You are here:   Home  /  الإذاعة  /  150 – الطريقة الزيدانية 3

150 – الطريقة الزيدانية 3

enar

 

عباس كمبير الشيخلي

عباس كمبير الشيخلي

مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “من التاريخ”

أهلا وسهلا بكم سادتي المستمعين في حلقة جديدة من برنامج “من التاريخ”، نواصل فيها الحديث عن أتباع الطريقة الزيدانية، ونواصل الحديث عن عباس كمبير الشيخلي.

– الطاهر مثلا هو من سلم مقام الجهاركاه… هذا نموذج من مقام الطاهر، البيات الرئيسي في المقامات العراقية هو نفسه في التعبير تقريبا الخنبات، بين النهاوند والبيات.

– لكنه يَركز على القرار وليس في المنتصف.

– ماذا؟

– يَركز على الدوكاه وليس على النوى.

– نعم طبعا هو فعلا على الدوكاه، مثلا عندما يبدأ… هذا مثلا نموذج من بداية مقام البيات، طبعا جميل جدا فيه تعابير قديمة أصيلة كلاسيكية قد لا يستسيغها الجيل الحالي، لأنها تعابير مكثفة قديمة. على كل حال في كتاب “أعلام المقام العراقي ورواده” الذي ألفه الباحث كمال لطيف سالم يقول “إن المطرب عباس كمبير الشيخلي يشكل علامة بارزة في تاريخ الغناء العراقي المقامي، ويضيف أيضا بأنه من القراء القليلين اللذين انفردوا بصوت رخيم فيه حلاوة مقربة من الأذواق والأسماع المرهفة التي تميل إلى الصوت الحسن والأداء المتقن المصاغ بشكل هندسي، وبالتالي فإن المطرب عباس كمبير الشيخلي يحتل مكانة بارزة بين القراء المقاميين اللذين جمعوا بين الصياغة الأدائية وحلاوة الصوت”. ويقول أيضا كمال لطيف سالم بأن “وفاة المطرب عباس كمبير في بغداد عام 1967، كذلك يؤكد بأن عباس كمبير كان هاويا لغناء المقام العراقي ولم يحترف هذا الغناء، رغم أستاذيته في هذا اللون الغنائي الصعب”. وفي كتابه أيضا نفس الكتاب “أعلام المقام العراقي وراواده” ينقل الباحث كمال لطيف على لسان خبير المقام العراقي عزت المصرف بأن “المطرب عباس كمبير سجل عام 1927 للشركات الأجنبية التي قدمت إلى بغداد ضمن جولاتها لتسجيل تراث الشعوب. وأخيرا طبعا عباس كمبير عين في أواخر حياته خبيرا للمقام العراقي في دار الإذاعة العراقية لفترة من الزمن”، مثلا غنى في مقام الحسيني شعر يقول “أي عذر لمن رآك ولا ما”، وفي مقام النوى

رمت الفؤاد مليحة عذراء بسهام لحظ ما لهن دواء

هذه مثلا في مقام النوى.

يوسف حريش

يوسف حريش

نأتي إلى نجم آخر وهو يوسف حريش، يوسف حريش بن ساسون بن شُوع بن عزرا بن حاخام أليعازر بن صالح، أصل أجداده من يهود النمسا، وقد جاءوا إلى العراق منذ زمن طويل واتخذوا مسكنهم في البصرة في أقصى جنوب العراق، البصرة تقع في أقصى جنوب العراق. ولد يوسف حريش في بغداد في محلة “قاضي الحاجات”، المحلة كما قلنا هي حارة سنة 1889 وتوفي في فلسطين المحتلة عام 1961 بعد هجرته في الخمسينات. أخذ المقام العراقي من أحمد الزيدان وروبين بن رجوان، روبين بن رجوان هو أيضا من يهود العراق، غنى يوسف حريش في دار الإذاعة العراقية لفترة طويلة، وأسقطت عنه الجنسية العراقية بعد سفره إلى فلسطين المحتلة عام 1951 حسب رواية الحاج هاشم الرجب. قرأ جملة من المقامات أي سجل جملة من المقامات على أسطوانات، منها مثلا الحجاز، هنا المقصود بالحجاز مقام الحجاز ديوان الرئيسي. أريد أن أشير إلى هذه المفردة،  مقام الحجاز يسمى الحجاز ديوان في العراق لماذا؟ مقام الحجاز ديوان أسلوبه وتعابيره في الأداء المقامي كمقام رئيسي متأثرة بالأسلوب التركي، وبالرغم من أننا نغني الحجاز ديوان من درجته درجة الدوكاه ولكن استقراراته الأدائية كلها تقف على درجة الحسيني (La)، وبما إنه في العراق الحجاز يغنى بالأسلوب التركي، قفلات مقاطعه غالبيتها على الحسيني رغم إنه حجاز على الدوكاه لكن غالبية القفلات والوقفات في نهاية المقاطع الغنائية تكون على الحسيني، يسمى عند الأتراك الديوان، فأطلق على هذا الأسلوب في غناء الحجاز بالحجاز ديوان نسبة للديوان، هذا ما أردت أن أشير إليه وهي أسباب تسمية الحجاز ديوان في العراق. سجل يوسف حريش عدة مقامات من ضمنها الحجاز ديوان والمنصوري والنوى والخنبات والسيكاه والجبوري والعجم والقوريات والحسيني والحكيمي والحديدي، وكان مقام النوى الذي سجله في الاسطوانات يعتبر أروع النماذج لهذا المقام، غنى لأم كلثوم عند قدومها إلى بغداد وذلك في حفلة خاصة أقامها يوسف زعرور الكبير على شرفها سنة 1933، ويوسف حريش من كبار المغنين وذوي العلم بأصول المقام العراقي وتركيبه، أقول أيضا المقام الذي أشرت إليه وهو مقام النوى مغنى أيضا في قصيدة إبن نباتة المصري من روائع الشعر الوجداني العربي.

– محمد بن نباتة شاعر كبير في القرن الرابع عشر.

– نعم إبن نباتة المصري.

– جمال الدين بن نباتة.

– جمال الدين بن نباتة فعلا، هو طبعا لا يغني المطلع إنما يغني أبيات أخرى، لكن مطلعها:

أودت فعالك يا إسما بأحشائي          وا حيرتي بين أفعال وأسماء

إن كان قلبك صخرا من قساوته       فإن طرف المعنى طرف خنساء

– “يا سلام”.

– نعم قصيدة جميلة لكنه يبدأها من بيت آخر أيضا بيت جميل:

يا صاحبي أقلا من ملامكما       ولا تزيدا بهذا اللوم اغرائي

جميلة جدا القصيدة وأديت بمقام النوى….و غنى بعد ذلك شهاب الأعظمي نفس القصيدة، وربما نذكرها عندما نصل إلى الحديث عن أتباع الطريقة القندرجية، من ضمنهم شهاب الأعظمي الذي يغني هذه القصيدة ويغني هذا المقام وهو مقام النوى

أودت فعالك يا إسما بأحشائي           وا حيرتي بين أفعال وأسماء

إن كان قلبك صخرا من قساوته         فإن طرف المعنى طرف خنساء

ويح المعنى الذي أضرمت باطنه        ما ذا يكابد من أهوالِ أهواء

يا صاحبي أقلا من ملامكما              ولا تزيدا بهذا اللوم اغرائي

أيضا هناك نجم آخر لم ينصفه المؤرخون حقيقة، أكثر اللذين نذكرهم الآن النقاد والكتاب لم ينصفوهم باستحقاقهم، أحاول أن ألقي الضوء عليهم لأني أشعر بأنهم لم يأخذوا حقهم من الإعلام ولم يأخذوا حقهم من الشهرة، أو لم يأخذوا حقهم من التقدير. النجم الآخر الذي قلت عنه إنه لم يأخذ حقه هو المطرب يوسف كربلائي، يوسف كربلائي ولد عام 1883 وتوفي عام 1961، ولد في بغداد محلة “القراغول”،حارة “القراغول” حسب المؤرخين، ولقب بالكربلائي لأنه استقر زمنا طويلا في محافظة كربلاء وسط العراق، وقد مارس الأداء الديني في المناقب النبوية والأذكار وزامل عددا من شيوخها وقرائها، أي قراء هذه الشعائر، وبجانب ذلك مارس أداء المقامات العراقية والأغاني التراثية منذ عام 1917، حتى سجلت له شركات التسجيل الصوتي عام 1924، ومنها شركة بلفون وأوديون عددا من المقامات والأغاني. يعتبر يوسف كربلائي أول رائد للتلميع بين القريض والبستة على شكل متقطع وجميل مختلف في ضروبه في المقامات، ومتفق في سياقه في البستة ولعلها تعتبر ظاهرة انفرد بها الحاج يوسف كربلائي بين أقرانه في ذلك الوقت، الحقيقة كنت أمتلك ولا أزال أمتلك ربما ساعتين أو أكثر من تسجيلاته أو أسطواناته على شريط ريل، مجموعة من الاسطوانات منقولة، نقصد بالتقطيع إنه انفرد بأسلوب أدائي يختلف عن كل المؤدين، فأنا قلت إنه رائد التلميع، فعندما يؤدي كان يقطع الكلام والأداء، ليس فقط في الكلام، مثلا أريد أن أتذكر أغنية… هكذا يقطع، مثلا… أسلوب خاص تماما، كان يغني هذه الأغنية وهي مشهورة عنده، هو شخص

– فكاهي جدا.

– بالضبط ساخر لكنه واقعي، هي تقول: “يا ناس رجلي عمره تسعين سنة بيضة لحيته عفنة ومقطنة شو اسوي وياه نسوانه اثنين ويريد ياخذله مرة”، نسائه اثنتان ويريد أن يتزوج امرأة أخرى، هذه أسطوانة مشهورة لديه. ولد الحاج يوسف كربلائي وقد عبر عن الحياة التي عرفها صبيا بين أبناء مجتمعه وحياة الناس اللذين عاش معهم حياته، كان الموضوع الذي ألح عليه كثيرا طيلة حياته الفنية هو التعبير عن هذه الظروف التي عاشها وعايشها والتي سخر منها بأسلوب فكاهي رصين، مع محاولته الالتزام بأصول وشروط أداء الشكل المقامي، اي الأصول المقامية كشكل ومضمون غنائي تراثي، وفيما يخص كمية الإنتاج إن الحاج يوسف كربلائي له مجموعة تسجيلات من الأغاني والمقامات لا بأس بها نسبة إلى نتاجات معاصريه، وأرى إنني يمكن أن أقول عنه مطرب مطبوع أي مبدع أسلوبه يختلف عن الآخرين من أقرانه، مغاير تماما لهم جميعهم، فهو اعتمد نسبيا على الشكل المقامي التقليدي، لكن أدى هذا الشكل وهذا المضمون بأسلوب خاص به تماما من حيث التعابير البيئية ومن حيث الأسلوب الفني الفكاهي الذي اعتمده، هناك أيضا أغنية مشهورة غناها أتصور بمقام الحجاز غريب “حبيبي راح”… وهكذا، هذه أغنية شهيرة له وأتصور أنها لحنه أيضا….

إلى هنا أصدقاءنا المستمعين نكون قد وصلنا إلى نهاية حلقة اليوم من برنامج “من التاريخ”، نتقدم بخالص الشكر للأستاذ حسين الأعظمي ولكل من ساهم في إثراء مكتبة مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتسجيلات، اليوم كان هناك تسجيلات من المكتبة الخاصة بمؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية، إلى جانب من ذكرنا في الحلقات السابقة، إلى أن نلتقي بكم في حلقة جديدة من برنامج “من التاريخ” نواصل الحديث عن أتباع الطريقة الزيدانية نترككم في الأمان

“من التاريخ” فكرة وإعداد: مصطفى سعيد.

  

 

  2016  /  الإذاعة  /  Last Updated فبراير 11, 2016 by Amar  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien