You are here:   Home  /  الإذاعة  /  002 – التخت الشرقي

002 – التخت الشرقي

enar

تُسمى المجموعة التي تحيط بالمطرب (في المشرق العربي) تخت، ترمز كلمة تخت الفارسية الأصل إلى المنصّة وهي لوح من الخشب مرتفع بشكل بسيط عن الأرض، يجلس عليه أعضاء المجموعة. ومع الوقت تحوّل هذا الاسم ليشمل الفرقة الموسيقية نفسها.

يتألف التخت مبدأيا من أربع آلات لحنية، آلة إيقاع وإثنان أو ثلاثة موسيقيين مع مغنين مصاحبين يحيطون بالمطرب. يحتفظ الجميع بوضعية الجلوس على منصة واحدة أثناء الغناء والعزف مما يُشعرهم بانسجام واتحاد خلال تنفيذ الوصلات  الغنائية والعزفية.

  السنيدة، المذهبجية، البطانة أو الردّيدة هي أربع تسميات للفريق الذي يصاحب المطرب في غناء الجمل الجماعية، فهم يغنون مذهب الدور من هنا تسمية مذهبجية، يجاوبونه في فقرة “الهنك” في الدور فهم سنيدة ورديدة، يغنون فقرة “الدور” في الموشح مع المطرب فهم بطانة.

يمكن للمذهبجي الأول الذي تكون قدراته الصوتية قريبة من المطرب أن يحل محله في بعض الفقرات، مثل ما فعل عبد الحي حلمي مع عبده الحامولي ، وعلي عبد الباري مع يوسف المنيلاوي، وصالح عبد الحي مع عبد الحي حلمي، ومحمد عبد الوهاب مع سيد درويش. يُعتَبر المذهبجي مطربا مُعتَرفا به لكنه في مرحلة إكمال تكوينه.

العواد أي عازف العود يكون أحيانا المطرب نفسه بحسب تقاليد الغناء العربي مثل عبده الحامولي وابراهيم القباني، القانونجي هو عازف القانون، الكمنجاتي هو عازف الكمان، النياتي هو عازف الناي والرقاق، ضابط الإيقاع أو ماسك الوحدة هو عازف الرق.

ليس التخت مجموعة ثابتة الأعضاء، إذ يمكن الإستغناء عن آلة في بعض الأحيان كما كان الحال في التخت الذي عزف مع الشيخ يوسف المنيلاوي في التسجيلات التي أنتجتها شركة “غراموفون” عام 1907/8190  التي لم يكن فيها وجود لآلة العود. ويمكن أن يتألف التخت أحيانا من آلتين لحنيتين فقط، وهذا الأمر واضح في عدة تسجيلات.

إبراهيم أفندي سهلون

فلنستمع إلى مثالٍ يبرز تختاً ذا آلتين فقط وهو تخت إبراهيم أفندي سهلون على الكمان ومحمّد أفندي إبراهيم على القانون، وهو التخت الذي يؤدّي موشّح “وجهك مشرق” مع عبد الحيّ أفندي حلمي وبطانته، ويبرز فيه كذلك دور البطانة أو المذهبجيّة وخصوصاً المذهبجي الأوّل وهو ليس فقط دور المرافقة وإنّما دور الإكمال وتحسين العمل، كما سبق الذكر. التسجيل لشركة أوديون على وجهٍ واحد قياس 27 سم إصدار رقم X45312/2 ومصفوفة رقم Ex 1309 b مسجّل حوالي عام 1906.

يتزامن مع هذا التخت (حتى أوائل القرن العشرين) تخت نسائي يُطلق عليه اسم تخت العوالم الذي يضم عازفات ومطربات يعرضن للنساء فقط (لا يوجد صور ولا تسجيلات لهذا التخت، لكن جرى الحديث عنه في الكتب)، لكن يبدو أنّ النساء المغنيّات حتّى اللائي احتفظن منهنّ بأسلوب وأغاني العوالم كنّ يغنّين على تختٍ رجاليّ، في حال صحّت أقوال الكتب عن التخت النسائي، إذا أَرَدْنَ التسجيل. فمن الستّ بهيّة المحلاويّة، وهي من أشهر عوالم مطلع القرن العشرين، نستمع إلى زفّة العروسة “اتمختري يا حلوة”، على تخت أوديون المكوّن من الحاج سيّد السويسي على العود وعبد العزيز أفندي قبّاني على القانون وشخص ثالث اسمه سي توفيق تذكر هي اسمه غير أنّ أياً من المراجع لم تذكر اسمه، يعزف معها على الصانوج وهي آلة إيقاعٍ تُستخدم مع العوالم تلبس في الأصابع وتصدر رنيناً معدنيّا حادّاً وهي مُصنوعة من النحاس، ويبدو أنّ السي توفيق يصاحبها أيضاً بالغناء، التسجيل لشركة أوديون حوالي عام 1905 على وجهٍ واحد قياس 27 سم إصدار 45008، مصفوفة XE 1086.

 

سامي الشوا

يجري الحديث عادةً عن تخت هذا أو ذاك العازف مثل تخت الشوا نسبةً لعازف الكمان سامي الشوا، تخت العقاد نسبةً لعازف القانون محمد العقاد، وحين جاءت شركات الاسطوانات أقامت بعض الشركات لنفسها تختاً كتخت أوديون والمعروف على بعض الملصقات بأوركسترا أوديون، وعمد بعض المطربين والمطربات في مرحلةٍ لاحقة ينسِبون التخت الى أنفسهم كفرقةٍ مصاحبة مرتبطةٍ بهم دون استقلاليّة.

يؤدي أفراد التخت الوصلات بشكل جماعي بحيث يسمع كل مؤد أو عازف الآخرين بتمعّن من جهة، ويظهر من جهة أخرى بشكل منفرد كتكملة لهذا العمل الجماعي مثل التقاسيم المرسلة والموقعة أو المساحات المرتجلة التي يملأها كلّ عازفٍ في التحميلة على سبيل المثال. إن القواعد الباطنية للعزف في هذه المجموعة بعيدة عن أن تكون متروكة للمصادَفة لأن كل آلة تَشغل موقعا محدّدا يساهم من خلاله العازف بإضافاته الشخصية وليدة اللحظة التي تغني الجانبين اللحني والإيقاعي للفقرات المعزوفة.

علي الرشيدي

نستمع كمثالٍ على هذا إلى بشرف قرة بتاق سيكاه أداء تخت محمّد القصبجي على العود وعلي الرشيدي على القانون وسامي الشوّا على الكمان والذي يتجلى فيه كل عازف في أداء اللحن الأصلي للبشرف وكأنّك تسمع ثلاثة ألحان مختلفة والحقّ أنّه لحنٌ واحد من ثلاث وجهات نظر، إضافةً إلى هذا ما يملأه كل عازف في الخانة التي بها مساحات فارغة يملأها كلّ مؤدّي بما تجود به قريحته من ارتجالاتٍ وتقاسيمَ آنيّة، التسجيل لشركة كُولُمبيا حوالي عام 1929 على وجهين قياس 25 سم تحميض على الكهرباء مصنّف رقم 13535 1-2، مصفوفة رقم E 589 E 590

ومن المطربين من كانوا على درايةٍ كبيرة بأصول النغم ويحترمون دور التخت ولا يحوالون القفز عليه أو التقليل من شأنه على حساب المطرب، ومن هذه النماذج الشيخ السيّد الصفتي ونستمع منه إلى اسطوانة سجّلت لشركة بيضافون حوالي عام 1910 على تخت سامي أفندي الشوّا وعبد الحميد أفندي القُضّابي وعلي أفندي عبدو صالح، وهي على صغر مدّتها، مسجّلة على وجهين قياس 27 سم أي لا تتجاوز الثماني دقائق، تحوي دولاباً أي مدخل عزفيّ ثمّ موشّح “والذي أسكر” المأخوذ من خارجة موشّح “أيّها الساقي” نظم لسان الدين بن الخطيب والمنسوب لحنه لأبي خليل القبّاني، ثم سماعي دارج بيّاتي، مجهول المؤلّف ثم تقسيم ليالي وعلى الوجه الثاني موّال “الحِبّ من الحُب”، وفيها يتجلّى التعاون والتقدير المتبادل بين كافّة المؤدّين من منشدين وعازفين، وهي تحمل رقم 1328 1329.

شكراً لحسن أصغائكم ونلتقي مع الجزء الثاني عن التخت من برنامج دروب النغم.

أعدّ هذه الحلقة، غسّان سحّاب شارك في الإعداد مصطفى سعيد.

  2013  /  الإذاعة  /  Last Updated أغسطس 22, 2013 by  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien