You are here:   Home  /  الإذاعة  /  137 – دور النظير 1

137 – دور النظير 1

enar

 

039-YMN-A, Youssef El Manialawi, Men Abl Mahwa El Gamal Iمؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم “سمع”.

“سمع” برنامج يتناول ما لدينا من إرث موسيقي بالمقارنة والتحليل.

فكرة: مصطفى سعيد.

سادتي المستمعين أهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج “سمع”، في هذه الحلقة نتناول ظاهرة أشبه ما تكون بظاهرة المعارضة في الشعر، مثلا نعرف أن شاعر ما يكتب قصيدة في موضوع ما، ويأتي شاعر آخر في نفس الزمان أو في زمن لاحق له ويكتب قصيدة معارضة لهذه القصيدة، أي في نفس المضمون ونفس القافية ونفس الوزن. وهناك قواعد لهذه المعارضة إنه إذا كتب الشاعر الأول عدد ما من الأبيات، فيجب أن يزيد الشاعر اللاحق على هذه الأبيات. في الموسيقى الآلية مثلا هناك البشرف وبشرف النظير، بشرف النظير هو نفس القصة مناظرة لنفس البشرف الذي كان ملحنا على نفس المقام وعلى نفس عدد الخانات إلخ. في حالتنا يمكن أن نسميه الدور النظير أو الدور المعارضة أو أي شيء من هذا القبيل، هو شخص ما يلحن دور, وموسيقي آخر يلحن من نفس مقام الدور، وأحيانا أيضا من نفس مضمون الكلام، ويأخذ نفس الانتقالات ونفس الوحايد ونفس الهنك إلخ. هذه الملاحظة انتبهت لها جليا في دورين في آخر القرن التاسع عشر، لكن عندما بدأت ألاحظ أن هذه القصة موجودة، عدت لحقبة أقدم قليلا أيام الخديوي إسماعيل مثلا في دور “الله يصون دولة حسنك” “ومليك الحسن في دولة جمالك” للموسيقيين الزميلين عبده الحامولي ومحمد عثمان. إنما أنا لا زلت على رأيي بأن أشرح هذا النمط على الدورين اللذين اكتشفت هذه القصة فيهما، وقد كانا لموسيقيين صديقين، مع أن إبراهيم القباني أكبر قليلا من داود حسني إلا أنهما كانا صديقين، دور لإبراهيم القباني وهو الأقدم هو دور “من قبل ما اهوى الجمال”، والأحدث هو دور “كل مين يعشق جميل” لداود حسني، الدورين لشاعر واحد هو الشيخ أحمد عاشور. الشيخ أحمد عاشور أكيد ليس في حقبة الخديوي إسماعيل، ربما في آخر حقبة الخديوي توفيق أو الخديوي عباس حلمي، ولكن أيضا بسهولة جدا يمكن أن نقول إن الدورين لحنا في القرن التاسع عشر، أو على أقل تقدير دور “من قبل ما اهوى الجمال” لحن في القرن التاسع عشر، والله أعلم بعد كم من الزمن قرر داود حسني أن يعارض القباني، لكن أكيد قبل أن تصبح أدوار داود حسني كلها مسجلة لشركة غراموفون. وعلى ضوء هذا يمكن أن نؤكد أن دور “كل مين يعشق” قبل 1903، نحن متأكيدين إن دور “من قبل ما اهوى الجمال” كان بالفعل مشهورا في القرن التاسع عشر لدرجة إنه لدينا تسجيل له على “كباية”/بوق بصوت عبده أفندي الحامولي”، إلى جانب تسجيل آخر على “كباية” بصوت ملحنه إبراهيم القباني. أما “كل مين يعشق جميل” فكل التسجيلات التي لدينا هي بدايةً من أول حملة أسطوانة لشركة زونوفون أو غراموفون، والذي سجله إسماعيل حافظ، وهو مطرب ضيعه قومه، صوت جميل ومؤدي بارع جدا، ولكن التسجيلات التي لدينا له للأسف قليلة جدا وتنتهي سنة 1905، لا نعرف عنه شيئا بعد سنة  1905…. إذن الدورين اللذين معنا من نفس المقام، مقام البياتي وأكيد من نفس الضرب، المذهب في المصمودي والدور في الوحدة كما جرت العادة في الغالبية العظمى من الأدوار.

داود حسني

داود حسني

لاحظت في حكاية أدوار المعارضة هذه، الأدوار التي يأتي شخص ويلحن على نظيرها، أو أدوار النظير إذا أخذنا على الاصطلاح الموسيقي، البشرف وبشرف النظير من الشيخ يوسف المنيلاوي، الشيخ يوسف المنيلاوي سجل الدورين مرتين، له تسجيلين لكل دور منهما، تسجيل “لكل مين يعشق” “ومن قبل ما اهوى الجمال” مع سمع الملوك سنة 1905 وهي بيكا، وتسجيل مع غراموفون سنة 1908. تسجيل غراموفون سنة 1908 كان واضحا إنه متعمد أن يسجل الدورين بشكل متتابع، أراد أن يوصل رسالة ما، سجلهما بشكل متتابع في نفس الحملة، عندما سمعت التسجيلين قلت إن هناك شيء غير عادي في هذين الدورين، داود حسني سمع إبراهيم القباني أكيد وقرر أن يلحنن دور يشبه الدور الأول، حتى في المعنى هناك بعض معاني الكلمات مثلا في الدور تشعر بأنها مكررة، في دور “من قبل ما اهوى الجمال” يقول ” مالك والهوى يا قلبي ما كنت خالص في نعيم وكنت قاعد مستريح”، والثاني يقول” لما انت مش قد الهوى بس تعشق ليه وتميل” إلخ، كما قلنا لنفس الشاعر وهو الشيخ أحمد عاشور.

لدينا أكثر من تسجيل، أول ملاحظة أحب أن أقولها عن التسجيلات هي أنها قبل الحرب العالمية الأولى، تنقطع ويعاد تسجيلها مرة أخرى في آخر الخمسينات أول الستينات، هناك فترة انقطاع، ليس كأدوار أخرى كنا سمعناها في تسجيلات حقبة العشرينات والثلاثينات مع صالح عبد الحي أو مع سيد الصفتي، كما في دور “سلمت روحك” إلخ، هذا الدور وهو “من قبل ما اهوى الجمال” بحكم أنه أكيد الأقدم فقد سجل قبل دور “كل مين يعشق جميل”. دور “كل مين يعشق جميل” لم تصلنا له تسجيلات على “كبايات”، هو أكيد مسجل ولكن لا أظن إن عبده الحامولي قد سجله مثلا كما حصل مع دور “من قبل ما اهوى الجمال”، إبراهيم القباني سجل دور “من قبل ما اهوى الجمال” أيضا على “كباية” لماذا؟ هل سجله للتجارة أو للتحفيظ؟ أيضا لا نعرف، لكن إبراهيم القباني لم يصلنا إلى وقتنا هذا تسجيل “من قبل ما اهوى الجمال” بصوته على أسطوانة 78، إذن بعد الكبايات أول دور مسجل هو “كل مين يعشق”، ليس “من قبل ما اهوى الجمال”، أول دور مسجل في حملة تسجيلات سنة 1903، هذا لا يعني إنه أول دور سجل، “من قبل ما اهوى الجمال” سجل على كباية، لكن على الاسطوانات، من أقدم الاسطوانات الموجودة أي أول أسطوانات هذه الحملة، حملة أسطوانات سنة 1903 هو دور “كل مين يعشق” بصوت إسماعيل حافظ الذي تكلمنا عنه قبل ذلك، بعد ذلك سيد الصفتي سجل الدورين، سجل “من قبل ما اهوى الجمال” “وكل مين يعشق جميل”، وبعد ذلك مثلا سجل سليمان أبو داود الدورين، مثل يوسف المنيلاوي، لدينا ثلاثة سجلوا هذين الدورين يوسف المنيلاوي وسليمان أبو داود وسيد الصفتي، ولكن الفرق إن يوسف المنيلاوي سجل الدورين مرتين، مرة مع سمع الملوك ومرة مع غراموفون. قلنا إن غير الثلاثة اللذين سجلوا الدورين يوسف المنيلاوي وسيد الصفتي وسليمان أبو داود، دور “من قبل ما اهوى الجمال” حيث إنه الأقدم سجله عبده الحامولي وإبراهيم القباني على كبايات، ثم سجله في حملة سنة 1905 لزونوفون محمد صادق، ومحمد صادق على فكرة من الأشخاص اللذين سجلوا كبايات، سجل “بوق/سيليندير” قبل تسجيل الأسطوانات، لكن الدور هنا على أسطوانة زونوفون من محمد صادق، ومع أوديون في نفس السنة تقريبا سجله أحمد فريد، بعد ذلك بخمسين سنة روحية أحمد سجلته في الإذاعة.

إبراهيم القباني

إبراهيم القباني

دور “كل مين يعشق جميل” للأسف إلى وقتنا هذا لم يظهر بصوت داود حسني، إن شاء الله يظهر في المستقبل، لكن لدينا تسجيل له بصوت غير اللذين ذكرناهم قبل ذلك، غير يوسف المنيلاوي وسليمان أبو داود وسيد الصفتي، لدينا بصوت إسماعيل حافظ سنة 1903 في أول حملة تسجيل، ولدينا بعد ذلك  بحوالي أربع سنوات بصوت إبراهيم شفيق مع أوديون، الذي حَفَظَهُ بدوره لسيد مكاوي وسجله في منتصف الخمسينات، ولور دكاش أيضا سجلته في بيروت في نفس الحقبة تقريبا، على فكرة سيد مكاوي سجله أكثر من مرة، مرة يبدو في جلسة خاصة ومرة في الإذاعة، أو المرتين في الإذاعة غير مفهوم بالضبط، سيكون اعتمادنا في أقل تقدير في أول حديثنا عن هذا الموضوع على الأشخاص اللذين سجلوا الدورين، خصوصا الشيخ يوسف المنيلاوي، أكيد لأنه من عرفني على مسألة هذه الأدوار، أدوار المعارضة، ثم اكتشفتها في أدوار كثيرة، إن شاء الله يأتي الوقت الذي نستطيع أن نتكلم عنها كلها، لنسمع المذاهب متفرقة، مذهب دور “من قبل ما اهوى الجمال” ثم مذهب دور “كل مين يعشق جميل” من عدة أصوات ليتبين لماذا نقول إن الأدوار مأخوذة من بعضها…

 لاحظنا كيف؟ إبراهيم القباني قام بشيء، وواضح إن داود حسني لم يتأثر بإبراهيم القباني إنما بهذا الدور تحديدا، في بنية “كل مين يعشق جميل”، ولكن زاد على إبراهيم القباني، فكما قلنا الشاعر في شعر المعارضة يزيد في عدد أبيات القصيدة، رأيي أن نأخذ الأدوار بترتيبها، نركز على دور “من قبل ما اهوى الجمال” أولا ثم نركز على دور “كل مين يعشق جميل”، ونعود لنرى لماذا وصلنا إلى هذه النتيجة؟ ولكن لن نستطيع أن نصل إلى هذه النتيجة إلا إذا سمعنا كل دور على حدة، كما تعودنا نسمع أولا الدور كله، قبل أن نبدا جولتنا في التسجيلات، سنسمعه بصوت الشيخ يوسف المنيلاوي مع غراموفون، التسجيل سنة 1908، طبعا التسجيل صدر ضمن مجموعة الأعمال الكاملة للشيخ يوسف المنيلاوي التي أصدرتها مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربي…

إلى هنا أصدقاءنا المستمعين نكون قد وصلنا إلى ختام حلقة اليوم من برنامج “سمع”، إلى أن نلتقي بكم في حلقة جديدة نواصل فيها الحديث عن أدوار النظير أو أدوار المعارضة نترككم في الأمان.

قدمت لكم مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية “سمع”. 

 

  2015  /  الإذاعة  /  Last Updated نوفمبر 12, 2015 by Amar  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien