You are here:   Home  /  الإذاعة  /  195 – الموسيقى الشعبية في لبنان 3

195 – الموسيقى الشعبية في لبنان 3

enar

مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة لشارقة للفنون تقدم: “دروب النغم”.

سادتي المستمعين أهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج “دروب النغم”، نواصل فيها الحديث عن الموسيقى الشعبية في لبنان، ويواصله معنا الأب العزيز بديع الحاج.

إذن نترك الموال البغدادي إلى قالب آخر.

زغلول الدامور

زغلول الدامور

ننتقل الآن إلى عائلة جديدة من الغناء التراثي في لبنان، وهي ما أسميه شخصيا الغناء الإيقاعي الذي يقوم على الإيقاع أكثر من القصيدة المغناة والقصيدة التي كانت تغنى عادة بمرافقة آلة الربابة، هنا نعود إلى الأصل البدوي البدو يغنون القصيدة على آلة الربابة، وشاعر القبيلة الربابة معه دائما ليغنيها. وهنا أريد أن أميز بين الغناء الإيقاعي والغناء الطويل، البدو لا يغنون غناءً، فيقول لك أنا لا أغني ولا أرقص ولا أدبك، هذا البدوي الأصيل، لأن الغناء بالنسبة لهم هو فقط القصيدة المغناة، فمثلا في بادية الشام والعراق لديهم العتابا، والسويحلي والنايل والقصيد، هذه هي الأنماط الغنائية الأربعة الموجودة لديهم، عدا ذلك لا يوجد شيء أبدا. أتكلم عن القبائل البدوية الأصيلة وهم: الطَيْ والعْنِزة والشُمَّرْ، هؤلاء القبائل تعتبر نفسها الدم الصافي، أصل البدو، القبائل الأخرى التي تحدثت عنها قبل قليل والتي صارت موجودة في ضواحي البلدان أو المدن تأثرت بالغناء الموجود في البلد وأصبحت ترقص وتدبك مثل أبناء البلد الموجودين فيه. الغناء المقطعي أو المؤلف من مقاطع أو تهجئات صوتية (syllabe) بالفرنسية، يبنى وزنه على أساس الشعر السرياني. وهذا النوع من الغناء موجود في الجبل اللبناني، وفي منطقة جبل لبنان خاصة. جبل لبنان الذي كان أيام السلطنة العثمانية التي بقيت أربع مئة وسنتين تقريبا حر في إدارة شؤونه نوعا ما، فقد قامت بنوع من التقسيم الإداري للمناطق وتركت جبل لبنان نوعا ما حر في إدارة شؤونه، وقد تجمع فيه أبناء طامحين للحرية وخائفين على الوجود خائفين على التراث واللغة، وعلى اللهجة اللبنانية وهي مزيج بين العربية والسريانية. وهنا كان لدينا هذا النوع الجميل من الغناء الذي يرافق الأعراس والحفلات، وأغلبه فَرِح، ليس لدينا الكثير من الأغاني المحزنة. نبدأ بأول نوع وهو “القِرَّادي”، أو ما يعرف باللهجة اللبنانية “الإرادي” “أ” بدل “ق”، القرادي كما قلنا في الحلقة الأولى عندما تكلمنا عن مار إفرام السرياني نمطه ووزنه الشعري على وزن مار إفرام، ونسميه الوزن الإفرامي، الوزن الإفرامي يقوم على شطرين، كل سطر من الشعر مؤلف من شطرين، وكل شطر يتألف من7 تهجئات صوتية، أو بالفرنسية ( 7 syllabes)،  7،7، إذا أردنا ان نأخذ نموذج شعري، نأخذ أغنية نغنيها دائما في لبنان ” على الماني عالماني”، “على الماني عالماني” 7 تهجئات، “ضربني ورجع بكاني”، هي 7،7/7،7، وأغنية أخرى أيضا “عالعميم عالعمام طير وعللي يا حمام”، ع العميم ع العمام/ طير وعللي يا حمام، لا نأخذ التركيبة الشعرية حسب الفصحى ما بين الطويل والقصير والحركة والسكون، إنما نأخذ كل التهجئات على أساس متساوٍ، لم نقل “ع” أطول من “ل” والعكس صحيح، كلها متساوية، وهذا يسهل طريقة الغناء والقول، وفي لهجتنا اللبنانية عندما نتكلم تشعر بأننا نقول القرادي، لأنه سهل التركيب من الناحية الشعرية.

تقصد أن تقول إنه لا يوجد فيه مدود وإقصار.

صحيح كل التهجئات متساوية بالقول، مثل الشعر اللاتيني القديم او الشعر الفرنسي، أو الشعر الموجود في أوروبا، في الشعر الفرنسي يعدون فيقولون مثلا هذا الشعر من 4 أو 5 أو 6 تهجئات (4,5,6 syllabes)، في العربية نحن متأثرون بالسريانية وهو…. هذا السرياني، هذا هو مار إفرام، هذا التركيب الشعري موجود في الجبل اللبناني وخاصة في القرادي، لحن القرادي يقوم أيضا على السيكاه وهو مثل…. وموجود أيضا في طريقة القول فنقول…. تجد أيضا نفس التركيبة اللحنية في معالجة النغم، درجات متقاربة لا يوجد انتقال إلى الدرجة الثالثة أو الرابعة أو الخامسة  في الأبعاد الصوتية، هناك دائما البعد الثنائي مي فا صول/ صول فا مي، لا نضطر أبدا للتغيير، والشيء الآخر هو كأنك تقوله كلاما فنقول…. قلتها قولا، إذا أردت أن أغنيها…. أي أحد يمكن أن يغنيها، حتى لو كانوا مجموعة. لا يحتاجون كثيرا ليتعلموها، ليست غناءاً منفرداً. نعود إلى القصيدة في الغناء الطويل يجب أن يكون هناك شاعر قصيدة، يجب أن يكون هناك مغني تنتقيه العشيرة أو المجموعة، يكون صوته جميل ليقول بيت عتابا، إذا لم يكن صوته جميل لن يدعوه أحد ليغني، أو عند معرفة المجموعة بوجود صوت جميل يطلبون منه أن يغني موال بغدادي، بينما في القرادي كل الناس يغنون مع بعضهم البعض عندما يُدعى لغنائها، لأنها لحن شعبي، إذن مقومات شعر القرادي إنه من 4 أشطر، أي من بيتين، وعادة هناك لازمة ودور، لازمة ترددها المجموعة، والكلام يحاكي ظرف معين ويردده الناس من وراءه، القرادي: من مقومات غناء الزجل اللبناني، الزجل بمعنى حلقات أو حفلات أو منتديات الزجل التي تحصل على المسارح للمبارزة، وهو موجود بشكل كبير جدا في هذا الغناء، أعود وأقول بسبب سهولة قوله وسهولة تركيبه نستطيع أن نلبسه الموضوع  الذي نريده. عادة ما يكون فرحا ولا يكون لمناسبة الحزن، نسمع قرادي لزغلول الدامور، وهو جوزيف الهاشم، زغلول الدامور، الشاعر الزجلي في لبنان الذي واكب بدايات حفلات الزجل أيام شحرور الوادي إلى الآن، اخترته لأنه يغني القرادي بشكل واضح، وهناك “الرديدة” الذين يردون وراءه اللازمة التي تقال عادة، هكذا نرى كيف يغنى ليس كنموذج وإنما على المسرح أو في مناسبة معينة….

ننتقل إلى نوع آخر من الغناء الجبلي الإيقاعي الموجود في منطقة الجبل اللبنانية والذي تأثر أيضا بالسريانية، قريب من القرادي وهو الموشح البلدي، الموشح البلدي أيضا يقوم على التقسيم المقطعي، ولا يحترم الطويل والقصير مثل الشعر الفصيح، مثلا نقول: “دار الدوري عالداير يا ست الدار حامل هالقصة وداير داير مندار، نَعُد دار الدوري عالداير/عددها 7 يا ست الدار حامل هالقصة وداير داير مندار، جميعهم بالتساوي، وحتى إذا أردت أن أدون هذا الغناء يكون كله (crochet)، نسميها بالعربية ذات السن، حتى في القرادي عندما أريد أن أدون اللحن أجده من بدايته حتى نهايته (crochet)، وكل تهجئة لها (crochet) ليس هناك  noire   أو croche، نوطة سوداء وذات السن، هذا يبين التساوي الزمني للتهجئات الصوتية، وهذا ما يسهل تركيب هذا الشعر، وطريقة قوله وغناؤه ضمن مجموعة وليس غناء إنفرادي.

والنوطة السوداء في الآخر هي لأجل النفس صحيح؟

مار افرام

مار افرام

صحيح، ملاحظة مهمة جدا عندما نتكلم  شعرا نقول 7 ،7 للقرادي، ولكن غناءً يصبح 8،8، وفي الموشح البلدي نقول 7،4 شعرا، موسيقيا 8،5، أول (measure) ميزان/قياس موسيقي 8، والثاني 5، بينما في القرادي لدينا 8،8 وليس 7،7 كالشعر، لأن هناك دائما ضرورة النفس واكتمال الإيقاع، لدي (crochet) و( demi soupir) نصف زفرة تعطيني إمكانية للتنفس ومتابعة الغناء في الشطر التالي. لماذا يسمونه الموشح البلدي في لبنان؟  يطلق مغنو الزجل على الموشح البلدي تسمية غزل، فيقولون ننتقل الآن إلى الغزل، الغزل هو الموشح البلدي لماذا؟ أعود وأقول لأنه سهل وجميل وتليق به تسمية غزل لتركيبته الشعرية وسهولة غنائه، لماذا يسمى موشح بلدي؟ لتمييزه عن الموشح الأندلسي، لأننا نعرف إن الموشح الأندلسي نوع مهم جدا من الموسيقات في عالمنا العربي، أصله من الأندلس، ولكن الموشح البلدي تدور حوله نظريات بأنه ليس أندلسيا، فقط يتشارك في التسمية مع الموشح وهو المزين أو الموشى، ولكن تركيبته تعود إلى الأصول السريانية من حيث التركيبة الشعرية وطريقة الغناء، ومن هنا نعود إلى ترتيلة “لمريم يولدت ألوهو” وهي خير نموذج 7،4 7،4 شعرا، كما أنها قريبة من الموشح البلدي لحنا، أعود وأغنيها…. والآن الموشح البلدي…. هناك مقطع في “لمريم يولدت ألوهو” إذا دوناه على السيكاه هزام يكون لا بيمول، وبدل أن تكون حجاز أي لا بيمول سي بيكار/ طبيعية تكون عندنا لا بيمول سي بيمول مثلا….

أصبح مظهر بياتي على النوى.

صحيح وهو غير مستعمل كثيرا في لبنان، ولكن مستعمل كثيرا في الموسيقى السريانية، نفس الشيء في الموشح البلدي، عندما تُغنى “دار الدوري عالداير يا ست الدار” نلاحظ أن الشاعر دون أن يعرف موسيقانا عند صعوده إلى اللا بيمول يغني سي بيمول وليس سي بيكار.

يأخذ مظهر بياتي على النوى.

هذا من ناحية الموشح البلدي، ولدي هنا نماذج مثل “لمريم يولدت إلوهو” مسجلة في جامعة الروح القدس من الجوقة….، ولدينا أيضا موشح بلدي يغنيه زغلول الدامور وشاعر من عائلة المُغربي كان في فرقته، وأريد أن أقول من أجمل الأنماط  الشعرية الموسيقية في الزجل اللبناني للمبارزة هو الموشح البلدي، لأنه قصير وفيه مشاركة من الفرقة ومن الموجودين، هناك أشخاص يردون مما يعطي نوع من الحماس والمشاركة من الجميع….

نصل إلى ختام حلقة اليوم من برنامج “دروب النغم”، إلى أن نلتقي بكم في حلقة جديدة نتقدم بخالص الشكر للأب العزيز بديع الحاج، ونترككم في الأمان.

“دروب النغم”.

 

  2016  /  الإذاعة  /  Last Updated ديسمبر 29, 2016 by  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien