You are here:   Home  /  الإذاعة  /  056 – 2 دور الحلو لما انعطف

056 – 2 دور الحلو لما انعطف

enar

 

دور الحلو لما انعطف

مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “سمع”

“سمع” برنامج يتناول ما لدينا من إرث موسيقي بالمقارنة والتحليل.

فكرة: مصطفى سعيد

أصدقاءنا المستمعين أهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج “سمع”، نستكمل فيها الحديث عن دور “الحلو لما انعطف”، نذكر أن الدور نظم إسماعيل باشا صبري لحن عبده أفندي الحامولي، مقام “بياتي” فرع “المحير”، ضرب “دارج” وهو ضرب من الضروب الثلاثية. 

كارم محمود

كارم محمود

 

في هذه الحلقة سنخصص الحديث إلى حد كبير عن كيف تناول المحدثون قالب الدور بعد انقضاء عصر التلحين في هذا القالب، أكيد نحن نعلم بأن النتيجة في الستينات والسبعينات هي أن الأدوار أصبحت تغنى على “النوتة” أو بشكل جماعي أحيانا، لكن قبل الوصول إلى هذه المرحلة، كانت هناك مرحلة مثلا كارم محمود يغني هذه الأدوار وغيره أيضا، لدينا تسجيلين لهذا الدور من هذه الفترة، تسجيل السيدة سنية إبنة الأستاذ سفر بيك علي، وتسجيل الأستاذ كارم محمود لهذا الدور، السيدة سنية سفرعلي، وهي مغنية هاوية لم تحترف الغناء حولت بشكل كبير الدور إلى طقطوقة، فمثلا كلما تغني دورا من الأدوار تعود مرة أخرى إلى المذهب أي إلى كلام المذهب، وهي أصلا لا تغير كثيرا في لحن الأدوار، أما عندما فردت فقامت بالتفريد على الدور الأخير وهو “الحب حاله عجب يلذ فيه العذاب”، فردت على ضرب رباعي، إن شأنا أن نسميه “بمب” أو “مصمودي” هذا ليس مهما، المهم أنها بمجرد تناول الريشة الإيقاعية لسفر بيك علي أكدت لنا أنها تحولت إلى ضرب رباعي، تفرد بالطريقة نفسها التي كانت أم كلثوم تفرد بها في “الأولة في الغرام”، “حطيت عالقلب إيدي وأنا بودع وحيدي” مثلا، وبعد الانتهاء من التفريد تعود مرة أخرى إلى كلام ولحن المذهب، وتختم الدور بأنها تبطئ لحن المذهب في آخره، والأكيد أن هذا البطء  غير موجود في الأداء التقليدي للدور، يبدو أنه هناك توجيهات من سفر علي بهذا الشأن، لكن من المؤكد أن الطريقة التقليدية لأداء الدور لم يكن فيها بطء في آخره. حتى أننا نرى لهذا أصداء في أداء شخص مثل صلاح عبد الحي للأدوار، فهو لا يبطئ، لنستمع إلى هذا الشكل من التفريد والختم ونلاحظ كيف تحول الدور نوعا ما إلى طقطوقة أو لأغنية من أغاني الأربعينات.

عمنا كارم محمود حول هذا الدور البسيط، فقد نسينا أن ننوه بأن دور “الحلو لما انعطف” هو من نوع الأدوار البسيطة مثل “جددي يا نفس حظك” وأيضا “يا حليوة يا مسليني” الذي يكون فيه لحن المذهب هو نفس لحن الأدوار، ويجب على المؤدي أن يأخذ من هذا اللحن قماشة يقوم من خلالها بالتفريد الخاص به، لكن لا يوجد فيه ترنم أو آهات، ولا يوجد وحايد وهي المجاوبة بين المطرب وبطانته ؛ كارم محمود أخذ هذا الدور بشكله البسيط وحوله إلى دور كما يقول الكتاب: مذهب ثم تفريد ثم ترنم أو آهات ثم وحايد ثم قفلة، بالشكل التام الكامل كما وصلتنا أدوار داوود حسني أو سيد  درويش أو زكريا أحمد، بهذا الشكل وهو آخر شكل تقريبا من أشكال الدور، باستثناء أنه على إيقاع واحد لا يغيره، وهذا الدور أصلا على إيقاع مختلف عن بقية إيقاعات الأدوار كما سبق الذكر. لنعد مرة أخرى إلى تفريد عبد الحي حلمي على “الحب حاله عجب” وتفريدة كارم محمود.

فإذن أسطورة أن الأجيال كانت منفصلة هي أسطورة، أعتقد أن سماع نموذجي عبد الحي حلمي ومن بعده كارم محمود يؤكد لنا أن كارم محمود كان قد سمع عبد الحي حلمي في هذا التسجيل، التأثر واضح جدا، أعتقد أن الفصل التام عن الجيل الماضي أو عن مدرسة النهضة أي مدرسة الموسيقى العربية الفصحى من مشايخ وأفندية هو فصل أتى لاحقا عند جيل الخمسينات والستينات، لكن ليس جيل كارم محمود، فمن المؤكد أن كارم محمود قد سمع هؤلاء الأشخاص. في قسم الترنم أي الآهات عند كارم محمود الفرقة تبدأ بغناء آهات “محير”، أما هو فيفصل، هناك ريح لداوود حسني هنا، أنا أشم ريحة داوود حسني، أنا لا أعرف العلاقة بين كارم محمود وداوود حسني بالضبط، هل كان تلميذه أم لحق به أنا لا أعرف، لكن هناك مؤثر غريب بين كارم محمود وداوود حسني في طريقة الأداء، أكيد ليس في خامة الصوت ولكن في الأداء، طبعا من المعروف أن كارم محمود غنى الكثير من أدوار وطقاطيق داوود حسني، حتى أنه في الإذاعة هناك تسجيل مشهور “لعلى خده يا ناس ميت وردة” مع أنه من قام بغنائها في الأصل هو صالح عبد الحي، لكن التسجيل المشهور في الإذاعة هو تسجيل كارم محمود. بصرف النظر هناك ريحة لداوود حسني، ثم ينتقل إلى الوحايد ويؤديها بشكل متطور جدا، متطور بمعنى أنها ليست كالوحايد التي كان يؤديها محمد عثمان مثلا، بل التي كان يؤديها داوود حسني في أدواره المتأخرة وسيد درويش وزكريا أحمد، يبدأ من القرار وحدة في “البياتي” لنستمع إليها،

ثم في “الراست”،…

القفلة هنا فيها غموض، القفلة يبدو أنهم قالوا له ألا تزيد عن عشر دقائق، أو كان هناك وحدة ثالثة لم يقلها لأي سبب من الأسباب أنا لا أعرف، ولكن فعلا عودته إلى “يلذ فيه العذاب” والقفلة بهذه الطريقة المفاجئة غريبة، بعد القفلة هناك لازمة تقفل الدور، أنا لا أعرف بالضبط لماذا وضعت، هل وضعت لتحل محل الليالي والتقسيم مثلا؟، أو لماذا أنا لا أفهم اللازمة في النهاية بصراحة ما هي وظيفتها، لنستمع إلى الدخول من وحدة “الراست” على القفلة واللازمة. قبل أن نستمع إلى تسجيل كارم محمود كاملا دعوني أنوه لشئ، كارم محمود يؤدي الدور مع فرقة كبيرة، فرقة من الفرق التي بدؤوا استعمالها من آخر الثلاثينات والأربعينات والخمسينات، فرقة تحتوي على صف من الكمنجات “وتشيلو”/فيولونسيل” (cello) “ودوبل بيس” (double bass) يلعبون “هارمونك بيس” (harmonic bass)، أنا شخصيا إذا استنصحت من قبل أي أحد بأداء الدور لن أنصحه بأدائه بهذه الطريقة، أي دور ليس فقط “الحلو لما انعطف” لأن فرقة الأربعينات تهدم عنصرا من أهم عناصر الدور وهو الارتجال والتفاعل بين المؤدين وبعضهم البعض، لأنه إذا وضعنا صف من الكمنجات وأحدهم سيلعب “هارمونك بيس” إذن لم يعد هناك أي ارتجال لأنه إذا ارتجلت كل الكمنجات ستحدث فوضى كبيرة، وإن كنا طبعا نلاحظ انه يبدو أن مفرد الكمنجات عبد المنعم الحريري يحاور كارم محمود بعدد من الأقواس الجميلة جدا، ولكن حقيقة أن كارم محمود في هذا التسجيل لهذا الدور كسر هذه  النظرية، فعلا كارم محمود أدى الدور كامل العناصر، مكتمل العناصر تماما لا يوجد أي شئ ناقص، حتى وإن كنا لاحظنا أن بعض العازفين يقرؤون من “النوتة”، لكن فعلا كارم محمود كشخص يؤدي الدور مكتمل العناصر تماما، وأنا قد أختلف معه لكن أحترمه جدا في مسألة الفرقة، نوهنا عن هذه المسألة والاختلاف في الرأي لا يفسد أبدا للود قضية، هذا ليس انتقاد أبدا لأنني أقول أن كارم محمود فعلا استوفى شروط أداء الدور من الألف إلى الياء. نلاحظ أن الدولاب مستبدل بلازمة أو مقدمة غنائية أشبه ما يكون بأي أغنية من الأربعينات والخمسينات، لكنها أيضا مستوحاة من ألحان الدواليب، لاحظنا في جميع التسجيلات التي سمعناها في الحلقة السابقة أنهم يبدؤون بدولاب على إيقاع رباعي ثم يحولون إلى ثلاثة، هنا المقدمة الموسيقية راعت أن الدور من “الدارج”، فالمقدمة الموسيقية أيضا من “الدارج”، أنا في واقع الأمر لا أعرف من لحنها، قد يكون كارم محمود نفسه أو ربما عزت الجهلي أو ربما شخص آخر، التسجيل سجل من الراديو، يبدو أن كارم محمود غناها على الهواء مباشرة، ويبدو أن الدور أذيع في فترة ما في الخمسينات أو الستينات وعبد العزيز العناني سجله من الراديو مشكورا، فقد حاولنا تنظيف التسجيل قدر الإمكان، فنتمنى أن تسامحونا على أي شوائب تلاحظونا في التسجيل، فإذن نستمع إلى دور “الحلو لما انعطف” نظم إسماعيل باشا صبري لحن عبده الحامولي، أداء كارم محمود مع فرقة الإذاعة المصرية، أعتقد أنه على القانون كامل عبد الله وكما قلنا كمنجة عبد المنعم الحريري موجودة ضمن الكمنجات، على الأرجح أنه من يعزف إيقاع هو حسين معوض، ربما على الناي محمود عفت في بدايته لكنني لست متأكدا بصراحة  من العازفين، صاحب الصوت المميز هو محيي الدين العربي، وقد كان رئيس الكورس، لكن نحن بحاجة إلى العودة  لأرشيف الإذاعة إذا  كان مايزال موجودا أصلا لمعرفة من كان يعزف في فرقة الإذاعة مع كارم محمود في هذا التسجيل، إذن نستمع إلى الدور بصوت كارم محمود وبه نأتي إلى ختام حلقة اليوم من برنامج “سمع”، إلى أن نلتقي في حلقة جديدة نترككم في الأمان، ومع كارم محمود.

قدمت لكم مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية “سمع” 

 

  2014  /  الإذاعة  /  Last Updated أبريل 16, 2014 by Amar  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien