You are here:   Home  /  الإذاعة  /  039 – 1 دع العذول

039 – 1 دع العذول

enar

 

دور / دع العذول

نظم الشيخ أحمد عاشور

تلحين داود افندي حسني،

مقام حجازكار، 

 

 

 

 

 

دع العذول دا من فكرك / دا الميل إليه مش ح يفيدك

لو كنت اخالف لك أمرك / بالطبع أهي روحي في إيدك

العشق ما كان لي ع البال / أصل الهوى هي عيوني

مسكين يا قلبي دا صبرك طال / خلّيت عواذلك لاموني

يا اهل الغرام والله الملام / مش ع المرام انصفوني

زاد بي الأنين أروح لمين / يا عاشقين ارحموني 

 

نتناول بالتحليل في هذا الدور عدّة جوانب تخصّ عصر النهضة بشكلٍ عام وهذا الدور بشكلٍ خاصّ من خلال بعض التسجيلات لهذا الدور أوّلها:

عام 1905 سجّلها الشيخ يوسف المنيلاوي، لشركة سمع الملوك التي انبثقت عن شركة بكّا فقط لأجل تسجيل الشيخ يوسف، الدور على 4 أوجهٍ قياس 27 سم  رقم 1246 1247 1248 1249

ثم بعدها بثلاث سنوات سجّلها الشيخ يوسف لشركة الجراموفون على 4 أوجه قياس 30 سم إصدار رقم 012251 012252 012253 012254 مصفوفة 49p 50p 51p 52 p

عام 1906 سجّلها أيضاً محمّد سليم لشركة زونوفون المنبثقة عن شركة الجراموفون، على 3 أوجه قياس 25 سم إصدار رقم X-102574 ،X-102575، X-102576، مصفوفة 7869 b1/2 b 1/3 b

 

والآن إلى التحليل

 

“دع العذول”: هذا الدور وجبة دسمة (دسمة جدا)، هذا الدور تم تلحينه قبل عصر “الفونوغراف” وهو من الأدوار الطويلة، الأدوار كثيرة الحركات  ومتعددة النغمات، وهذا يرجح أن يعود تلحينه إلى العقد الأخير من القرن التاسع عشر. لما كان ينبغي على داود حسني أن يثبت مكانته أمام فطاحل التلحين  كالحامولي ومحمد عثمان.

  • كانوا يسمونهم الملحنين الشباب.
  • إحتمال.
  • “هكذا كتب كامل الخلعي في “الموسيقي الشرقي”

 

داود حسني

 

إحتمال كبير فعلًا كان لا بد لداود حسني أن يقدم لمحبي الغناء الراقي دور من مقام الحجازكار يضاهي أعمالهم من مقام الحجازكار  ك”يا مانت واحشني” أو “الله يصون دولة حسنك”، وهي أعمال أيضًا كالوجبة الدسمة يخرج المستمع بعد الاستماع لهذا الدور راضيًا مرضيًا ولا يحتاج إلى المزيد…

  • العجيب أن هذا الدور لم يلق من الشيوع والرواج بعد انقضاء عصر النهضة ما لقاه “يا مانت واحشني” أو “الله يصون دولة حسنك”.
  • “رب ضارة نافعة”
  • ما نريد فعله الآن هو أن نتخذ من هذا الدور مثالًا للتغاير الذي يحصل في أداء الأدوار في بداية القرن العشرين: قضية الثابت والمتحول هي في صلب اهتمامنا، ولكن يمكن مقاربة مفهوم التغاير من منظورين: يمكن للتغاير أن يكون مقارنة بصيغة نموذجية أي ما هو الفرق بين الدور الذي نسمعه بصوت فلان والصيغة النموذجية التي أرادها الملحن؟ وعلى كل حال تبقى هذه الصيغة النموذجية إفتراضية في غياب تسجيل بصوت الملحن.
  • وهل إذا كان هناك تسجيل بصوت الملحن يعني إنه يحاول القول أن هذه صيغة نموذجية؟   
  • هذه هي المسألة فعلًا أولًا: قد تعذر علينا العثور على تسجيل لهذا الدور بصوت داوود حسني إن كان قد سجله بالفعل.
  • هذا الدور موجود في الكتالوجات” (catalogues)
  • مذكور في الكتالوجات فعلًا، وكذلك إنه إذا كتب لنا أن نعثر في يوم من الأيام على هذه الأسطوانة المفقودة، كيف لنا أن نقرر إذا كانت تمثل مجرد أداء بما تعنيها العبارة من فرض شخصية ومن إبداع فوري؟ أم هل يجب علينا أن نعتبرها نموذجا أريدَ له أن يكون الهيكل العظمي أو الصيغة “السادة” إن جاز التعبير للعمل؟ وهذا على افتراض أساسًا أن يعني ذلك شيئا بالنسبة إلى قالب الدور، فعلى كل حال التوصل إلى الصيغة النموذجية المجردة للدور لا يمكن الوصول إليها إلا استنادا إلى معايير داخلية وخارجية. ما أقصده بالمعايير الداخلية هو المقارنة بين تسجيلات مختلفة للقطعة الواحدة بأصوات مطربين مختلفين ومصاحبة تخوت مختلفة، وهذا من أجل تمييز العناصر الثابتة أي أوتاد الدور في المذهب والجملة الأولى في الدور وفي الوحدات المتتابعة والعبارات اللحنية الإلزامية فيه، أما المعايير الخارجية أقصد بها سمعة المؤدي حسب مصادر المعاصرين مثلًا: سيد الصفتي الذي كان يسمى “المطرب الأمين”، وطبعًا مسألة الأمانة مقابل إرادة الملحن، هذه الإرادة المفترضة، هي معضلة صعبة، قد يكون المطرب محترمًا متهيبًا للعمل الذي يؤديه أو بالعكس قد يكون المطرب ظاهر النزق والتوق إلى تطويع اللحن وطبع اللحن ببصمته الخاصة. المعروف فعلًا إن سيد الصفطي كان يلقب “بالمطرب الأمين”، وعلى طرف النقيد من سيد الصفطي يقف عبد الحي حلمي الذي تثبت كل تسجيلاته إنه يضرب عرض الحائط عن نوايا الملحن التثبيتية عندما يُصَيِّر الدور ملكه الخاص. وما هو مفهوم الأمانة أساسًا في فن الطرب؟ عندما تكون القدرة على الإبداع والقدرة على الإرتجال هما إحدى معايير العبقرية بالنسبة للجمهور، وعندما يترقب هذا الجمهور اتقاد شرارة النبوغ عند أداء القطعة التي يحبها ويعرفها. فإذن قد تكمن الأمانة فقط في ما نستطيع ان نسميه إيفاء حق الملحن من حيث احترم ما زرعه في عمله من ثوابت، وهذا لا يمنع بل يتطلب تطوير هذه الثوابت والزيادة عليها. هذا من جهة، ومن جهة ثانية التغاير لا بد أيضًا من دراسته بين تسجيلين مختلفين للعمل الواحد بصوت المؤدي نفسه، وهذا لا يتأتى إلا عندما يكون هذا المؤدي قد سجل الدور أكثر من مرة عند شركات مختلفة أو في نفس الشركة، ولكن طبعًا بعد ذلك بخمس أو عشر سنوات. حصل ذلك أكثر من مرة مع سيد الصفتي، وسيد الصفتي سجل مثلًا عند “أوديون” في بداية القرن العشرين ثم في العشرينات.
  • وأحيانا يكون لدينا أسطوانة “بروفا” وأسطوانة قد نشرت للدور نفسه.
  • تماما وهذا يمكننا فعلًا من المقارنة والبحث عن الثوابت في أداء المطرب الواحد.
  • ما هو مدى التغاير بالنسبة إلى المؤدي الواحد؟ هذا من جهة، ومن جهة أخرى ما هو مدى التغاير بين أداء هذا المطرب وذاك؟  
  • حسنا، وكيفية حفظ الدور أي كيف كانوا يحفظون الدور؟ هل كانوا يحفطونه نتيجة التعاطي الشخصي مع الملحن أم لتكرار سماعه من غيرهم؟  
  • أظن الاثنين وهذا على حسب ملحن الدور ولمن يلحن، الغالب أن المطرب الناشئ كان يحفظ الدور وهو أساسًا “مذهبجي” في تخت، ومن كثرة التكرار يحفظ الدور، وعندما يصبح مطربًا يبدأ بفرض  شخصيته وبصمته الخاصة على الدور، عندما يحق له أن يفعل هذا.
  • ولكن المطرب المحترف؟
  • كيف يعني؟
  • يعني مثلا يوسف المنيلاوي كيف حفظ “دع العذول”؟
  • يعني الذي انتقل من الإنشاد إلى عالم الطرب مباشرة الذي لم يكن يومًا “مذهبجي”  أي كان من المنشدين الكبار ثم أصبح مطربًا، غالبًا سمع الدور من عبده الحامولي مباشرة، كانوا يعرفون بعضهم ونحن نعرف أنهم سافروا إلى الأستانة أكثر من مرة، ومن المؤكد أنه كان هناك اتصال مباشرة بين المطرب والملحن، ولكن أظن أن الصيغة كانت تنضج مع مرور الوقت. عندما تنضج صيغة معينة في ذهن المطرب وعندما يريد أن يفرض شخصيته على الدور لا بد من وضع إمضاءه في أماكن معينة من الدور، هناك ما نستطيع أن نسميه بالمعالم الاستعراضية، المعالم الاستعراضية التي تثبت مهارة المؤدي ولا شك أنها معالم استعراضية كان ينتظرها الجمهور بفارغ الصبر، مثلًا يمكنا أن نستمع إلى مقطع صغير من دور “البلبل جاني وقال لي” أظن أن تمييع الباء من قبل المنيلاوي كان شيئا ينتظره الجمهور، كانوا يعرفون أنه سيؤدي هذا المقطع بهذه الطريقة يمكنك أن تسمعنا إياها؟
  • طبعًا. 

هذه من المعالم الاستعراضية، وأيضًا الليالي الراقصة السريعة في آخر “كادني الهوا” أو حتى في القرن العشرين نزلة الراست البهلوانية الدقيقة عندما تقول أم كلثوم: “وقلبي من لؤاك فرحان” في أغنية “دليلي احتار” في كلمة “فرحان”. أسمعنا إياها…

تشكل تسجيلات شركة “سمع الملوك” كنز ثمين للقيام بتلك المقارنة عند المنيلاوي ومن حسن حظنا إن دور “دع العذول ده من فكرك” هو من ضمن تلك التي نملك لها صيغتين مختلفتين، تسجيل “سمع الملوك” العائد إلى سنة 1905  مدته تقريبًا 13 دقيقة وهذا التسجيل يبدو مختصر مقارنة إلى تسجيل “غراموفون”، هذا التسجيل الذي استطاع الشيخ أن يتبسط فيه ووصل أداءه إلى تقريبًا ثلث ساعة. وتعد صيغة “غراموفون” أكثر الصيغ شيوعًا لدى جامعي الأسطوانات والهواة. نعود إلى موضوع المعالم الاستعراضية في الدور، سنبدأ بالمطرب محمد سليم، محمد سليم ليس من مطربي الصف الأول وهو مطرب ماهر، صوته جميل وأداءه جيد، ولكن ليس من المشايخ الكبار اللذين ننتظر منهم أن يطبعوا بصمتهم على الدور. فيمكن اعتبار محمد سليم كنقطة انطلاق طبعًا في غياب تسجيل لداوود حسني، يمكن اعتبار هذا التسجيل كصورة تعكس بطريقة أو بأخرى إرادة الملحن.

  • خاصة أنه يؤدي هذا الدور وحتى غيره من  الأدوار بشكل جامد (ميري) جدًا  
  • أنت هكذا قاسٍ جداً
  • أقصد بميري بمعنى أنه ليس كالمنيلاوي وحلمي
  • أكيد لذلك هو ليس عبقري ولكنه محترف
  • لا شك، ولكن قبل تحليل الدور دعونا نختم حلقة اليوم بتسجيل محمد سليم لتتكون عند المستمعين الفكرة الكاملة عن الدور بعد أن تحدثنا عن كل الخلفيات الاجتماعية والتاريخية للدور، فلنختم هذه الحلقة بتسجيل محمد سليم إلى أن نلتقي في حلقة جديدة نترككم في الأمان والشكر الجزيل للأستاذ الدكتور فريديريك لغرانج.
  2013  /  الإذاعة  /  Last Updated ديسمبر 18, 2013 by  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien