مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “سمع”
“سمع” برنامج يتناول ما لدينا من إرث موسيقي بالمقارنة والتحليل.
فكرة: مصطفى سعيد
سادتي المستمعين أهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج “سمع”، حلقة استثنائية بامتياز، ربما أول مرة نتناول في هذا البرنامج تحليل توشيح، التوشيح هو قالب غنائي ارتبط بالغناء الديني، وإن لم يكن بالضرورة يلحن للغرض هذا. سيكون هناك حلقة عن قالب التوشيح كقالب، ولكن باختصار هو قالب لا يحوي إعادات، بمعنى أن لحنه مستمر لا يقف، لا يوجد أي إعادة لمذهب ولا لنقطة رجوع للإكمال، سواء اللازمات أو التسليمات أو المذاهب. اللحن إذن مستمر يستعرض المقام من جذعه لجذره لفرعه لذروته، في كل فقرة من فقرات التوشيح وفي كل بيت أو عند كل محطة يقف المؤدي المنفرد ليفرد، أحيانا يكون التفريد عن طريق الآهات، أحيانا يكون التفريد عن طريق كلمة واحدة فقط من البيت السابق الذي قاله مع المجموعة، وأحيانا يكون التفريد على بيت كامل أو على شطر كامل. وفي مسألة التفريد سننوه بشيء له علاقة بالتسليم والاستلام، التوشيح عمل جماعي لا يغنيه فرد أبدا، هو عمل جماعي وفي منتصف فقراته يفرد المنشد المنفرد، فإذن هذا التفريد هو الذي سيسلمهم إما للانتقال للفقرة الجديدة، أو لإعادة الفقرة القديمة، لنستمع إلى التوشيح من الشيخ علي محمود وكيف يجعلهم يعيدون فقرة من الفقرات القديمة…
نسمع الآن كيف يسلم لفقرة جديدة مثلا…
تماما كما وإنه يحدد لهم المقام الجديد الذي سينتقلون إليه، عظيم، التوشيح الذي معنا: “أضاء النور وانقشع الظلام بمولد من له الشرف التمام“، البحر الوافر (مفاعلتن مفاعلتن فعول)، والشاعر يبدو أنه من الشعراء المتأخرين، رما معاصر للشيخ علي محمود، أو ربما قبل ذلك بقرنين، ولكنه حتى ليس تابعا لمدرسة الإحياء والبعث لسامي البارودي وأحمد شوقي إلخ. هو يكتب على نسق الشعر الذي كان يكتب في الفترة العثمانية تحديدا، هذا عن الناظم أنا بصراحة لست متأكدا منه، أكيد أن هناك غيري يعرف، أنا سأتسفسر ربما يقال فيه حلقة أخرى. الملحن الشيخ علي محمود، هناك من يقول أن الشيخ زكريا هو من كان يلحن، ربما صحيح لأنه كان في بطانته، وربما اللحن فعلا منسوب للشيخ علي محمود، فالشيخ علي محمود أكيد كان يلحن، “طلع البدر علينا” مثلا اللحن الذي يغنيه الشيح علي محمود على الوحدة وليس اللحن الدارج المعروف أكيد هو لحن الشيخ علي محمود. عموما سنعتبر أن اللحن للشيخ علي محمود حيث أنها الرواية الأكثر، لدينا تسجيلين سنعمل على تحليلهما في حديثنا عن التوشيح. في الواقع كان يمكن أن يكونا ثلاث تسجيلات، وسنقول لما كانا سيوكنان ثلاثة، التسجيل الأول هو تسجيل من الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية على الأرجح في أخريات ثلاثينيات القرن الماضي، والتسجيل على شريط “ماركوني” نحاس، التسجيل الثاني بعده ربما بأكثر من عشرين عاما، أكيد أنه في الستينات مسجل على بَكرة ريل لتلميذ الشيخ علي محمود، وهو الشيخ محمد الفيومي. أداء التوشيح: التوشيح أكيد كان يؤدى في وصلة، وهذه الوصلة لنا معها حلقة خاصة أيضا لأن وصلة الإنشاد فعلا إشكالية بحد ذاتها، هناك عدة أنماط وطرق لأداء وصلة الإنشاد، تمام، فإذن التوشيحان اللذان معنا هما ضمن وصلة. التسجيل الأول وهو تسجيل الإذاعة سنسمع المدخل من وصلته…
التسجيل دخل من قصيدة مرسلة إلى “أضاء النور”، جيد جدا، حسنا لنستمع إلى نفس الشخص الشيخ علي وقد بدأ توشيح “أضاء النور” من توشيح آخر أيضا من أعماله وهو “جل من أنشاك يمنًا وسنا“، نسمع كيف دخل من منتصف التوشيح ولم يكمل “جل من أنشاك“ ودخل في “أضاء النور”…
لاحظنا كيف؟ المدخل من منتصف توشيح آخر، قرر أن لا يكمل التوشيح الأول ودخل في التوشيح الثاني، وللأسف أن الشريط انتهى هنا، بكل أسف، يعني لا نعرف ما إذا كان هناك تكملة مع أحد الهواة لهذا، أم شريط الإذاعة وقف فعلا هنا، فلا نعرف ربما الرجل الذي كان ينقل الإذاعة الخارجية لم يسجل، ولكن ربما شخص آخر سجل الله أعلم ، نسمع مدخل التسجيل الثالث، فقد أنهى التعطيرة وقال: “اللهم صلي وسلم وبارك عليه” وقفل تماما التعطيرة الشريفة وبدأ “أضاء النور وانقشع الظلام”، الكلام عن تسجيل الشيخ الفيومي…
حسنا سمعنا بداية التوشيح، نسمع الآن تفريدة للشيخ علي محمود يعيدهم فيها إلى البداية، ونسمع نفس التفريدة من الشيخ محمد الفيومي…
“يا سلام يا سلام” الاثنان يغنيان الآهات، ولكن لاحظنا اختصار الشيخ علي محمود لأنه خرج من أداء القصيدة، أما الآخر فمرتاح جدا، ولكن واضحة جدا التلمذة، نسمع نقلة الشيخ علي محمود….
يا نهار أبيض يا نهار أبيض، أقول إيه، مش ممكن الراجل ده كوم والمزيكا كلها كوم تاني، الشيخ علي محمود يا جماعة سلم بتدرج بتسلسل هابط، ثم بكل سلاسة يقوم بنقلة إلى الشوري لا نعرف من أين أتى بها أثناء نزوله سلم البياتي، ثم طريقته في التسليم، هذا الرجل غير معقول، نسمع نفس التسليمة من الأول إلى الثاني من الشيخ الفيومي…
يا نهار أبيض يا نهار أبيض”، أكيد الجميع لاحظ التأثر بين العملاقين، أستاذ وتلميذ، لاحظوا كيف كان الناس قادرين على التعلم، ليس فقط التعليم بل التعلم، من المؤكد أنه كان في بطانة الشيخ علي محمود، وهذا كان أسلوب التعليم، هذا كان أسلوب التعليم الذي تعلم عليه جيلنا ربما، أو ربما لحقه بعض جيلنا، هذا غير المعاهد أقصد التلقين عن طريق المراس، نحن سوية زملاء وفي نفس الوقت أستاذ وتلميذ، عموما نختم هذه الحلقة مع تسجيل الشيخ علي محمود كاملا بما في ذلك الوصلة التي تسبقه والتي تليه، فقد أنشد قصيدة قبله “أشرق فيومك“ وقصيدة بعده “إذا كان يوم الحشر والعرض واللقا“، “اللقا” يعني اللقاء، وللأسف التسجيل مقطوع، يبدو أن وقته في الإذاعة قد انتهى، عموما نسمع كل التوشيح…
يا سلام يا شيخ علي يا سلام يا سلام يا شيخ علي، يا سلام لبكرة الصبح يا شيخ علي مش معقول واللهي، حاجة خيالية الراجل ده أسطورة.
سنواصل الحديث عن “أضاء النور” في الحلقة القادمة من برنامج “سمع”، إلى حينها نترككم في الأمان..
قدمت لكم مؤسسة التوثيق والبحث في الموسقى العربية “سمع”.
الحلقات الأخيرة
- 221 – زكريّا أحمد – 12 (1/9/2022)
- 220 – زكريّا أحمد – 11 (1/9/2022)
- 219 – زكريّا أحمد – 10 (11/25/2021)
- 218 – زكريّا أحمد – 9 (10/26/2021)
- 217 – زكريّا أحمد – 8 (9/24/2021)
- 216 – زكريّا أحمد – 7 (9/4/2021)
- 215 – زكريّا أحمد – 6 (8/28/2021)
- 214 – زكريّا أحمد – 5 (8/6/2021)
- 213 – زكريّا أحمد – 4 (6/26/2021)
- 212 – زكريّا أحمد – 3 (5/27/2021)
- 211 – زكريّا أحمد – 2 (5/1/2021)
- 210 – زكريّا أحمد – 1 (4/28/2021)
- 209 – والله لا أستطيع صدك 2 (4/6/2017)
- 208 – والله لا أستطيع صدك 1 (3/30/2017)
- 207 – بشرف قره بطك 7 (3/23/2017)