You are here:   Home  /  الإذاعة  /  074 – سليمان أبو داوود 1

074 – سليمان أبو داوود 1

enar

 

051-SAD-A, Sulaiman Abu Daoud Mithlak Iza Hakam Bil Adl Ahsan I055-SAD-1-A, Sulaiman Abu Daoud Elzam Bab Rabbak I

 

سليمان أبو داوود 1

مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “من التاريخ”

“هالله هالله يا بو شونة”

“حاضر”

أهلا وسهلا بكم أصدقاءنا المستمعين في حلقة جديدة من برنامج “من التاريخ”، في هذه الحلقة نتحدث عن صاحب هذه الطرفة الشهيرة سليمان أبو داوود، سيحدثنا عنه ضيف البرنامج شبه الدائم “عمنا وعم عيالنا الأستاذ الدكتور الشيخ الأفندي فريديرك لغرانج، صباح الفل”.

“فريد أبو شونة”.

“فريد أبو شونة، ايوه تماما”

سليمان أبو داوود

سليمان أبو داوود

سليمان أبو داوود، سليمان أفندي أبو داوود.

الكائن الغامض.

الكائن الغامض،”الرجل الغامض بسلامته”، الحقيقة ليس هناك معلومة ثابتة أو مؤكدة عن سليمان أبو داوود، الوثيقة الوحيدة التي تمكن من إعطاء فكرة ضبابية عنه هي صورة، صورة يتيمة مهزوزة طبعت في أحد كتب كامل الخلعي، سواء ء كان في “الأغاني العصرية” أو “نيل الأماني في دروب الأغاني”، علما بأن شكل الكتاب قد يتغير من طبعة إلى طبعة، وأنه أحيانا يكون هناك صور مرفقة إلى الكتاب في آخر الكتاب، في هذه الصورة نرى رجلا يبلغ من العمر  ربما خمسا وأربعين أم خمسين سنة، متهندم يرتدي البذلة الاسطنبولي والطربوش، وفي يده “عصاية بنص” مثل أعيان الأرياف، وهو يقدم كالمطرب الأديب ولكن المشكلة أن مقولة أو لقب المطرب الأديب لا تعيني شيئا، علما بأن كل الأفندية يلقبون بالمطرب الأديب في نفس هذا المصدر، فهم فقط يميزون بين المشايخ والأفندية.

بين المشايخ والأفندية، جميل.

قد يكون سليمان أبو داوود يهودي الديانة، هذا القول كان شائعا في الأوساط الموسيقية في الستينات والسبعينات، عند الهواة وعند جامعي الاسطوانات القديمة، بحيث أننا نجد ذكر لديانة سليمان أبو داوود في مصدر واحد هو كتاب أحمد عبد المجيد “لكل أغنية قصة”، هذا الكتاب الصادر سنة 1970، وبعد ذلك لو بحثنا حاليا على الإنتيرنيت، هناك المواقع التي تحسب سليمان أبو داوود من ضمن الفنانين المصريين اليهود الموسيقيين كداوود حسني وبعض المطربات.

زكي مراد.

وزكي مراد طبعا، أما بالنسبة إلى المصادر القديمة، الكتب التي طبعت في بداية القرن العشرين فلا نعلم عنه شيئا إطلاقا.

ربما لأن قضية الدين لم تكن تهمهم كثيرا.

غالبا، وأنا أرى أيضا أن المصدر الوحيد الذي يمكننا أن نعتمد عليه لكي نتأكد من انتمائه الطائفي هو اسمه، سليمان أبو داوود قد يظهر اسما يهوديا ويصلح مسلما كذلك، وهناك مشكلة القصيدة الوحيدة التي سجلها وهي “إلزم باب ربك”.

والتي كلها مدح في آل البيت تقريبا.

تقريبا فالطابع الإسلامي لهذه القصيدة قد ينافي فرضية أنه كان يهوديا، مع أنه زكي مراد غير المشكوك في يهوديته سجل قصيدة  “الأيتام” لجمعية خيرية إسلامية، وهناك شيء من الصبغة الإسلامية في قصيدة “الأيتام”، ولكن هذا أمر يختلف عن أمر “إلزم باب ربك”، لأن “إلزم باب ربك” هي فعلا قصيدة دينية.

نعود ونقول أن مسألة الدين يبدو لم تكن تهمهم كثيرا.

غالبا، بالنسبة إلى سليمان أبو داوود كفنان، هو تقريبا لم يسجل سوى أدوار، الاستثناءات الوحيدة لهذه القاعدة في كل ما سجله مواويل تعد لن أقول على أصابع اليد الواحدة بل اليدين، فقد يكون سجل سبع أو ثمان مواويل على الأكثر.

وكلها مكملة لتسجيل ما دون استثناء.

لا هناك استثناء يا سيدي، “من المحبة” موال “زونوفون”، “شفت بقة أفحمتك ازاي”

“صح كدة يا معلم تمام”.

غير ذلك يا سيدي، هذه القصيدة اليتيمة الفريدة والغريبة، والتسجيل الوحيد الذي في حوزتنا “إلزم باب ربك” لا يثبت عبقرية في أداء القصيدة، هذا أمر لا بد من أن نعترف به.

ولكن يثبت شيئا آخر، وهو أن هناك طريقة أخرى لإنشاد القصيدة غير العواذل، وكانت منتشرة في أوساط الذكر، يعني الرجل يؤدي القصيدة وكأنه في حلقة ذكر.

فعلا ومن هذا المنظور يمكن أن نعتبر “إلزم باب ربك” التي هي أصلا قصيدة من الناحية الموسيقية، وليست حتى قصيدة من الناحية الشعرية، فالنص لا يعتبر نص قصيدة، فيجب أن نميز بين القصيدة كقالب موسيقي والقصيدة كقالب شعري، وأحيانا ليس هناك تطابق تام بين التعريفين على مفهوم القصيدة، في حالة “إلزم باب ربك” ليست قصيدة شعريا هي لغة وسطى تميل إلى الفصحى أكثر منها إلى العامية، لكن موسيقيا هي فعلا قصيدة تقال بطريقة تختلف كما قلت عن طريقة إلقاء العواذل، أي الطريقة المنيلاوية أو التابعة لعبده الحامولي.

طريقة عصر النهضة.

بالضبط، غير ذلك يبدو أنه تخصص في أداء الدور، وعند النظر إلى قائمة تسجيلاته العديدة وعند كل الشركات هو يعتبر  كعبد الحي حلمي من هؤلاء الفنانين اللذين طرقوا أبواب كل شركات الاسطوانات في بداية القرن، يبدو كموسوعة للدور، تقريبا هو سجل أدوار لكل الملحنين، منهم الملحنين الأوائل عندما كان الدور قالب شبه بدائي في تركيبه وفي هيكلته، وكذلك الملحنين المعاصرين له كالقباني وداوود حسني، ولكن خلاف القباني وداوود حسني فقد سجل لمحمد عثمان وسجل وأدوار الحامولي طبعا، ولكن سجل أدوار لمحمد غنيمة وسجل أدوار للمسلوب، أكثر من دور، وسجل أدوار للخضراوي، أي كل هؤلاء الملحنين اللذين قصتهم من الشهرة والنجاح يقل عن محمد عثمان وعبده الحامولي،

نحن نقول أنه كان متخصصا في الأدوار، حديثنا هنا عن التسجيلات وليس عن الأداء الحي، الله أعلم كيف كان في الأداء الحي أكيد.

تمام، لي فكرة هي طبعا أنه لا يمكن أن تكون تسجيلات فنان معين صورة صادقة عن أسلوبه وأداءه وعن سياسته في انتقاء القطع الموسيقية، ولكن لا شك أنها تعكس جانبا من ذلك، ولكن مع ذلك أنا أوافقك أنه كان يغني وصلات، علما بأن الوصلة تتكون من كل هذه العناصر اللازمة والإجبارية، ولا بد من المرور عليها للوصول إلى الدور، لا شك بأنه كان يغني قصائد وأنه كان يغني مواويل وكان يُلَيِّلُ ويغني موشحات، ولكن غالبا يمكن أن نشعر أن كل هذه كانت بالنسبة له مقدمات مهيأة للوصول إلى سيد السهرة وهو الدور، وإلا أظن أنه كان مثل سيد السفطي وكان ربما نوع قليلا في بقية القوالب التي سجلها، والله أعلم، بالنسبة إلى التواريخ يبدو أنه لم يسجل شيئا بعد سنة 1914، ومع ذلك مع أن اسمه مذكور في كتلوجات شركات الاسطوانات، ك”بيضافون” وك”أوديون” حتى العشرينات، لا نجد له ذكرا كالمرحوم سليمان أبو داوود حتى فترة اختفاء اسمه من الكتلوجات، واختفاء الكتلوجات بصفة عامة في الثلاثينات، نستنتج من ذلك أنه إما نسي تماما، أو أنه كان لا يزال على قيد الحياة حي يرزق حتى العشرينات ربما، قد نفترض أنه اعتزل الغناء.

أو التسجيل

أو اعتزل التسجيل، هل يمكن أن يعتزل التسجيل دون أن يعتزل الغناء؟ فلنأخذ على سبيل المثال سيد السفطي، سيد السفطي أصبح مقلا في تسجيلاته في بداية العشرينات، لكن هناك إثباتات مسجلة على أنه كان لا يزال يسجل، نفس الأمر ينطبق على زكي مراد، فما عسى أن نقول عن سليمان أبو داوود، يبدو أنه إما اختفى عن الأوساط الفنية كليا، أو فعلا الفرضية التي تفضلت بها اختفى على الأقل عن الفونوغراف، لم تشأ شركات الاسطوانات أن تقدم له عروض مغرية على الأقل، الفرضية هي أنه ظل يغني في القترة ما بين ربما 1890 و1915 أو 1920، ولكن كلها مجرد افتراضات، خلاصة القول نحن نتكلم من البداية عن شخص لا نعرف عنه شيئا غير ما تركه من إرث موسيقي، إذن فلنعتمد على هذا الإرث الموسيقي. من ناحية الصوت لا أعرف إن كنت ستوافقني في هذا الرأي، أنا أرى أن أقرب صوت لسليمان أبو داوود هو سيد السفطي، نفس النبرة ونفس الخامة الصوتية، ولكن هناك فارق في سياسة الأداء ما بين سيد السفطي وسليمان أو داوود، سليمان أبو داوود فيه دماثة تذكر المنيلاوي.

وهناك طراوة في صوته.

هناك طراوة، ولكن يذكر المنيلاوي ربما دون جنون المنيلاوي.

دون عفرتة.

العفرتة صحيح، دون “عفرتة” في أداءه، ربما هناك فارق في المستوى، لا شك أن هناك فارق في المستوى.

ولكن لماذا لا نفترض ان سليمان أبو داوود كان يغني دون النفحة التي أضافها المشايخ بشكل عام، ثم أيضا الأفندية تأثروا بهم، أقصد القول حكاية العفرتة والاستعراض النغمي المفرط أحيانا إلخ، إضافة مشايخ على الأفندية، فلما لا نقول أن سليمان أبو داوود كان يغني بنفس الطريقة التي كانوا يغنون بها في القرن التاسع عشر.

لأنه أيضا عند الأفندية هناك اختلافات.

صحيح فهو ليس ببساطة عبد الحي حلمي.

بالضبط، لا شيء يذكر بعبد الحي حلمي في أداء سليمان أبو داوود، سليمان أبو داوود نهج وعبد الحي حلمي نهج مختلف تماما، يعني سليمان أبو داوود تقريبا نفس نهج سيد السفطي ولكن بدون الحزن.

وبدون الأمانة، سيد السفطي عندما يغني دور لشركة وشركة أخرى يكون الفرق فقط في الحليات/الزخارف الفردية، ولكن المسار نفسه، على عكس عبد الحي حلمي، سليمان أبو داوود يغير قليلا.

هو مبتكر في أداءه، لكن هذا الابتكار ليس مصحوبا بالضرورة بالعفرتة، أو استعراض العضلات النغمية والأدائية التي تميز أداء المنيلاوي على سبيل المثال، هناك رفض تام للتراجيديا عند سليمان أبو داوود، هذا الفرق الأساسي بينه وبين عبد الحي.

صحيح، والدليل أنه يحاول أن يطفئ حو الحيوية على تسجيله، “الله الله يا بو داوود”، “حاضر” كل هذه المعايير أعتقد أنها لم تُسمع تقريبا إلا عنده، ثم حاول غيره تقليده، في مرحلة ما نجد أحيانا  عند سيد السفطي نفس القصة، نجد عند أكثر من شخص نفس القصة، لكن أعتقد أنه مبتدعها، حكاية أن يحاكي الأداء الحي.

روح مرحة فرضها على هذه الاسطوانات، روح مرحة  مزاح، “زمن الألش الجميل”.

“زمن الألش الجميل مش الألش الرخيص” صحيح.

تسجيلات سليمان أبو داوود “لأوديون” معروفة بهذه الطرفة التي نجدها تقريبا في كل الاسطوانات، في بداية الوجه الثاني أحد “المطيباتية” قد يكون عضوا في التخت وغالبا ما يقول “الله الله يا بو داوود”، والمطرب يرد عليه “حاضر”، ثم يستأنف الغناء، وبخصوص هذا المزاح في بداية الوجه الثاني لتسجيلاته، خير دليل على ذلك هو تسجيله لدر “مثلك إذا حكم بالعدل أحسن”، دور “الهزام” للخضراوي الذي سجله لشركة “أوديون”، الوجه الأول ينتهي بسليمان أبو وهو يقول: إرحم إرحم”، وفي بداية الوجه الثاني “المطيباتي” يقول له: “إرحم يا بو داوود”، وهو كأن شيئا لم يكن “حاضر” ويكمل الدور، لنستمع إليه.

لنستمع إليه.

إلى هنا سادتي المستمعين نكون قد وصلنا إلى نهاية حلقة اليوم من برنامج “من التاريخ”، والتي تحدثنا فيها عن سليمان ابو داوود،، نتقدم بخالص الشكر للأستاذ الدكتور فريديرك لغرانج، ونتقدم كذلك لكم بخالص الشكر على حسن الاستماع، إلى أن نلتقي في حلقة جديدة من برنامج “من التاريخ”، نواصل فيها الحديث عن سليمان أفندي أبو داوود، نترككم في الأمان.

“من التاريخ”، فكرة وإعداد: مصطفى سعيد.

 

  2014  /  الإذاعة  /  Last Updated أغسطس 21, 2014 by Amar  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien