You are here:   Home  /  الإذاعة  /  113 – الموسيقى في اليمن 2

113 – الموسيقى في اليمن 2

enar

 

مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “دروب النغم”.

أهلا وسهلا بكم سادتي المستمعين في حلقة جديدة من برنامج “دروب النغم”، نواصل فيها الحديث عن الموسيقى في بلاد اليمن، كنا قد وقفنا عند الدولة الرسولية والموسيقى أيام الدولة الرسولية، يبدو أن اليمن بشكل عام كان فعلاً سعيداً في هذه الفترة، يعني كان مزدهرا.

نعم وكان اليمن تقريبا موحدا، فكانت السلالة الرسولية تحكم اليمن الشمالي ومناطق تهامة الغربية، وكذلك مدينة عدن، وكانوا يستغنون من المصادر التجارية والنشاط التجاري في مدينة عدن وميناء عدن، هكذا استغنت الدولة الرسولية واستطاعت أن تستقطب سمات من الحضارة ورجال متخصصين بالمهن، وأيضا الثراء الذي استخرجوه من الضرائب التي فرضوها على التيارات التجارية في مدينة عدن.

إذن الدولة الرسولية كان فيها ازدهار للموسيقى بصنفيها الكلاسيبكي والديني، وأكيد الفولكلوري بالتالي، لكن بانتهاء الدولة الرسولية انتهى الازدهار؟ هل دخلت الموسبقى اليمنية في فترة اضمحلال ما؟

لا الحمد لله لم ينقطع الحبل،لأنه بعد الدولة الرسولية برزت دولة أخرى في مرتفعات اليمن، المناطق التي  حول صنعاء على يد سلالة مختلفة معروفة باسم القاسميين، فقد كانوا أئمة من سلالة بنو قاسم، أئمة زيدين يعني مختلفين تماما عن السلالة الرسولية، أسسوا ملكهم بعد انتهاء الاحتلال الأول للعثمانيين لليمن، يعني أواخر القرن السادس عشر وبدايات القرن السابع عشر. كان هناك أيضا عائلة  أمراء زيديين اسمهم بيت شرف الدين، كانوا نخبة سياسية وأيضا ثقافية، مارسوا الشعر الحميني بشكل مميز، خاصة مؤلف اسمه محمد بن عبد الله شرف الدين، عاش في القرن السادس عشر خلال  الاحتلال العثماني. كان شاعرا كبيرا أعطى دفعة قوية للشعر وأيضا للموسيقى في ذلك الوقت، شعره موجود طبعا ومسجل في مخطوطات من ذلك الوقت. وأيضا الجميل في محمد عبدالله شرف الدين أنه جامع ديوانه الحميني ومرفق هذا العمل بأخبار  تاريخية عديدة، كسيرة ذاتية لمحمد عبدالله نفسه. ويوجد لدينا معلومات كثيرة عن عصره وفنه وكيف تورث هذا الفن، وكيف أبدع في فن التأليف الشعري، وأيضا في الإنشاد وبعض اللمسات عن الموسيقى في ذلك الوقت.

 

Muhamad al Khamisi

Muhamad al Khamisi

Said Kawira

Said Kawira

 

والألحان؟

الألحان طبعا لم تسجل للأسف الشديد، لا يوجد تدوين بالنوطات، حتى في تركيا. بدأ هذا العمل بعد هذه الفترة بوقت صغير، إنما الألحان موجودة في تسجيلات في القرن العشرين، نحاول أن نقارن بين الألحان والقصائد حتى نقوم بافتراضات على قدوم هذه الألحان، إنما لا شك إن هذه الألحان قديمة جدا، ربما معظمها يرجع إلى هذه الفترة الذهبية، لأنه مما لا شك فيه إن معظم الشعراء كانوا في نفس الوقت ملحنين.

نعم.

ويبدو أن محمد عبدالله شرف الدين هو نفسه كان ملحنا، احتمال كبير أن الكثير من هذه الألحان التي نعرفها حاليا كانت من  تأليف هؤلاء الشعراء الكبار في القرنين السادس عشر والسابع عشر ميلادي.

أعتقد أن هذا ممكن جدا لأنه عندما نرجع إلى مخطوطات علي أفقي بيه التركية ونجد بعض الألحان العربية ما زالت تغنى إلى وقتنا هذا، وأنا لاحظت أن الرجل قد دونها في هذا القرن، مع أننا حفظناها شفويا وليس عن طريق علي أفقي بيه، فربما لما لا قد تكون قطعة شفوية ظلت تتوارث أربعمائة سنة ليس مستبعدا.

نعم هذا ممكن جدا ولا يتناقض مع رأي أن هذا التراث تطور أيضا في ذلك الوقت، أكيد أن الألحان التي نسمعها حاليا لم تكن بالضبط مثلما كانت في ذلك الوقت، ومما لا شك فيه إن لهؤلاء الأشخاص في ذلك الوقت يد كبيرة في تأسيس هذا التراث الذي نعرفه الآن.

أقله أن النظام الموسيقي كان يمشي كما هو.

النظام الموسيقي لا أعتقد أنه تغير كثيرا لأنه كما تعرف حضرتك الألحان اليمنية متأثرة بالأبعاد الصوتية العربية والزلزية، إنما كنظام مقامي نظري فهذا ليس موجودا في اليمن، فأعتقد أن التوَرُّث الصوتي الشفهي نقل هذه السلالم الموسيقية كما هي, ولكن ربما الألحان تغيرت أو تحسنت إلخ، أما النظام الموسيقي فلم يتغير كثيرا.

حسنا بعد مجمد عبدالله شرف الدين، نحن الآن وصلنا تقريبا إلى القرن السادس عشر. 

وصلنا إلى السابع عشر مع مؤلفين آخرين، مثل أحمد الرقيحي وشعراء آخرين، في القرن الثامن عشر نصل إلى شعراء كبار أيضا موثوقين من ناحية النصوص، مثل عبد الرحمن الآنسي، وهو شاعر كبير في نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر.

أيام الدولة القاسمية أيضا؟

نعم أيضا ولكن في أواخر الدولة، عبد الرحمن الآنسي وابنه أحمد الآنسي أيضا شاعر كبير.

وشعرهما لا زال باقيا أيضا؟

نعم موجود طبعا، القصائد موجودة، والألحان إلى حد ما مرتبطة بالقصائد، ولكن لا نعرف بالضبط هل لحنت فبل ذلك الوقت أو بعد.

هل كان هناك أسماء موسيقيين مشهورين في هذه الفترة؟

لا للأسف وهذا ربما يرجع ربما إلى التزمت في الدولة القاسمية الزيدية، أو إلى النظرة السيئة كنمظ اجتماعي لمهنة الفن وممارسة الفن، فللأسف الشدشد الأسماء قليلة جدا في هذه الفترة، إنما تبدأ أسماء الفنانين الكبار في بداية القرن التاسع عشر.

مثل:

الشعراء اللذين طوروا أكثر الشعر الحميني هم شعراء أكثر في القرن الثامن عشر، عبد الرحمن الآنسي وابنه أحمد، وكذلك علي العنسي، كان قاضيا وكانوا يسمونه القاضي علي العنسي، هؤلاء الشعراء جميع قصائدهم موجودة من خلال مخطوطات، وطوروا خاصة شكل الموشح، الموشح اليمني مكون من ثلاث أجزاء: البيت والتوشيح والتقفيل، ويبدو أيضا أن هذا التقسيم له أبعاد موسيقية، وهذا مهم جدا لكتابة الموسيقى اليمنية، لأنه حتى الآن عندما نسمع لحنا كاملا بأجزاءه الثلاثة البيت والتوشيح والتقفيل نعرف أن هذا اللحن أصلي لأنه صعب لأي فنان أن يطبق مثل هذا اللحن على قصيدة أخرى، هنا نرى فعلا أن تاريخ الأدب يستطيع أن يساعد تاريخ الموسيقى. 

مرتبطان. 

نعم مرتبطان بشكل ضيق، إنما يحتاج إلى جهد كبير لدراسة هذه الأشكال بدقة.

هل يمكن  تسميتها بالموشحات الحمينية؟

نعم ممكن عادة اليمنيين يتكلمون عن الموشحات كشكل للشعر الحمينيي.

هل يوجد موشحا لأحد هؤلاء الشعراء مسجلا وموجودة إلى الآن؟

نعم كثير جدا، من الموشحات المشهورة يمكننا أن نذكر “يقرب الله لي بالعافية والسلامة”، هذا موشح مكون من ثلاث أجزاء مشهور، غناه الكثير من الفنانين.

ليس معروفا مؤلفه؟

مؤلفه عبد الرحمن الآنسي بالذات، وهو الأب.

وبصوت من سنسمعه؟

سنسمعه بصوت الشيخ علي أبو بكر باشراحيل، بمرافقة العود اليمني “الطرب”، “القنبوص”.

التسجيل في أي سنة تقريبا؟

تقريبا سنة 1939 شركة أوديون في عدن…

أنهينا مرحلة القرن الثامن عشر والموشحات بأجزاءها الثلاثة، ثم تقول أنه بدأ يكون هناك أسماء موسبقيين أكثر على الساحة، لماذا؟ هل حصل انفتاح؟ هل حصل شيء ما بخصوص الموسيقى في اليمن؟ نحن الآن في مرحلة عثمانية أخرى صحيح؟

نعم بالضبط وهذا العنصر التاريخي مهم لفهم مثل هذه الأشياء، لأن وجود الاحتلال العثماني الثاني لليمن بدأ سنة 1870 في صنعاء، من 1870 في صنعاء إلى 1919، فإذن بقي العثمانيون في اليمن تقريبا خسمين سنة، هذه الخمسين سنة كانت مهمة جدا بالنسبة إلى اليمن، لأنها بدون الشك السبب في انفتاح ثقافي علمي إلى حد ما، وتشجيع أيضا للفن لأنه يقال أن الحكام والعسكر العثمانيين في اليمن كانوا يتمتعون جدا بالموسيقى اليمنية، بما أنه كان هناك بعض الفنانين اليمنيين اللذين كانوا يغنون ويعزفون في قصر الحاكم، أو عند بعض الضباط العثمانيين. أحد العناصر المهمة التي يجب أن نفهمها لأنها لم تذكر كثيرا في التاريخ وهي أن الكثير من الضباط كانوا من أصل عربي.

أكيد.

كانوا شوام وكانوا مصريين، فلذلك أيضا هذا يفسر لما كان هناك هذا الاهتمام وهذا الاحتكاك بين الضباط العثمانيين والفنانين أو الشعراء أو الشعب اليمني بشكل عام. الفنان الأول الذي ذُكر فعلا اسمه وعرفت سيرته الذاتية هو فنان اسمه جابر رزق، جابر رزق ولد في صنعاء تقريبا في السبعينات من القرن التاسع عشر، مارس الفن ولكن فيما بعد هاجر من صنعاء إلى تهامة، ولم يواصل عمله الموسيقي بل اعتنق التصوف في تهامة وأصبح شاعراً أكثر من عازف، إنما هناك احتمال إنه ألف قصائد وفي نفس الوقت لحن ألحان عديدة في تهامة، فإذن تاريخ جابر رزق في الموسيقى في صنعاء يعتبر فقط بضعة سنوات قليلة جدا.

أكيد لم يسجل.

أكيد لم يسجل. بعد ذلك أتى فنان مهم جدا جدا هو سعد عبد الله، هذا الفنان كان معروفا أنه يعزف عند الضباط العثمانيين، وكان يعزف على القنبوص أو الطرب، عاش في بداية فترة الأئمة في صنعاء منذ سنة 1905. هذه الفترة كانت فترة صعبة لأنه كان هناك حروب بين الأئمة الزيديين والمحتلين العثمانيين في ذلك الوقت في صنعاء، والفنانين كانوا يتأرجحون بين الحكم العثماني الذي كان إيجابيا تجاه الموسيقى والحكم الزيدي الذي كان سلبيا تجاه الموسيقى. فلذلك مكانة الفنانين الاجتماعية والدينية والسياسية كنت مكانة صعبة، وسيرة سعد عبد الله الذاتية تدل على ذلك، بما أنه كفنان اتهم من قبل الفقهاء والمتزمتين في صنعاء أنه خارج عن الأنماط الدينية، وكان ربما يتناول الخمور، وعزفه على العود كان موضع اتهام. يوجد أسطورة جميلة جدا تحكي لنا هذه القصة، كيف واجه هذه الاتهامات، وبفضل فنه وتملكه للقصائد الدينية، استرجع احترام الإمام لأنه كان يؤدي القصائد الدينية، وحتى بعض الصلوات الدينية بمرافقة العود، ذلك سمح له أن يستمر تحت حكم الإمام يحيى حميد الدين، إنما مكانته بقيت صعبة، للأسف، قتل يبدو على يد متزمتين في أوائل القرن العشرين. 

أيضا ليس لدينا تسجيلات له.

نعم، هذا الفنان كان له تلاميذ كثر، بعضهم بقي في صنعاء ومارسوا الفن الموسيقي، وبعضهم سافر إلى مدينة عدن، اثنين معروفين اخترا الهجرة إلى عدن، واحد اسمه علي العطاب ومحمد ظافر، هذان الاثنان يبدو أنهما هربا من الحكم المتزمت الزيدي، وانتقلا إلى مدينة عدن في أوائل العشرينات ربما، كانا تلميذا سعد عبدالله.

كانت عدن تحت حكم الإنجليز.

طبعا عدن كانت تحت حكم الأنجليز فلذلك كانت ممارسة الفن مسموحة بكل حرية، لذلك يمكن أن نقول أن الغناء الصنعاني انقسم إلى قسمين، قسم في عدن، وقسم بقي في صنعاء.

والقسم الموجود في عدن هو الذي لدينا له تسجيلات.

له تسجيلات أواخر الثلاثينات، بينما التسجيلات في صنعاء بدأت بوقت متأخر أكثر في الخمسينات.

ماذا ترجح أن نسمع من تلاميذ سعد عبدالله؟

الحقيقة لن نسمع تلاميذ سعد عبدالله لأنهم أيضا لم يسجلوا، إنما تلاميذ التلاميذ في عدن ، منهم الشيخ علي أبو بكر باشراحيل الذي سمعنا منه قصيدة “يقرب الله”، يوجد أيضا صالح عبدالله العنتري، عاش ومارس الفن في عدن، وسجل في عدن، هذان الاثنان تقريبا العبقريان اللذان سجلا في عدن في الأربعينات من القرن العشرين.

نسمع شيء بصوت العنتري!

سوف نسمع للأستاذ صالح عبدالله العنتري، قصيدة “رضاكَ خير من الدنيا وما فيها” بمرافقة العود الكبير لم يعزف على القنبوص….

“يا سلام يا سلام” لننتقل الآن من الشق التاريخي إلى الشق النظري، ما الذي وصلنا من النظام النغمي والنظام الإيقاعي في الموسيقى اليمنية؟ ولنتكلم أيضا عن الطرب أي آلة العود اليمني وأنواع دوزانها وكيف كانت تدوزن، هل على المقام أم لها دوزان ثابت؟ وانتهى الأمر على ذلك، وهل هناك مصادر تثبت ذلك؟

نبدأ بالعود لأنه مدخل نظري جيد للبنية الموسيقية في اليمن. 

إذن يمكن أن نضع هنا ملاحظة وهي أن معظم التنظير في الموسيقى العربية بشكل عام والنظام الموسيقي العربي لغاية وقت متأخر جدا، كانت آلة العود هي الآلة التي تطبق عليها هذه النظريات في معظم الكتب.

نعم فعلا أعتقد في اليمن هذا صالح أيضا، نذكر العود اليمني الطرب أو القنبوص، لا تآخذونا على تكرار هذه الكلمات لأن هناك كلمات مختلفة، وهناك اختلاف في التسمية، فأذكر هذه الكلمات لأرضي جميع الإخوان الزملاء. 

“بيضربوا بعض هناك على السميات”.

إنما هذا العود ذو أربع أوتار وليس خمسة مثل العود الشرقي المعروف في القرن العشرين، فالأربع أوتار هذه مثل العود الشرقي، إلا الوتر الخامس، هذا يعني أن الوتر الأول والثاني والثالث يمكن القول أنها “دو صول ري” (Do Sol Re).

نحن نتكلم من الجواب إلى القرار.

نعم الجواب إلى القرار، القرار يكون الوتر الرابع، ولكنه ليس مدوزنا “لا” (La) مثل العود الكبير، إنما يكون دوزانه “دو” (Do)، يكون جواب الوتر الأول.

الزير يجاوب البم .

نعم.

وأيضا ثلاثة من الأوتارمزدوجة والوتر العلوي مفرد، هل هذا في كل القنابيص أم لا ؟

نعم.

هل هذا له دلالة؟ هل الوتر المفرد يتغير دوزانه مثلا؟

عادة لا يتغير دوزانه، لكن دوزانه على “الدو” (Do) يعتبر تأكيد لعزف الجواب، ويستعمل كثيرا في العزف حتى لو لم يكن اللحن في مقام/درجة “الدو” (Do).

هو موجود في جميع الأحوال.

نعم.

ولكن لماذا مفرد؟ هل وصل أي تفسير؟

لأنه كبير حديد أو نحاس.

لذلك هو ضخم.

ضخم مثل الوتر الخامس على العود الكبير فرد أيضا، إذا أخذنا هذه الأوتار الأربعة نرى أنه يمكن “للدو” (Do) أن تكون قرار لمقام الراست، والوتر الثالث يمكن أن يكون قرار لمقام البياتي، والثالث معفوق يكون “مي نصف بيمول” سيكاه (Mi demi bemol)، معظم الألحان اليمنية على هذا الأساس، هذا يعني أن معظم الألحان اليمنية زلزلية البنية، سواء كان راست أو بياتي أو سيكاه. طبعا هناك مشتقات من هذه الأنماط إنما لا يمكن أن نعتبرها الأساس. نلاحظ أنه لا نعزف مثلا في مقام البياتي “سي بيمول” (Si bemol)، دائما “سي نصف بيمول” (Si demi bemol)، هذا هو أساس النظام اللحني اليمني، ولا أجرأ أن أتكلم عن المقام لأنه في اليمن لا يوجد معرفة نظرية للمقامات كمقامات بأسمائها، إنما الذي يعرف المقامات سيعرف أن يميزها من بين الألحان اليمنية دون ذكر هذه الأسماء.

إذن لا يوجد تسمية للمقامات. 

ولا للدرجات، هناك تسميات لأوتار العود فقط، الأول الحد واسمه “الحاذق” يعني النشيط والثاني “الأوسط”، وهذا مفهوم لأنه تقريبا في الوسط، “الرخيم”.

“الرخيم”.

“والرخيم” يبدو أن هذه التسمية الجميلة آتية من بعض القصائد الشعرية التي تحكي عن الصوت الرخيم، صوت العصافير الرخيم أو صوت العود الرخيم، والرابع اسمه “الجر” أو “اليتيم”.

“اليتيم” لأنه فرد ربما.

هو فرد نعم، فهذه العناصر اللحنية الوحيدة التي بحوزتنا بالنسبة للموسيقى الصنعانية.

الأيقاع. 

الإيقاع على العكس يوجد تسمبات أكثر، تقريبا يوجد عشر تسميات أساسية لأنواع الإيقاع، ويوجد شكل مركب لعدة إيقاعات تسمة “القومة”، “القومة” عبارة عن سلسلة (Suite) أو شكل مركب لعلى الأقل ثلاث إيقاعات وثلاث ألحان وثلاث أغاني في نفس الوقت.

يمكن أن نسميها وصلة.

بالضبط يمكن أن نسميها وصلة، هذه الوصلة تبدأ عادة “بالدسعة”، “الدسعة” تكون مبنية على أيقاع الأقساق، إما 8/7 أو 8/11، مثلا يمكن أن نغنيها هكذا… هذا هو ” الدسعة” 8/11، بعد “الدسعة” تأتي “الوسطى”، 4/4 أو 8/8 حسب التدوين.

هل لديك مثل على ذلك؟

هذه هي “الوسطى”، ثم يأتي “السريع” وهو تقريبا نفس الإيقاع ولكن أسرع، ويتغير النمط قليلا بسبب السرعة، فيصبح هكذا… هذا هو “السريع”، تقريبا هذه الأشكال الثلاثة تكون الشكل المركب للوصلة الصنعانية التقليدية وهي “القومة”، تسمية قديمة لشكل شعري قديم عند العرب، ولكن “القومة” ربما تكون مثل مفهوم “النوبة”.

هل يكون هناك أغنية واحدة فقط على كل إيقاع؟

لا هنا تبدأ الصعوبة، لأن اليمنيين معتادين على أن يطبقوا كلمات مختلفة على نفس اللحن، أو ألحان مختلفة على نفس الكلمات.

نعم!!

هذه مثل لعبة وطنية، وهذا يجعل العلاقة بين اللحن والقصيدة علاقة غير ثابتة، ومن حيث التاريخ الموسيقي صعب جدا، يجعل الأمور صعبة جدا، لأننا نستطيع أن نفترض أن الألحان التي نسمعها حاليا لم تعنّ قديما على نفس الكلمات، والكلمات التي نسمعها حاليا لم تغنى على نفس الألحان في قديم الزمان، وربما تغيرت عدة مرات بعد أن ألقت، عرفت كيف؟

يا عالم.

الآن عندما تتأمل تطور الموسيقى في اليمن في القرن العشرين، تواجد التسجيل أدخل نوع من الاستقرار، لأننا أصبحنا نعرف أن القصيدة الفلانية تعنى على اللحن الفلاني، على يد الفنان الفلاني، في لنقل مثلا 1940 لشركة في تاريخ كذا، هذا أدى إلى نوع من الاستقرار إلى حد ما، إنما قبل التسجيل لا نعرف أبدا كيف كان. أعتقد أنها ميزة لما نسميه التراث الشفهي، التراث الشفهي ليس كما نتصوره نحن، ثابت مستقر ينقل من جيل إلى جيل إلخ، بل هو بحر يصب من جيل إلى جيل بكل أشكاله وأنواعه وألوانه وحركاته، هذا شيء مهم علينا أن نفهمه.

وهل هذه تكون متصلة أم يفصلون بينها بما يشبه الألحان المرسلة أو القصائد المرتجلة؟

نعم طبعا هذا يطبق أيضا على الألحان غير الموقعة، إنما أيضا عندما تسمع لحن غير موقع ربما تعرف علاقتها باللحن الموقع، مثلا “ومغرد بوادي الدور”… هذا غير موقع، هذه موقعة لاحظت كيف؟

مفهوم.

يمكن أن تطبق أيضا نفس اللحن على إيقاع 8/11 مثلا.

نفس اللحن نعم على اختلاف المدود، أفهم من ذلك أنه ليس لديهم كثيرا نوع من الارتجال على الشكل الموقع أو المرسل كما هو الحال في الموسيقى في بر مصر وبر الشام.

لا وخاصة أنهم ليس لديهم مفهوم المقام، طبعا هم يرتجلون بعض الأشياء، إنما هذا الارتجال ليس قائما على مفهوم المقام، يعني مثلا الانتقال من مقام إلى مقام أو التلوين في مقام فرعي على مقام رئيسي غير موجودة في اليمن بشكل ممييز.

مفهوم يعني الارتجال هو إعادة تأويل لنفس اللحن تقريبا.

عند اليمنيين نعم هذا هو.

حسنا يا سيدي نكتفي بهذا القدر من التنظير الموسيقي في بلاد اليمن، إيقاعا ونغما، وسنتكلم في الحلقة القادمة عن القوالب الموسيقية في اليمن، فإلى هنا إذن نكون قد وصلنا إلى ختام حلقة اليوم من برنامج “دروب النغم”، نتقدم بخالص الشك للأستاذ الدكتور جان لامبيرت على ما أعطانا من معلومات وتسجيلات قيمة، إلى أن نلتقي في حلقة جديدة سادتي المستمعين نترككم في الأمان.

“دروب النغم”. 

 

  2015  /  الإذاعة  /  Last Updated مايو 27, 2015 by Amar  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien