You are here:   Home  /  الإذاعة  /  104 – دور جددي يا نفس حظك 1

104 – دور جددي يا نفس حظك 1

 

enar

 

 

071-YMN-A MUS, Yousif Manyalawi, Gadedi Ya Nafs I

مؤسسة التوثيق والبحث فيي الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “سمع”

“سمع” برنامج يتناول ما لدينا من إرث موسيقي بالمقارنة والتحليل

فكرة: مصطفى سعيد.

سادتي المستمعين أهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج “سمع”، نتناول في هذه الحلقة دور “جددي يا نفس حظك”، دور “جددي يا نفس حظك” هو من الأدوار البسيطة، بحيث أن الملحن تقريبا لم يلحن سوى المذهب، الدور نظم محمد الدرويش ولحن عبده الحامولي، قليلون ينسبونه لمحمد عثمان لأن عزيز عثمان ابنه قد غناه، ولنا هنا وقفة على كل حال. مذهب دور “جددي يا نفس حظك” هو من مقام المحير، والمحير كما سبق الذكر عندما تكلمنا عن دور “الحلو لما انعطف” هو من فروع البياتي. عندما يقوم المشايخ بالارتجال يرتجلون من المحير، دائما عندما يرتجلون من البياتي يكثرون من المحير، فسألت مرة أحد المشايخ لماذا تفضلون الارتجال من المحير عندما يكون المقام بياتي؟ فقال لي: “عندما نرتجل من مسار البياتي العادي نضطر إلى الصعود إلى الجواب”، وذلك لأنهم لم يكونوا يستعملوا مايكروفونات/مكبرات صوت، فلكي ُيسمعوا الناس كانوا دائما يرتجلون من الجواب، وقال : “عندما كنا نصعد إلى الجواب ونقفل كنا نتعب”، فلأن استعراض المحير من الجواب وقفلته في القرار، فبالنتيجة يمكنه أن يرتاح في الطبقة الوسطى ويقفل عدة قفلات في القرار واستعراضاته في الجواب، وليس مضطرا أن يبقى في الجواب حتى في القفلة مثل البياتي ؛ إنما يستطيع أن ينزل ويرتجل من الطبقة الوسطى نزولا إلى القرار دون أي مشكلة. فلذلك الكثير من المشايخ يحبون عندما يرتجلون أن يرتجلوا من المحير، لذلك كل التواشيح التي من البياتي مثلا “يا أيها المختار”،  سنتكلم عنه لاحقا عند “نادت بك الرسل الكرام” يقفون ويتجلون ويرتجلون أشياء كثيرة جدا، نصف التوشيح يكون عند منطقة المحير. أعتقد أن كل ذلك يرجع لهذا السبب، وهذا ما يجعلني أشعر بأن عبده الحامولي كان يغني هذا الدور بصرف النظر هو ملحنه أم لا، ولكنه كان يغني هذا الدور كثيرا لأنه ممارس ومحمد عثمان توقف عن ممارسة الغناء، فهو بشهادة كل الناس لم يكن يغني بالكثافة التي كان يغني بها عبده الحامولي. فإذن دور “جددي يا نفس حظك” أقدم تسجيل في حوزتنا هو تسجيل محمد سالم الكبير على أسطوانة كبيرة 35 سم في حملة أوديون سنة 1904، يليه تسجيلان لعبد الحي حلمي سنة 1905، واحد لزونوفون وآخر لشركة أوديون، ثم لدينا تسجيل للشيخ يوسف المنيلاوي مع سمع الملوك آخر سنة 1905. سنة 1907 سجله لشركة أوديون علي عبد الباري، سنة 1909 سجيله الشيخ يوسف لغراموفون، ثم سنة 1910 تسجيل ثالث لعبد الحي حلمي مع بيصافون. طبعا الدور سُجل كثيرا لدينا أكثر من قائمة تسجيلات كبيرة، فمثلا لاحقا سجله صالح عبد الحي مع كلومبيا على الكهرباء ولكن هذا ليس معنا في الحلقة وجميل عزت سجله أيضا، سجل هذا الدور الكثير من الناس، التسجيلات المتأخرة سنأخذ منها ثلاث تسجيلات: تسجيل سنة 1932 لعزيز عثمان في مؤتمر الموسيقى العربية على وجه واحد، ثم تسجيل أيضا قصير جدا من فيلم اسمه “بنت المعلم” أيضا لعثمان في آخر الأربعينات، ربما أقصر من تسجيل المؤتمر، قبل أن ننسى تسجيل المؤتمر سجلته شركة هيز ماسترزفويس أي غراموفون. آخر تسجيل معنا في الحلقة هو تسجيل لصالح عبد الحي في وصلة محير فيها سماعي محير تأليف جميل بيه طنبوري وتقاسيم عود وكمنجة وقانون وليالي ثم الدور ولكننا سنكتفي بالدور، نسمع مذهب الدور باكثر من صيغة، نسمعه من محمد سالم ثم  نسمعه من عبد الحي حلمي ثم نسمعه من الشيخ يوسف…

محمد سالم الكبير

محمد سالم الكبير

قماشة المذهب هي نفسها، كل واحد حتى في المذهب يؤول بطريقته الخاصة، الأكثر تقيدا باللحن هو الشيخ يوسف المنيلاوي، والأكثر تصرفا في اللحن هو عبد الحي حلمي، أما محمد سالم فقد تصرف باللحن بحرية مثل عبد الحي ولكن حرية مع بساطة متناهية، فعلا أنا من الأشخاص الذين من رأيهم أن محمد سالم فعلا مثال على طريقة المنى ما قبل عبده الحامولي ومحمد عثمان، أنا أؤيد هذا التوجه تماما. إذن سمعنا المذهب هو 4/4 مصمودي أو 4/8 من أجل للم نظرين، استعراض المقام كما قال الكتاب عن المحير، يبدأ من الجواب أي المحير وصولا إلى السهم ثم ينزل في صنف راست على النوى أحيانا يقف قليلا على المحير ثم يتحول إلى ما يشبه البياحسيني يقف على الحسيني قليلا ثم ينزل درجة درجة حتى يستقر على نغمة الدوكاه، وقبل أن ننتقل إلى الأغصان سنقول كلام الدور كله لأن هناك التباس يحصل عند الكثيرين.

المذهب:

جددي يا نفس حظك           منية الهاجر تعطف

وبشير الأنس وافى               وحبيب القلب شرف

الدور الأول:

من يلمني في غرامي            عذره جهل الغرام

أنا واللهي سقامي                 أصله هذا الملام

الدور الثاني:

زاد وجدي من غرامي          في الغرام ارحم محبك 

وجفى جفني منامي              من نهار القلب حبك

علي عبد الباري

علي عبد الباري

الكلام إذن بين العامية والفصحى، شيء يشبه اللهجة البيضاء، كثير من الناس يقولون مثلا: “أنا واللهي سقامي من نهار القلب حبك” فعند الشيخ يوسف وعند علي عبد الباري “أنا واللهي سقامي من نهار القلب حبك” في التسجيلين، فهما لا يغنيان دور “من يلمني في غرامي” ولكن يأخذان منه الشطر الثالث وهو “أنا واللهي سقامي” بدلا من “وجفى جفني منامي”. نعود ثانية إلى تسجيل محمد سالم. تسجيل محمد سالم لا يطيل أبدا في دور “من يلمني في غرامي”، يعود ويقفل ثانية على “جددي يا نفس حظك”، يعود ثانية إلى المذهب ويغني “جددي يا نفس حظك”، هناك مجال كبير جدا للترجمة الآلية لفرقة أوديون المرافقة له التي ينقصها الناي فهناك فقط العود والقانون، فيها سيد السويسي وعبد العزيز القباني، لا يطيل أبدا في الارتجال، وهذا غير مفسر أبدا، يعود ثانية إلى المذهب على الطريقة القديمة، طريقة “يا حليوة يا مسليني” مثلا، وكأن الدور ليس من تلحين أشخاص من عصر النهضة، يعود ثانية ويغني “جددي يا نفس حظك” لنستمع إلى هذه النقلة… 

قبل أن ننتقل إلى غيره لنستمع إلى تسجيل محمد سالم كاملا، أولا لنأخذ صيغة مبسطة للدور قبل الانتقال إلى الارتجالات التي يقوم بها المطربون الأخرون في الأدوار، وثانيا لنلاحظ أن محمد سالم يغني ليالي بعد الدور، ومع ذلك لا يستغل متن الدور أبدا في الارتجال، يرتجل بشكل مبسط جدا على “من يلمني في غرامي”. هذا شيء مستغرب صراحة، هل الارتجال عمدهم قبل عبده الحامولي ومحمد عثمان كان قاصرا على المواويل والليالي؟ لا نعرف، ولكن ليس هناك أي تأثير من الإنشاد أي مدرسة المشايخ على محمد سالم الكبير، نسمع الدور إذن من محمد سالم الكبير مع فرقة أوديون أسطوانة 35 سم، يعني تسجيل أكثر من خمس دقائق، وهذه كانت أكبر مدة ممكنة على وجه أسطوانة في ذلك الوقت، وعلى فكرة لا يوجد أو لم يصلني على أقل تقدير أسطوانة عربية سُجلت على هذا القياس على 14 بوصة غير هذه الحملة من شركة أوديون سنة 1904، نسمع محمد سالم….

 يبدو أن عبد الحي حلمي سجله في الربيع مع زونوفون وفي الصيف مع أوديون، فالتسجيلان قريبان من بعضهما في المدة والتخت نفسه أي إبراهيم سهلون ومحمد إبراهيم هما من يعزفان معه في التسجيلين، والتسجيلان قريبان جدا من بعضهما من حيث الصوت وقريبان أيضا من حيث الأداء، يغني الكلام نفسه ولا يضيف أي شيء مختلف عن التسجيل السابق إلا بعض الارتجالات الزخرفية البسيطة، يعني مثلا لنستمع إلى جزء “من يلمني في غرامي” من أديون ونعود ونسمعه من زونوفون…. 

الشيخ يوسف المنيلاوي

الشيخ يوسف المنيلاوي

 

هناك نوع من التطابق الغريب، وإن كنت أظن أن مزاجه في أوديون أفضل قليلا. حسنا  لننتقل إلى الشيخ يوسف المنيلاوي مع أن هناك أربع سنوات بين التتسجيلين إلا أنه لديه قماشة معينة  لنفسه يرتجل عليها، وسنلاحظ أنه ينتقل بسرعة في المقام بين القرار والجواب كثيرا، وسنلاحظ تأثير واضح جدا من المشايخ عليه في المدود والارتحال عليها إلخ، لنستمع إلى جزء من تسجيل سمع الملوك لأنه الأقدم…. 

نسمع نفس المقطع من غراموفون…. 

هناك تطابق طبعا، وهناك اختلافات أيضا ولكن هناك تأثير أداء المشايخ عليه. علي عبد الباري هو أحد أفراد بطانة الشيخ يوسف المنيلاوي، أحد أفراد بطانة الشيخ يوسف المنيلاوي أصبح مطرب ويسجل، وعلى فكرة مع أن التسجيل سنة 1907 إلا أن صوته مسموع في تسجيل سنة 1905 وفي تسجيل غراموفون سنة 1909. ومع أن الرجل سجل الدور لأوديون بين التسجيلين إلا أنه ظل يعمل مع يوسف المنيلاوي حتى بعد تسجيله الدور، لنسمع مقطعا يقلد فيه الشيخ يوسف المنيلاوي وكيف يختلف معه وينتقل إلى مقام شوري مثلا ونسمع عندما كان التقليد بحد ذاته إبداع أي زمن التقليد الجميل…

هناك ملاحظة في خاتمة الدور في تسجيل عبد الحي حلمي مع زونوفون وهي أنهم في آخر الدور يعزفون دولاب محير من جديد، وهذا موجود في الكثير من التسجيلات القديمة سنة 5/4/1903، يعزفون الدولاب في الختام فهل كان هذا له صدًا في الأداء الحي مثلا؟ يعني هل كانوا يعزفون الدولاب بعد انتهاء الدور ويختوموا بشكل آلي؟ أو أن الدولاب كان يسلم لقصيدة أوأي شيء؟ أنا فعلا ليس لدي تفسير لماذا كان الدور يُعزف في التسجيلات القديمة في آخر العمل؟ وهل هذا له صدا في الأداء الحي أم لا؟ لكن يمكننا أن نسمع ختام دور عبد الحي حلمي مع زونوفون ونسمع الدولاب الذي يعزفانه إبراهيم سهلون ومحمد إبراهيم في الخام….

نختم حلقة اليوم بتسجيل كامل للدور نشرته مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية سنة 2011 في مأوية الشيخ يوسف المنيلاوي، دور “جددي يا نفس حظك” غراموفون سنة 1909، يعزف معه على القانون محمد العقاد وعلى الناي علي عبده صالح وعلى الكمنجة سامي الشوا ومحمد أبو كمال الرقاق على الإيقاع، ومعه بطانة علي عبد الباري وحسن يوسف المنيلاوي وشخص في القرار ربما واحدا منهم أو ربما لا، لا أعرف ولكن هناك شخص ستسمعونه في البداية يغني في القرار على “جددي يا نفس حظك”، ليس معروفا من هو بصراحة، ربما يكون الشيخ يوسف المنيلاوي نفس!!! لا أعرف، عموما نستمع إلى الشيخ يوسف المنيلاوي وبه نكون قد وصلنا إلى نهاية حلقة اليوم، إلى أن نلقتقي في حلقة جديدة نستكمل فيها الحديث عن دور “جددي يا نفس حظك” نترككم في الأمان.

 

054-YMN-A, Youssef El Manialawi, Jaddidi Ya Nafs Hazzik I 009-MSA, Mouhamed Eff. Salem, Jaddidi Ya Nafs Hazzik 

 

قدمت لكم مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية “سمع”

 

  2015  /  الإذاعة  /  Last Updated أبريل 2, 2015 by Amar  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien