مؤسّسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربيّة تقدّم:

من التاريخ

أهلاً وسهلاً بكم أصدقاءنا المستمعين في حلقةٍ جديدةٍ من برنامج من التاريخ نواصل فيها الحديث و يواصله معنا حضرة الأستاذ العالم الجليل فريْدريْك لاغرنج عن الشيخ زكريّا أحمد.

حلقة اليوم نُكمِل فيها الحديث عن الثلاثي، بيرم، زكريّا، ثومة.

م: لحن اليوم أحسبه من أواخر ، إن لم يكن آخر لحن لُحّن بمنطق تلحين المسار النَّغمي أو تلحين الطريقة كما تُذكَر في كتب التراث،

تلحين الطريقة أشهر قالب فيه هو قالب الدور خصوصاً فيما بعد المذهب ثابت التلحين فهو ترنّحٌ بين الثابت والمتحوّل وأمر هذا يطول شرحه ويُراد له سلسلة حلقاتٍ مُستقِلّة.

ف: هناك أغنية أخرى لا أسمعها كثيراً لأنّها ربما أجود أغنيّة في فن أم كلثوم، لا أتحمّلها!

م: وأنا أيضاً!

ف: أشعر أنها ثقيلة لدرجة أني أسمعها مرة أو مرتين في السنة على الأكثر!، ليست ضمن الأغاني التي تُسمع كثيراً لأنّها تتطلَّب التركيز! أغنية اكتشفناها في ثروتها حديثاً لأنّنا عشنا سنين وسنين لا نعرف غير الصيغة التجارية بفضل الإنترنت، الصيغة الثانية ظهرت ثم الصيغة الثالثة.

هذه الأغنية التي لم نذكر إسمها إلى لها ثلاث صيغ.

م: أول صيغة سمعتها ليست الصيغة المنشورة وإنما صيغة من الصيغ الثانية يكون فيها القصبجي بالتسجيل، أول صيغة أنا سمعتها على صوت العرب في تسجيل نادر.

ف: أنت محظوظ جداً.

م: سجلتها على شريط كاسيت ومن وقتها وعندي نفس الحالة عندما أسمع اللحن! لديّ أسبابي الأخرى وأعتقد أنّك تعلمها

 لم لا أسمعه! هو يُدخلني في حالة صمت تطول أحياناً لأيام،

 لحن الأولة في الغرام!

ف: فعلاً!

م: مناسبته يا أبو شونه.

ف: مناسبة الأولة في الغرام، أهناك مناسبة خاصة للأولة في الغرام؟!

م: يُقال أنها رثاء إبن الشيخ زكريّا

ف: يا سلام!

م: نعم!

ف:  أنت علّمتني شيئاً الآن، لم أعرف أنها مرتبطة بحدث.

م: أكثر من شخص يقول أنها رثاءً من بيرم التونسي وزكريّا أحمد لإبن الشيخ زكريّا أحمد.

قبل هذا اللحن وبعد هذا اللحن أم كلثوم لم تُغنّي مغنى بهذا الإنكسار أبداً!!

ف: والغريب أن هذا الإنكسار نشعر به في الصيغ الثلاثة.

م: صحيح!

ف: على فكرة هي من النماذج أو الأمثلة النادرة،

 الصيغة التجاريّة في نفس جودة الصيَغ البديلة، إن لم تكن أجود الصيغ كلها غير أنه ينقصها المقدّمة الموسيقيّة وعود القصبجي.

(نموذج مسجل)

ف: الأولة في الغرام، أصبحنا نفهم ما هو لحنها عندما حصلنا على الصيغ البديلة، من الصعب جداً معرفة ما هو لحن زكريّا! ما هي إضافات أم كلثوم!

تحدثنا في ما سبق عن هذا الموضوع، كان لك في ذلك وجهة نظر صحيحة جداً، بهذا الخصوص يستحيل ليس فقط يصعُب بل يستحيل بل هو من العبث البحث عمّا هو لأم كلثوم وما هو لبيرم وما هو لزكريّا أحمد،

 في هذه الأغنية في الأولة في الغرام لأن هذا خير مثال على التوحَّد التام بين ثلاثتهم.

م: فعلاً أصمُت! لا أعرف ماذا أقول عنه نهائياً!

أنت أدرى! نحن من سنة بالضبط على فكرة، صحيح؟

ف: نعم!

م: إي والله، من سنة بالضبط، هذا اللحن لا قبله ولا بعده! غريب!

من أوّله لآخره كلام ولحن.

ف: هذا اللحن هو مَعلَم من معالم الموسيقى العربيّة، يجب أن يُدرَس بالمللي، كل حركة فيه عبقريّة.

م: حتى الكلام! “الأولة في الغرام والحب شبكوني والثانية بالإمتثال والصبر أمروني”

أيضاً “الأولة في الغرام والحب شبكوني بنظرة عين”

أيضاً “قادت لهيبي”

القصد كيف يتطور الكلام! واللحن معه! ما فعلت أم كلثوم وما فعل الشيخ زكريّا،

أنا يا رجل احياناً تأتيني خواطر بأن بيرم تدخل في اللحن!! والشيخ زكريّا تدخل في الكلام!! أو هم كلهم!

ف:  هم الثلاثة كوّنوا كائن! إنصهروا في كائن واحد!

م: صحيح!! فيه إنصهار!

ف: مسكون بالموسيقى، أقترح نضع أجزاء من الصيغ الثلاثة.

م: نفس المَقطَع من الصيَغ الثلاثة؟

ف: لا يكون أبداً نفس المقطع بالضبط.

م: القصد نفس المقطع من الكلام!

ف: المقطع الشفتتلّي.

م: “سافر في يوم ما واعدني”

ف: سافر في يوم ما واعدني، نقارن سافر في يوم ما واعدني

(نموذج مسجل)

ف: “وحطّيت على قلبي إيدي”، هذه أيضاً نقارن بين كل صيَغها لأن كل واحدة تنفرد بشىء غير موجود في الصيغ الأخرى.

(نموذج مسجل)

 م: إختلاف الطريقة في الثلاث تسجيلات، في النموذجين تجسيد لمسألة تلحين الطريقة الذي سبق ذكره في أول الحلقة.

نختِم هذه الحلقة مع تسجيلٍ كامل للأولة في الغرام في أمسية أقامتها السيّدة أم كلثوم في النادي الأهلي في 2 نوفمبر 1950م إلى أن نلتقي بكم في حلقةٍ جديدةٍ نواصل فيها الحديث عن الشيخ زكريّا أحمد.

نترككم في الأمان مع السّتّ أم كلثوم، الشيخ زكريّا، بيرم التونسي والفِرقَة الجميلة، عود القصبجي وعمّ أحمد الحفناوي، محمد عبده صالح، سيد سالم، إبراهيم عفيفي وغيرهم كثير والجمهور الجميل الذي هو جزء من أداء الفِرقَة.

نترككم في الأمان. 

(نموذج مسجل)

من التاريخ،

فكرة وإعداد مصطفي سعيد.