما في تسجيل صالح عبد الحي الذي يلحق تسجيل الشيخ يوسف المنيلاوي بما لا يقل عن 45 عام لا يوجد أي أثر للترجمة فقط زنة على مقر المقام، هذه الملاحظة هي أحد الأدلة على أن دور الموسيقى الآلية في الخمسينات وما بعد ذلك انحصر، انحصر لأن الموسيقى الآلية أصبحت في خدمة (pop star) لخدمة النجم، حتى لو لم يرد صالح عبد الحي ذلك وأراد ترجمة فقد أصبح الموسيقيون غير معتادين على الترجمة وصاروا معتادين على خدمة شغل المطرب. صالح عبد الحي متأثر جدا بخاله عبد الحي حلمي في أداء هذه الجملة فهي جملة شبه مثبتة وشبه مرتجلة أيضًا كل واحد يتصرف بها كما يشاء يطيل ويقصر كما يشاء المهم أن يصل إلى نفس الهدف النهائي للجملة وهو سلطنة ما قبل التفريد. من المؤكد أن صالح عبد الحي سمع الشيخ يزسف المنيلاوي وربما سمعه مباشرة وجهًا لوجه ليس فقط التسجيل لكن تأثره أكثر بخاله عبد الحي حلمي وأظن أنه هو الذي يرافقه كبطانة في تسجيل أوديون الذي سمعناه وأيضًا في تسجيل زنوفون الذي سنستمع إليه لاحقًا. بعد فقرة التفريد يجب أن تأتي فقرة الحوار مع البطانة التي يجب أن تحتوي على هنك أو ترنم ثم الوحايد أي الحوار على كلام الدور، هنا تبرز مسألة المسرحة، مسرحة الدور لأن محمد عثمان وضع للمؤدي إمكانية وضع ترنم على مزاجه ولكنه كتب له نقلة بياتي إجبارية، فبالتالي هل الترنم سيكون على البياتي أم على الحجازكار ثم ينتقل البياتي؟ ثم وضع له حوار مع البطانة، حسنا ولكن كيف يتصرف الناس في هذه المسائل؟ نستمع إلى نقلة البياتي من عبد الحي حلمي في تسجيلي أوديون وزنوفون والشيخ يزسف في تسجيله مع غرامو فون، سنلاحظ أن عبد الحي حلمي في التسجيل الأول وهو تسجيل أوديون يستغل التكنولوجيا وقلبة الأسطوانة من الوجه الثاني إلى الوجه الثالث لينتقل إلى البياتي، وعبد الحي نفسه في تسجيل زنوفون بعدها بسنة تقريبًا هو الذي ينقل الفرقة إلى البياتي أما الشيخ يوسف الفرقة هي التي تنقله إلى البياتي، يكون هو في مرحلة التفريد ويبدو أنه يعطيهم إشارة فتنقله إلى البياتي سنرى لاحقًا قصة تسجيل صالح عبد الحي ربما في الحلقة القادمة، ولكن دعونا نستمع إلى هذه النقلات الثلاثة ونلاحظ الطرق المتعددة للنقل من الأصل إلى خامسة المقام التي ستفرز لنا بياتي وصبا لاحقًا. دعنا نتوقف هنا في التحليل ونختم الحلقة بسماع نسخة كاملة من الدور من عبد الحي حلمي نسخة زونوفون أول ما سنلاحظه أنه يقفل الدور في غير نغمة الدور، يبدأ الدور على الحجازكار ويقفله على خامسته أي خامسة الحجازكار على الصبا بعد البياتي مع أنه سينتقل إلى الجهاركاه، الجهاركاه من الدرجة السابعة وجهاركاة السابعة ليست من أصل المقام أبدًا ليس لها علاقة بمسار مقام الحجازكار وهذا ما يجعلنا نقول أنه توجد مسرحة في هذا الموضوع،  هناك إجبار في التعبير وعبد الحي في نسخة أوديون لا يغني الجهاركاه أصلا هذا سنفسره في الحلقة المقبلة، فإذن عبد الحي حلمي يطيل ويقصر كما يشاء في مسار الدور فهو لا يلتزم بمسار الدور أبدًا مع أنه ملتزم بمسرحة الدور حواره مع البطانة محدود وقاصر على الجهاركاه والخاتمة التي هي آخر الدور غير ذلك هو يغنيه بشكل فردي جدًا باستثناء المذهب والجزء الذي تحدثنا عنه قبل ذلك. الدور يبدأ بتقاسيم كمنجة من ابراهيم سهلون ثم ليالي ثم دولاب ثم يغني الدور ويقفله قفلة خامسة على الصبا من الدرجة الخامسة، خامسة الحجازكار بشكل متعمد جدًا جدًا جدًا. وعلى سيرة إبراهيم سهلون، فدوزان الكمان هنا غريبٌ بعض الشيء خامستين ورابعة، فا دو سول دو للمتخصّصين، وهو دوزانٌ ذُكِر في بعض الكتب القديمة ككتاب الخُلَعي ونسمعه عند العازفين القداما كسامي الشوّا مثلاً خاصّةً في تسجيلاته الأخيرة، أعتقد أنّ هذا يضيف لنا قرينةً جديدةً أنّ كافّة الآلات كانت تضبط أوتارها حسب المقام وليس القانون فقط كما هو شائع.

نستمع إلى دور يا مانت وحشني نظم الشيخ محمد الدرويش لحن محمد عثمان أداء عبد الحي أفندي حلمي لشركة زنوفون 

وبه نصل إلى ختام حلقة اليوم من برنامج “سمع” وإلى أن نلتقي في الحلقة الثانية من تحليل دور يا مانت وحشني نترككم في الأمان ومع 

عبد الحي أفندي. 

قدمت لكم مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية “سمع”.

  2013  /  الإذاعة  /  Last Updated نوفمبر 15, 2013 by  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien