مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “سمع”.
“سمع”: برنامج يتناول ما لدينا من إرث موسيقي بالمقارنة والتحليل.
فكرة: مصطفى سعيد.
سادتي المستمعين أهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج “سمع”، حلقة اليوم عن بشرف “قره بطك” سيكاه، بشرف قره بطك سيكاه هو عمل لكماني خضر أغا. كماني خضر أغا، كان يعزف على الكمان أو الكِمان (kiman)، كِمان تعني قوس، كِمانتشيه بواسطة القوس، قلنا هذا الأمر في حلقة سابقة عن الكمان. الكمان لا أعرف ما إذا كان الفيولينا (violina) أو الفيولا (viola) ولكن على الأرجح هي الفيولينا، مات كماني خضر أغا في منتصف القرن الثامن عشر ميلادي، وهو تقريبا آخر القرن الثاني عشر الهجري، مات حوالي 1760. قره بطك هو طائر الغاق، طائر الغاق هو طائر برمائي، لماذا سمي قرة بطك؟ ربما لأن فيه حوارات بين آلة تُنقر وآلة تُجر بالقوس، آلة تنقر بالريشة وآلة تجر بالقوس، طائر الغاق هو طائر موجود كثيرا في تركيا في اسطنبول، من يذهب إلى اسطنبول يعرف إنه موجود على ضفاف البسفور، صوته مميز جدا، ربما لذلك سماه طائر الغاق أو قره بطك لا أعرف! بشرف القره بطك عمل إشكالي بامتياز لأنه من أحد الأعمال التي عُربت يبدو في مرحلة مبكرة جدا، ربما حتى أثناء حياة كماني خضر نفسه أو بعد وفاته بمدة بسيطة، أو في بداية القرن التاسع عشر كحد أقصى،
“لكن أكيد إللي عرب البشرف ده دماغه الموسيقية متكلفة مازيكا تسوى مليون دكتوراه من بتوع اليومين دول واكتر”، لأنه ليس معربا كبقية البشارف، مثلا البشرف الذي كتب عنه ميخائيل مشاقة وهو بشرف النظير ويقول بأنه سمعه في مصر، إذا كان نظير راست أو نظير عشاق هذه ليست قضيتنا، كل بشرف نظير يُعرب عن طريق أخذ الخانتين واللازمة وإسقاط الثالثة والرابعة، وربما في مراحل متقدمة الإيقاع الثقيل يصبح رباعي خفيف. أومثلا بشرف الإسحاقي الحجاز تضاف إليه تقاسيم في الوسط في إحدى خاناته، لكن خاناته تكون مكتملة، أو مثلا بشرف إسحاقي البياتي وعشاق عثمان بك وغيره، تعرب بأخذ الخانات كما هي بالضبط وتعزف ويتم تغيير بعض الجمل فيها لتلائم المزاج العربي كما قال كامل الخلعي أو قصطندي رزق لملائمة المزاج، فقد كان عبده الحامولي يذهب إلى اسطنبول ويأتي منها بأنغام تلائم المزاج العربي، هذا غير مهم، أقصد أن أقول إن بعض الجمل كانت تتغير لملائمة هذا المزاج. حتى بشرف العرضبار معرب بطريقة مماثلة، أما بشرف القره بطك، في جولتنا به سنقول المختصر الآن ونفصل الباقي لاحقا، باختصار من عرب هذا البشرف أخذ الخانات وحول الحوار لإرتجال وقلب إيقاع الخانة الأخيرة، فقد أخذ بعض الخانات التي فيها حوار وعزفها في الفرقة وحافظ على الإيقاع الثقيل الذي سيتحول إلى إيقاع رباعي في تسجيلاتنا، ولكن إذا مشينا بالعد سنلاحظ إنه نفسه، سنعود إلى هذه القصة فيما بعد، لماذا حول الحوار بين القوس والريشة إلى إرتجالات؟ أي تحميلة، غير معروف! ولماذا قلب إيقاع الخانة الأخيرة واختصرها وجعلها سماعي ثقيل؟ أيضا غير معروف! إيقاع البشرف هو 32 صوفي كبير أو صوفيان كبير، إن شالله حتى تسموه منجا عويسي كل واحد حر”، المهم هو 32 ويستخدم كثيرا في البشارف التركية. لدينا تسجيلات كثيرة لهذا البشرف أكثر من 15 تسجيل، منها ما سنسمعها كاملة ومنها ما لن نسمعها كاملة بسبب وقت الحلقات، وأظن من خلال قراءة الكتالوجات هذا أكثر عمل آلي سُجِلَ عربيا، ومع ذلك لم أجد له سوى تسجيلين يتيمين في تركيا، لا أعرف هذا لعدم اشتهاره أو صادف إنه لم يُسجل. أما عن التسجيلات العربية حيث هي محط حديثنا فنبدأها بثاني حملة لغراموفون سنة 1904 مع الحاج سيد السويسي ومحمد أفندي إبراهيم وعلي أفندي عبده صالح، في نفس السنة تقريبا أو بداية 1905 ولكن أنا أرجح آخر سنة 1904 أيضا الحاج سيد السويسي سجله مع عبد العزيز القباني وعلي عبد صالح، وبعد ذلك في حملة فيفوريت سنة 1905 سجله الحاج سيد السويسي مع إبراهيم سهلون ومحمد أفندي إبراهيم. سنة 1908 سجله محمد أفندي العقاد مع إبراهيم سهلون وعلي عبده صالح، سنة 1909 سجله أمين أفندي البزري مع سامي أفندي الشوا ومنصور أفندي عوض ومقصود أفندي كلكجيان. ما بين سنتي 1910 و1911 وعلى الأرجح سنة 1911 سجله إبراهيم أفندي سهلون مع عبد الحميد أفندي القضابي ومنصور أفندي عوض على بيضافون، بعد ذلك نترك سنوات الحرب ونعود سنة 19/1918 أول سنة 1919 على الأرجح سجله محمد أفندي العقاد مع إبراهيم أفندي القباني على العود وسامي أفندي الشوا على الكمنجة، وبعد ذلك سنة 1923 أمين أفندي البزري يعود ويسجله مع بوليفون مع عبد الحميد أفندي القضابي وسامي أفندي الشوا. سنة 1924 في بيروت سجله سامي أفندي الشوا مع زكي وبيترو لشركة بيضافون، أيضا مع بيضافون ولكن على الكهرباء هذه المرة، وفي برلين سجله الجوق العراقي الممتاز وهم عزوري أفندي العواد وصيون أفندي القانونجي واسكندر الكمنجاتي هذا التسجيل سنة 1928، وبما أننا تحدثنا عن المكان بقية التسجيلات ما بين القاهرة والإسكندرية حتى الآن. بعد ذلك في نهاية سنة 1928 سجله محمد أفندي العقاد مع سامي أفندي الشوا مع هيزماسترزفويس. سنة 1929 مع كولومبيا سجله سامي أفندي الشوا مع علي أفندي الرشيدي ومحمد أفندي القصبجي على العود، وقد نشرنا تسجيلين من هذه التسجيلات وهما تسجيل كولومبيا وتسجيل غراموفون، واحد في إصدار سامي الشوا وهو مع إبراهيم القباني ومحمد العقاد وآخر في إصدار محمد القصبجي وهو تسجيل كولومبيا الذي ذكرناه. غير ذلك لدينا تسجيل لخماسي الحفناوي سنعرضه للسمع وهو في مرحلة متأخرة في الستينات أو السبعينات تقريبا، أيضا هناك تسجيل للأستاذ عبد المنعم عرفة يبدو أنه سجله في معهد الموسيقى العربية في فترة ما في الربع الأخير من القرن العشرين، وأحسبه تسجيل تعليمي لطلاب المعهد العالي للموسيقى في القاهرة. بالنسبة للتسجيلات التركية لدينا تسجيل لطنبوري جميل مع شوقي أفندي على العود، طنبوري جميل بك هو جميل بك طنبوري وهو يعزف على الكِمان تشيه وهي ذات ثلاثة أوتار، الكمنجة الرومي وأحيانا نسميها “الأرنبة”، وبعد ذلك تسجيل لفرقة الإذاعة التركية على الأرجح نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، لا أعرف بالضبط ليس لدي تصنيف لهذا التسجيل، من لديه تصنيفه يكون جميلا إذا أمدنا به. قال لي أحد الناس أن تسجيل فرقة الإذاعة التركية سنة 1987، لكن الله أعلم. هذه التسجيلات ليست كلها من مكتبة مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية، إنما مثلا تسجيل طنبوري جميل بك مأخوذ من الأعمال الكاملة لجميل بك طنبوري التي صدرت في اسطنبول مؤخرا سنة 2016 في مئويته، واستعنا أيضا بمكتبة الشيخ خالد آل ثاني في تسجيل محمد العقاد مثلا. الآن نستمع ونُسمع آذانكم هذا البشرف بتسجيل يفترض أنه بالشكل الذي كان يعزف به بالشكل التركي، ونسمعه بالشكل العربي، نسمعه بالشكل التركي من تسجيل أورفيون لجميل بك طنبوري لشركة أورفيون سنة 1912 وهو أكيد يحاكي الأصل، ونسمعه من تسجيل قبله بثمانِ سنوات لأديون من الحاج سيد السويسي وعبد العزيز أفندي القباني وعلي عبده صالح، هو قبله ولكنه التعريب له، لأنه لم يصلنا تسجيل تركي قبل سنة 1912، ولكن أكيد جميل بك طنبوري موسيقي مخضرم، وأكيد إنه محاكي للمخطوطة الأصل أو كيف ألفه كماني خضر أغا، التسجيلين اللذين سنسمعهما يبدآن ويختمان بتقاسيم، طبعا في حال أن طنبوري جميل بك هو نفسه طنبوري جميل بك الذي يقسم على الكِمانتشيه، ثم لدينا الحاج سيد السويسي يقسم على العود في تسجيل أوديون العربي، التسجيلين على وجهين وكلاهما على أسطوانة 27 سم، ولكن تسجيل جميل بك طنبوري يقدم كل وجه لوحده، فنسمع كلمة أورفيون ريكورد مرتين، الوجه الأول لا يعاد التسجيل فيه تقديم على الوجهين، في تسجيل أوديون لا يوجد، نسمع الصيغتين…. للوهلة الأولى وكأنهما عملان مختلفان لا علاقة لهما ببعض، لكن بدءاً من الحلقة القادمة نفصل أوجه التشابه وأوجه الاختلاف التي أجملناها في بداية الحلقة، سنترككم أسبوع لسماع هذين التسجيلين، وكل شخص يحاول أن يستنتج أوجه الشبه وأوجه الاختلاف.
إلى هنا ننهي هذه الحلقة من برنامج “سمع”، وإلى أن نلتقي في حلقة جديدة نواصل فيها الحديث عن بشرف قره بطك سيكاه، نترككم في الأمان.
قدمت لكم مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية “سمع”.
الحلقات الأخيرة
- 221 – زكريّا أحمد – 12 (1/9/2022)
- 220 – زكريّا أحمد – 11 (1/9/2022)
- 219 – زكريّا أحمد – 10 (11/25/2021)
- 218 – زكريّا أحمد – 9 (10/26/2021)
- 217 – زكريّا أحمد – 8 (9/24/2021)
- 216 – زكريّا أحمد – 7 (9/4/2021)
- 215 – زكريّا أحمد – 6 (8/28/2021)
- 214 – زكريّا أحمد – 5 (8/6/2021)
- 213 – زكريّا أحمد – 4 (6/26/2021)
- 212 – زكريّا أحمد – 3 (5/27/2021)
- 211 – زكريّا أحمد – 2 (5/1/2021)
- 210 – زكريّا أحمد – 1 (4/28/2021)
- 209 – والله لا أستطيع صدك 2 (4/6/2017)
- 208 – والله لا أستطيع صدك 1 (3/30/2017)
- 207 – بشرف قره بطك 7 (3/23/2017)