You are here:   Home  /  الإذاعة  /  078 – داوود حسني 3

078 – داوود حسني 3

enar

 

106-ZMR-A, Zaki Mourad, El hob Soltanoh Asii I 001-UKI-A, Omm Kolsoum, Yom El Hana I

 

مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “من التاريخ” 

أهلا وسهلا بكم سادتي المستمعين في حلقة جديدة من برنامج “من التاريخ”، نواصل فيها الحديث ويواصله معنا الأستاذ الدكتور فريديرك لغرانج عن داوود أفندي حسني.

والآن نتحدث عن البرانيط، حكاية معروفة إنه عندما لحن داوود حسني “الحب سلطانه قاسي”، يقال أن معظم المطربين رفضوا فكرة هذا الدور لأنه كان أول دور بطوله وعرضه من مقام “العجم”.

“عجم المآخذة يعني”.

وأنهم كانوا خائفين من مقام “العجم” لأنه مرتبط ربما في عرف الموسيقيين بالموسيقى الغربية، غير أن دور “الحب سلطانه قاسي” بعيد كل البعد عن معالجة “العجم” “كماجور”(major) ، هو فعلا “عجم” بالمعنى العربي للكلمة، أولا زكي مراد رفض فكرة غناء هذا الدور قائلا: “واحنا حنغني ببرانيط”.

تاني!

داوود حسني

داوود حسني

تاني بالضبط، وفي النهاية اقتنع بهذا الدور وفعلا أداه أداء ممتاز، هو وغيره، أظن أن هناك غير زكي مراد غنى “الحب سلطانه قاسي”.

سيد السفطي.

سيد السفطي تمام. 

ولكن نسمعه بصوت زكي مراد، فزكي مراد بصراحة أبدع في أداءه أو ماذا؟

أكيد هذا من  أحسن ألحان زكي مراد، وعندما نتحدث عن المنافسة الشريفة بين داوود حسي وإبراهيم القباني، هناك ما يبرهن أنها كانت منافسة مختلطة بإعجاب متبادل بين الملحنين، بدليل أن داوود حسني سجل “البلبل جانا وقال لي” للقباني.

وإبراهيم القباني لحن له دور “أحب الحسن خالص”، أليس كذلك؟

تماما. 

شيئ مفتقد في أيمانا هذه.

سنتحسر! دموع التماسيح على حالة الموسيقى. فماذا نعنيه من عبارة امتداد لمحمد عثمان؟ أولا أظن إن هناك تأثير واضح لنوعية خاصة من ألحان محمد عثمان، هي الأدوار الأخيرة الأدوار الطويلة “كلسان الدمع أفصح من بياني” أو “كادني الهوى”، ليس مهما إن كانت لمحمد عثمان أو عبده الحامولي، أدوار داوود حسني تكاد تحتاج كلها إلى أربعة أوجه ليؤديها المطرب أو المطربة، وتتسم بهندستها الواضحة المتينة، مع شيء من التثبيت اللحني، هناك تثبيت لبعض اللوازم، لوازم نكاد نعثر عليها في كل التسجيلات لهذا الدور المعين، خاصة اللوازم الانتقالية أي عندما يكون هناك انتقال مقامي من فقرة إلى فقرة أخرى في الدور، وهناك أيضا تلحين الآهات ما لا يتنافى مع حرية التصرف فيها.

ولكن هل تعرف ماذا يوجد أيضا في خصائص أدوار جيل إبراهيم القباني وداوود حسني؟ هي أنهم يلحنون متى ستقلب الاسطوانة.

أنا أوافقك تماما على هذه الفكرة لأن داوود حسني وإبراهيم القباني لهما جزء من إنتاجهم يسبق  وصول شركات الاسطوانات، وجزء آخر هي تلاحين جاءت مع شركات الاسطوانات، وكان كل واحد منهما متعاقد مع شركة ويتقاضى أجرا من الشركة، فكان لا بد من أن يلحن الدور لكي يسجل، وربما يسجل الدور على أسطوانة أولا ثم يؤدى به على خشبات المسرح مع التخت من قبل المطرب أو المطربة، فهي أدوار ربما اشتهرت مع الاسطوانة قبل أن تشتهر على التخت. 

هذا صحيح، أنا مثلا عندما أستمع إلى دور مثل” بالعشق أنا قلبي هاني”  دور الجهاركاه الجميل، المسجل عندنا بصوت داوود حسني وبصوت زكي مراد، مع أن هناك اختلاف في الأداء بين داوود حسني وزكي مراد في التفريد وفي الوحايد وفي الآهات، ولكن واضحة جدا المواضع التي يريد داوود حسني الاسطوانة أن تقلب فيها. 

نستمع إليه؟

حسنا…     

هذا التثبيت اللحني يضمنه من جهة مؤدون موثوق فيهم كالصفتي وزكي مراد، وأيضا كون داوود من أوائل الملحنين المعروفين باختراعهم طريقة خاصة للتدوين الموسيقي، نظرا لعدم معرفته بالنوتة الإفرنجية، فكان يستعين بصديقه محمد صالح، وربما ببعض الموسيقيين الأوروبيين المقيمين في مصر في بداية القرن العشرين، وبهذا الخصوص أنا أتساءل هل كان فعلا داوود حسني يلتجئ إلى التدوين الموسيقي  لأدواره أم فقط للتلاحين المسرحية؟ ما رأيك في ذلك؟

علمي أن إبراهيم القباني وداوود حسني كانا وهذا مذكور في إحدى المقالات أنا لا أذكر بالضبط، ولكن على الأرجح في “روضة البلابل”، هو أن تدوينهما كان للتذكير، فقد كانا يسجلان صيغة مختصرة أو صيغة قماشه للدور على جهاز فونوغراف “كباية” كان موجودا لديهما، ولكن أنهما كانا يستخدمان التدوين الموسيقي، ربما كانا يستخدمانه لأجل اللذين يعزفون البيانو في المسرحيات، لأن معظمهم من الخواجات فربما كانا يدونان لهم، ولكن في الأدوار أنا لست متأكدا. 

هذه المعلومة ذكرت من قبل رزق أو من قبل أحمد الجندي، أحمد الجندي يذكر أن ذاكرة داوود حسني كانت جبارة لدرجة أنه كان بإمكانه أن يلحن مثلا بداية دور في شهر معين، ثم يتركه جانبا ويستأنف التلحين بعد ستة أشهر أو ربما بعد سنة، وهو يذكر تماما ما هي الصورة العامة لهذا الدور، وكان يستطيع أن يكمله من حيث بدأه، فهذا إذن يكون دليلا على أنه لا يحتاج للتدوين الموسيقى،

يعني نحن مثلا إذا ذهبنا إلى أشخاص أحدث قليلا مثل سيد درويش، سنجد أن ألحانهم المسرحية “منوتة” فعلا ومدونة بشكل كامل، أما الأدوار فلا ليست مدونة.

وهذا ربما لأنهم كانوا يشعرون بأن هناك فرقا شاسعا ما بين روح الدور وروح الألحان المسرحية، وأن هذا نهج وذاك نهج آخر تماما.

صحيح. 

مدرسة الدور انتهت تقريبا في الثلاثينات، لا أنكر أن هناك أدوارا تم تلحينها حتى الخمسينات أو ربما قد يكون في الستينات من القرن العشرين، ولكن هذه تعتبر فلتات، ليس بالضرورة أن تكون أجمل الأدوار، احتضار الدور الذي تزامن احتضار المدرسة الخديوية أو مدرسة الموسيقى المصرية الفصحى إن أردنا أن نبعد تسمية قد تقرن هذه الحصيلة الموسيقية بظروف سياسية معينة، احتضار الدور إذن كان في نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات، من أجمل وأشهر الأصوات التي أدت هذه الأدوار المتأخرة جدا أم كلثوم، وداوود حسني لحن عددا من الأدوار لأم كلثوم، ربما أشهر هذه الأدوار هو “يوم الهنا”، لكن هناك غير “يوم الهنا”، هناك “حسن الطبع اللي فتني” وهناك “شرف حبيب القلب” “البعد علمني السهر”، وهناك “روحي ورحك في امتزاج”، على فكرة “روحي وروحك في امتزاج” أظن يوجد فيه تلميح خفيف لأول لقاء تم بين ألمظ وعبده الحامولي. 

صحيح واضح جدا.

“روحي وروحك” لا شك أن هناك تلميح ضمني لا يعرف حل لغزه إلا العالم بتاريخ الموسيقي المصرية، المهم بين كل هذه الأدوار أنا أميل “ليوم الهنا”، رغم أن جميع الناس تعرفه، وأميل “وحسن الطبع اللي فتني”، وأنت ماذا تحب؟  ثم يمكننا أن نفاصل قليلا ونرى ما هو الدور الذي سنسمعه.

حسنا “يوم الهنا”، أنا شخصيا أحب “البعد علمني السهر جدا”، “بس عشان خاطرك وعشان انت راجل أكبر مني حنحط “يوم الهنا”

“أولية السن صح”.

“حبيبي يا أبو شونة”.

إلى هنا أصدقاءنا المستمعين نكون قد وصلنا إلى ختام حلقة اليوم من برنامج “من التاريخ”، نتقدم بخالص الشكر للأستاذ الدكتور فريديريك لرانج، على أمل اللقاء بكم في حلقة جيدة نواصل فيها الحديث عن داوود أفندي حسني، نترككم في الأمان.

“من التاريخ”، فكرة وإعداد: مصطفى سعيد          

 

 

  2014  /  الإذاعة  /  Last Updated سبتمبر 18, 2014 by Amar  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien