You are here:   Home  /  الإذاعة  /  021 – الوصله 1 ,دروب النغم

021 – الوصله 1 ,دروب النغم

enar

 

 

الوصلة هي ركيزة الأداء في الموسيقى العربيّة الفصحى، فهي تمثّل جزءاً من حفلٍ موسيقيّ ؛ فمثلاً وصلة فاستراحة فوصلةٌ أخرى أو ما شابه. تبلور الشكل المعاصر للوصلة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وهي في كتاب الموسيقي الشرقيّ المنشور عام 1904 لمؤلّفه محمّد كامل الخلعي صفحة 89 تُعرَّف هكذا:

“يبتدأ أوّلاً بالبشروات لأنّها الأصل – وهي من صناعة أهل الآستانة – ثمّ بالموشّحات لأنّها فروعها ولو أنّها قديمة – ]…[ ثمّ بعد الموشّحات ينشد المغنّي قصيدة أو موّالاً – وفي أثناء ذلك يطرب بآلة مثل العود أو القانون – ويسمى بالتقسيم – وأهل مصر في هذا العصر لهم شغف بسماع الأدوار البسيطة فإنّهم يطربون لها بمجرّد سماعها لسهولة ألفاظها وفهم معانيها ولخلاعة المغنّي بها – فينشدون معًا القطعة الأولى من الدور المسمّاة بالمذهب – ثمّ ينشد المغنّي بمفرده أو بمساعدة رفيق له مساعدةً بسيطة الدور – هذا إذا كان المغنّي حسن الصوت – أمّا إذا كان غير ذلك فينشد الدور مع واحد أو اثنين أو ثلاثة حسبما يتراءى له – ثمّ يختمون بإعادة المذهب – وبعد بالدوارج ويستريحون قليلاً ويسمى هذا (بالفصل الأوّل) أو (بالوصلة الأولى) ثمّ يعيدون الغناء كما كان إلى الفصل الثالث – وفي أخريات الليل ينشد المغنّي بمفرده قصيدة – أو يردّون لازمة عليه وهو ينشد لهم أبياتًا مساوية لها في الوزن الشعريّ.”

يُستشف من النص السابق أن الوصلة في عصر النهضة الموسيقية العربية والذي تجسد في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كان مبنيا على ثلاث مراحل متصلة.

فهذه المراحل حسب تعريف نداء أبو مراد تَتَّصل كالتالي:

في المرحلة الأولى وهي مرحلة المادة يقدم فيها الطرح وهو قالب ثابت أو أكثر، يغلب فيه الثبات على الارتجال، فيكون الارتجال المسموح به أحادي الوحدات القياسية أي لا يخرج على التنويع على نفس نغمات اللحن المطروح وهو بشرف سماعي أو دولاب، وفي حالة الغناء يكون الموشح، وتعد هذه المرحلة هي مرحلة التمهيد حيث تمهد لكل من المؤدين والمستمعين وتقدم لهم الطرح “المقام” والذي سيتم العمل عليه طوال الوصلة وتشكل بذلك الجانب البسطي.

أما في المرحلة الثانية وهي مرحلة الروح أو نقد الطرح، ففيها تنقلب الآية رأسا على عقب حيث يحل الارتجال محل الثبات ويغلب الإيقاع الوزني على الإيقاع الدوري الحركي، وهي تشمل التقاسيم الفالتة والموقعة، القصيدة المرسلة أو الموال في حالة الغناء، وهي ما تعرف بمرحلة السلطنة وفيها يتم التفاعل في أقصى مستوياته بين المؤديين وبعضهم من جهة وبين المؤديين والمستمعين من جهة أخرى وتمثل الجانب القبضي.

المرحلة الثالثة والأخيرة وهي مرحلة التعادل أو المحصلة وفيها يمتَزِج الروح والمادة والثبات مع الارتجال في حوارية بين المؤدين وبعضهم وهو يشمل التحميلة والدارج وفي حالة الغناء، الدور أو القصيدة على ضرب الوحدة، في هذه المرحلة يكون هناك كل من الجانبين البسطي والقبضي حيث يكون هناك ألحان ثابتة يتم الارتجال عليها أحاديا أي تنويعا على عين اللحن وألحان أخرى مرتجلة آنيا بالإقحام والحوار كما في التحميلة أو الهنك في الدور.

حين جاء التسجيل كانت المدّة القصوى التي يمكن تسجيلها بشكلٍ متواصل لا تزيد على خمس دقائق في أحلى وأريح الظروف . والوصلة كانت تزيد على نصف الساعة في الأداء . فكان الحلّ هو تجزئة الوصلة أو ضغطها أو كلا الحالين .

الشيخ يوسف المنيلاوي

نستمع الآن إلى وصلة مضغوطة مسجّلة لشركة “سمع الملوك” المنبثقة عن شركة بِكّا الألمانيّة وهذا الاسم العربي هو استثناءٌ لإنتاج شركة بِكّا لتسجيل الشيخ يوسف المنيلاوي، الأشهَر في مطلع القرن العشرين، والذي أطلقت عليه شركات التسجيلات “كاروزو” (Caruso) العرب لشهرته، لذا استحقّ اسماً إنتاجيّاً خاصّاً به من شركة بِكّا وهو كما سبق الذكر “سمع الملوك”.

في هذه الوصلة وهي ثلاثة أوجه قياس 27 سم مسجّلة عام 1905 مصفوفة رقم 1243 1244 1245.

يُبتدئ بعزف دولاب أي مدخل عزفيّ صغير من مقام الحجازكار, وهو مقام الوصلة، ثمّ الدور الأوّل فقط من موشّح “اسقني الراح” وهو مجهول الناظم منسوب لحنه لمحمّد أفندي عثمان، ثم يقفز الشيخ يوسف رأساً إلى الدور دون تقسيمٍ أو ليالي أو موّال ويغنّي دور “الله يصون دولة حسنك” من نظم الشيخ عبد الرحمن قرّاعة، من مشايخ الجامع الأزهر آنذاك ولحن عبدو أفندي الحمولي، ثم يختم بموشّح دارج “أفديه ظبياً ابتسم” مجهول الناظم والملحّن .

يُصاحب الشيخ يوسف المنيلاوي في العزف تخت محمّد أفندي العقّاد ويضمّ محمّد أفندي العقّاد على القانون، وعلى الأرجح أحمد أفندي الليثي على العود وعلي أفندي عبدو صالح على الناي.

الشيخ أبو العلا محمّد

أمّا الوصلة المضغوطة القادمة فنستمع إليها بصوت الشيخ أبو العلا محمّد وهي وصلة مسجّلة على أربعة أوجه قياس 25 سم لشركة الجراموفون مصنّف رقم G.C.-15-12731 G.C.-15-12732 14-12633 14-12634، ومصفوفة رقم 2612 y 2613 y 2614 y 2615 y والتي سُجِّلت بعد الوصلة السابقة بما يقلّ قليلاً عن عشر سنوات .

لا تبدأ هذه الوصلة بعمل آليّ كما هو الحال في المراس العاديّ وإنما تقتصر البداية الآليّة على زنّة واحدة على إيقاع السماعي الثقيل ذا العشر نبضات تومؤ إلى مقام البيّاتي وهو مقام الموشّح اللاحق لها، وبالطبع مقام كلّ الوصلة، ثم تنشد البطانة  الدور الأوّل من موشّح “إملَ لي الأقداح” المنسوب لحنه لأبي خليل القبّاني، بعده تقسيم ليالي في محاورة بين صوت الشيخ أبو العلا وقانون ومحمّد أفندي العقّاد ثم موّال “إيه العمل في فؤادي” ويقفز الشيخ أبو العلا عن الدور إلى قصيدة على الوحدة هي قصيدة “يا مليح الحُلا”.

يُصاحب الشيخ أبو العلا محمّد العقّاد على القانون وسامي الشوّا على الكمان وإبراهيم القبّاني على العود.

شُكراً لحسن استماعكم ونعد بتقديم وصلة غير مضغوطة ممّا سُجّل في الإذاعة اللاسلكيّة للحكومة المصريّة في حلقتنا القادمة عن الوصلّة.

وإلى اللقاء.

  2013  /  الإذاعة  /  Last Updated أغسطس 14, 2015 by Amar  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien