You are here:   Home  /  الإذاعة  /  192 – العود 12

192 – العود 12

enar

مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “دروب النغم”.

أهلا بكم أعزائي المستمعين في حلقة من حلقات “دروب النغم”، نواصل فيها الحديث عن العود مع الأستاذ مصطفى سعيد.

هل أنت مع فكرة قرار الشخص بأن يكون عازف منفرد (soloist) أو مرافق وبناء عليه تحدد أنواع التمرين والاهتمام؟

فكرة (virtuoso) و(soloist) بالنسبة لي، وهذا رأيي فقط، ليس لها مكان كبير في موسيقانا وعرفنا، مع أن الحكم عندنا حكم فردي والسياسة عندنا سياسة فردية إلخ، لكن الناس أفرغت هذا الكبت في الموسيقى، الموسيقى فعلا  تعتمد اعتمادا كبيرا على العزف الجماعي، والعمل الجماعي لا يعني إن الموسيقيين والعازفين هم أداة في يد المؤلف، يجب أن ينفذوا إرادته بالضبط كما هو الحال مثلا في الأوركيسترا السنفونية، إنما عملية الأداء جزء لا يتجزأ من عملية التأليف أو عملية التلحين، فبالتالي هذا الأداء الجماعي هو روح التأليف، وحتى الآن في الموسيقات المعاصرة حول العالم فكرة (virtuoso) والعازف المنفرد الذي يبرز ويسمع عبارة (bravo) من الناس، والانبهار فيه والأوتوغرافات (autograph) التي تمضى بعد الحفلات وكل ذلك انتهى، الناس يريدون سماع الموسيقى، كان هذا موضة في زمن الثورة الصناعية، كل شيء كان فيه استعراض، الناس انتقلوا إلى مرحلة أخرى، حتى فكرة الطفل المعجزة اقتربت من الاندثار، فبالتالي قصة (soloist) هي مسألة تعود لرأيي الشخصي. العمل الجماعي فيه متعة على كل الأصعدة، معظم الذين يعزفون بشكل منفرد يكونون متشنجين وخائفين قبل الحفلات ويريدون نيل الإعجاب، مثل فكرة (pop star)، فكرة أن تعزف مع الناس ستسعدهم وتسعدك أنت في آن معا، فكرة إسعاد الناس وأنت متشنج وخائف ليس لي فيها، كل شخص له وجهة نظر، لا أريد أن أقول أني على صواب والآخر على خطأ، لكنها وجهة نظر فقط.

ومن جهة أخرى جانب التقاسيم والانفراد  في الارتجال مع المجموعة، هي إمكانيات يحتاجها العازف ليخرج منفردا.

في النهاية الذي يعزف في عمل جماعي يجب أن يجيد العزف منفردا، أنت مع مجموعة لا يوجد فيها سوى عنصر واحد من كل آلة، آلة واحدة فقط، إذن أنت عازف منفرد، فسواء كنت تأول بشرف أو عمل ما وتعزفه من وجهة نظرك مع الناس، وتعرف متى تسكت وتترك غيرك يقوم بحليات كل هذا جيد، فلو بقيت تعزف وتزخرف وتزين طول الوقت ولا تعطي الفرصة لغيرك، تكون قد أفسدت العمل الفردي والجماعي، ولكن عندما تعرف متى تعزف ومتى تسكت، ومتى تعزف منفردا ومتى تترك غيرك يعزف، ومتى تسلم وتستلم، يكون هذا التمكن الفردي الذي سيمكنك من التمكن الجماعي.

إذن هو فردي وسط الجماعةّ!

طبيعي…

(بشرف قره بطاق سُكاه، محمّد القصبجي، علي الرشيدي، سامي الشوّا، كولومبيا)

كيف يتميز العازف؟

يتميز بشخصيته، وألا يكون معقدا من شيء، يكون متصالحا مع نفسه، يكون متعاونا مع غيره، أهم شيء ألا تكون لديك فردية في التعامل مع العمل، يجب ذلك حتى لو أنك ستعزف لوحدك على المسرح، إذا كنت بنفسية عدم الرغبة في التعاون على المسرح مع المسؤول عن الصوت أو الضوء، سيكون هناك نوع من التوتر بينك وبين من حولك، وأما  لو كنت لوحدك أو مع فرقة وأنت متعاون ومبتسم، مبتسم من كل قلبك، وليس بشكل مفتعل، وطبعا متمكن من أدواتك، وليست لديك عقدة من أحد، ستكون مميز.

كيف يتميز العازف تقنيا؟

هي ليست مسألة عازف، أي شخص له في الموسيقى سواء كان سيعزف أو سيغني أو أي شيء، يجب أن يكون متأكدا أنه يريد الموسيقى، بمعنى أنها ليست لملء وقت الفراغ، لم يجد شيء يفعله فقرر أن يصبح موسيقيا، يجب أن يكون لديه الشغف، أو ما يسمى الموهبة أحيانا عند بعض الناس، إذا كان لديه الشغف لا بأس، هذا يتبين مع الوقت، ولكن حتى لو لم يكن لديه ولكنه راغب في تعلم الموسيقى، فهذا موضوع آخر، يجب أن يتمرن كثيرا، ومن يقول لك أنه لا يتمرن وأن ما هو فيه من فوق وأنها تجليات، إسمح لي هذا محدود! التمرين جزء مهم جدا في تكوين الشخصية، والتمرين ليس فقط تمرين تقني على آلة، التمرين التقني على الآلة مهم، وتمرين الإنتاج على الآلة بمعنى أن تعزف أعمال وتحفظ دائما مهم، تمرين السمع مهم، السمع أهم شيء في التمرين، أكيد إنه أكثر من نصف التمرين، السمع ليس أن تسمع وأنت تتعشى، أنت تسمع لتسمع وتخزن، هذا أهم جزء في التمرين، بعد ذلك الحفظ والتأويل، بعد ذلك المران التقني، فبذل ساعات التمرين قدر المستطاع أمر ضروري وواجب، بعد ذلك العمل الجماعي، أن تجتمع أنت ورفاقك قدر المستطاع وأن تكون دؤوب على العمل الجماعي، إذا كنت لوحدك سيكون هناك عنصر ناقص، العمل الجماعي جزء مهم غير منفصل عن تكوين الموسيقي، بعد ذلك مواجهة الناس من خلال وجود شخص يسمعك، ويكون هناك نقد ذاتي، يجب أن تكون في مواجهة ناس دائما ليأتي رد الفعل من المقابل، في ذات الوقت يكون هناك نقد ذاتي، أي نقص لدي أستطيع أن أطوره.

هو تقييم ذاتي وتقييم المستمعين.

نعم.

رائع….

(شنبر الحجاز، الحاجّ سيّد السويسي، إبراهيم سهلون، عبد العزيز القبّاني، فيفوريت)

كيف ترى مستقبل العود؟

البير منصور ومصطفى سعيد

البير منصور ومصطفى سعيد

“فايت في الحيط”، للأمانة والإنصاف الوضع حاليا أحسن من الوضع قبل عشرين سنة، الاهتمام بالآلات غير الإلكترونية عاد أكثر بكثير من فترة الثمانينات والتسعينات مثلا، في الثمانينات والتسعينات كان وضع هذه الآلات مزري تماما، الآن لا، بدأ الناس يعودون لصناعة الأعواد والقوانين والكمنجات والنايات، وآلات الإيقاعية من مواد طبيعية، وليست البلاستيكية، كل ذلك أصبح له ردة فعل جيدة في زمننا، فالوضع قابل أن يكون أحسن بكثير، سيتحسن أكثر عندما تنتهي عقد النقص الموجودة عند الناس من الآخر، ومن الذات، ومن كل شيء، وانتفاخ النفس، والتخلص من عقد كثيرة، إذا حصل ذلك فهذا جيد، مستقبل العود مرتبط بمستقبل كل الموسيقى العربية او الموسيقى المقامية، وأنا أرى إن هناك تحسن أكثر بكثير من ذي قبل، حتى عامة المستمعين أصبحوا يبحثون أكثر خصوصا بعد انتشار الإعلام البديل، الإعلام البديل، على الرغم من أنه أظهر أشياء ما كان ينبغي لها أن تظهر من فرط الفشل، لكن في ذات الوقت أظهر أشياء الإعلام العادي غافل عنها لأنها لا تدر مالا ببساطة، هذه ميزة جيدة، وعلى كل حال الناس أصبحت تفرق، وهذا جيد، أملنا في المستقبل كبير.

كيف ترى تطور العود منذ زمن التسجيلات حتى الآن؟ هل ترى تطورا في العود وفي التقنيات وفي الصوت وفي الصناعة وفي الرصيد المعزوف؟

مبدئيا، بخصوص الرصيد هناك تطور كبير، لأنه مثلا في أول التسجيلات، كان الناس يعزفون الرصيد الموجود في وقتهم وهو نصف القرن التاسع عشر  ومطلع القرن العشرين، وأشياء متبقية من القرن الثامن عشر، الآن مع الأعمال التي أجري لها تحقيق لكانتمير وعلي أفقي بك وقطب الدين الشرازي والمراغي وصفي الدين الأرموي، أصبح لدينا رصيد أكبر وأقدم، هذه الاكتشافات نتج عنها رصيد جديد قديم، الأشياء التي ألِفت بعد زمن التسجيلات، ومنهم أشخاص سجلوا أيضا، أو الذين أتوا من بعدهم حتى الآن، هذا رصيد جديد، الإضطلاع على ثقافات أخرى نتيجة للتسجيل، توسع الأمور وانتشارها بعد الإنترنيت أدى إلى توسع مدارك الناس فكريا وتقنيا بالتالي. التصنيع، صراحة في فترة ما قبل عشرة إلى خمس عشرة سنة كنت يائسا، الناس تريد أجراس وليس آلات أو صوت معلب (fast food)، الآن لا، في العقد الأخير أصبح هناك تطور من حيث الصناعة، رأيت أناس بدؤوا يسمعون ثانية أصوات الأعواد غير المعلبة أو غير “المجرسنة”، من الجرس، بدؤوا يقومون باجتهادات جيدة، ويدققوا في المخطوطات والبقايا الموجودة من الأعواد القديمة، وفي نفس الوقت يطورون من هذا المبدأ، هذا أيضا جيد، فقد وصلوا إلى نتائج جيدة، وفي النهاية حقيقة ليس كل قديم جيد، يمكننا أن نصل إلى صوت متطور ومعاصر وفي نفس الوقت مميز، جيد وليس مزعج، في الوقت الحالي بدأ الناس يكتشفون أن كمنجات “ستراديفاريوس” (Stradivarius) ليست أفضل صوت كمنجة، ليس ضروريا أن تصدر صوت أجراس، ليس ضروريا أن تؤلف أشياء حادة أو أشياء معلبة، وفي نفس الوقت ليس ضروريا أن تكون ببغاء أو ماكنة تعيد إنتاج شيء كان موجود سابقا، يمكنك أن تقوم بشيء مستقل وفي ذات الوقت له قاعدة يستند إليها.

نعم، أستاذ مصطفى هل يمكنك أن تسمعنا مجموعة من تسجيلاتك عزفا من اختيارك؟

حسنا….

(تقسيم راست: مصطفى سعيد، بيروت 2008)

نصل أعزائي المستمعين إلى ختام حلقتنا اليوم من “دروب النغم” عن العود، مع الأستاذ مصطفى سعيد، إلى أن نلتقي معكم في حلقة جديدة من “دروب النغم” كونوا بخير.

قدم هذه الحلقة: فاضل التركي.

“دروب النغم”.

  2016  /  الإذاعة  /  Last Updated ديسمبر 8, 2016 by  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien