You are here:   Home  /  الإذاعة  /  156 – الطريقة القندرجية 2

156 – الطريقة القندرجية 2

enar

 

مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون تقدم: “من التاريخ”.

سادتي المستمعين أهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج “من التاريخ”، نواصل ويواصل فيها الحديث معنا الأستاذ حسين الأعظمي عن الطريقة القندرجية وأتباعها، الطريقة القندرجية نسبة إلى رشيد القندرجي.

– من أبرز السائرين على هذه الطريقة يا أستاذ حسين؟

حسقيل قصاب

حسقيل قصاب

– نأتي إلى أهم أتباع طريقة رشيد القندرجي، سنأخذ مثلا حسقيل قصاب وهو من يهود العراق، حسقيل قصاب ولد في العقد الأخير من القرن التاسع عشر لا نعرف أي سنة بالضبط، وتوفي عام 1969، وأيضا أعطيناه لقب رائد الكلاسيكية الجديدة في الغناء المقامي. الحقيقة هو يكاد يكون من أبرز المغنين العراقيين من يهود العراق، كانت التسجيلات قد وصلت إلى مرحلة جيدة من التطور الصناعي، وهو موضح الحقيقة، فقد أوضح الكثير من الأمور، حسقيل قصاب غنى الكثير، وما أريد قوله في هذا المنبر الكريم إذا سمح لي الأستاذ الكريم مصطفى سعيد، إن الكثير من إخوتنا العراقيين والجمهور خاصة، لأن الجمهور مؤثر جمالي وليس مؤثر على صعيد الاختصاص، فالتخصص للمتخصصين وللمغنين وللعازفين وللنقاد وللكتاب يمكن مناقشتهم بشكل مباشر في هذا الموضوع، ولكن الجمهور يعطينا مقياس جمالية ما يسمع، هذا هو العنصر المهم جمالية الأشياء والتشويق، فكثير من الجمهور حتى هذا اليوم خاصة بعد الاحتلال البغيض للعراق عام 2003 يتحدثون على أن يهود العراق هم اللذين حافظوا على المقام وهم اللذين يفهمون بالمقام، وكثير من النعوت بشكل كبير. أنا لا أعتقد أن هذا الكلام دقيق لأنني استمعت إلى الكثير من المغنين من يهود العراق، وأنا أحب أن أسمعهم، لكن هذا موضوع آخر، الموضوع النقدي والموضوع الحقيقي يجب أن يذكر، إن كنت أحب أو لا أحب، هذا موضوع ثانوي لا علاقة له بالأمانة، الأمانة العلمية التي تطرح، حتى المؤلف قوتجمان لديه كتاب عن المقام العراقي، كتاب قيم عن الموسيقى العراقية وهو في الحقيقة رسالة ماجستير، ذكر هو نفسه كيهودي عراقي مقيم في لندن، يقول إن دور اليهود في الموسيقى في العراق ليس كدورهم في الغناء، فعلا لهم فضل لأنهم كانوا الموسيقيين الوحيدين تقريبا في الساحة، خاصة أواخر القرن التاسع عشر إلى النصف الأول من القرن العشرين، إلى أن بدأت هجرة يهود العراق إلى فلسطين المحتلة بداية الخمسينات.

– نقصد بكلمة موسيقيين عازفين!

– نعم عازفين، دورهم كان كبيرا ولهم الفضل في هذا الجانب، أما كمغنين فلا، المغنون المسلمون العرب أو غير العرب المسلمين لهم الدور الغنائي للمقامات العراقية، والسبب يكاد يكون طبيعي، لأن المقامات كما ذكرنا سابقا تعتمد على العنصر الديني للشعائر الدينية، وخاصة الإسلامية باعتبارهم الغالبية العظمى من السكان،  بالإضافة إلى الطرق الصوفية وغيرها، فأصبح بطبيعة الحال كل المغنين المسلمين اللذين أدوا المقامات العراقية سواء في الشعائر الدينية أو الدنيوية هم الأقرب إلى الجودة وصحة الأداءات من ناحية تقليدية ومن ناحية تاريخية. أنا في أكثر من كتاب اتخذت نماذج من المغنين من يهود العراق وحللت بعض مقاماتهم واستعرضت كم هناك من النواقص الأدائية في الشكل المقامي التقليدي التأريخي لدى هؤلاء المغنين، من ضمنهم مثلا حسقيل ويوسف حريش أو سليم شبث أيضا، فخلاصة القول المغنين اليهود للمقام العراقي دورهم ضئيل نسبة إلى دورهم في الموسيقى.

– نعود إلى أتباع القندرجي.

– نعم نعود إلى كلاسيكية حسقيل قصاب، الكثير من المقامات التي غناها حسقيل قصاب ليست مقامات قليلة القيمة الفنية، بمقدار ما هي مقامات تدل على تمسك حسقيل قصاب بتطبيق الأصول المقامية… لماذا ميزت قليلا حسقيل عن الآخرين؟ لأن حسقيل لم يكن يميل إلى تحشيد قطع وأوصال كثيرة داخل المقام، فلا يرغب كثيرا في الانتقالات السلمية من مقام إلى مقام ومن جنس إلى جنس ويعقد المسألة على السامع، لا يسهب في الانتقالات ويحافظ على كيان ذلك المقام المغنى.

– مثل القندرجي، فالقندرجي كان يوجز.

– بالضبط نعم، أنا لا أقصد بالإيجاز بأنه يوجز فقط في الوقت وإنما لا يتنقل كثيرا، هذا هو الشيء المهم الذي أريد قوله عن حسقيل، وقد يكون يواجه صعوبة، لكننا الآن مستمعين ومشاكل المطرب الخاصة لا ندري بها.

– لكن البساطة في الأداء لها جماليتها، عدم الانتقال إلى مقام والثبات على نغمة لها جمالياتها وأنا أحبها أحيانا.

– أحيانا تكون جميلة، وهنا يعتمد أحيانا على إحساس المغني كيف يصل، وبالرغم من أنني سبق لي أن استمعت إلى مقامات عدة اهتم مطربها حسقيل قصاب بشكلها المقامي والتاريخي، إلا أنه للأسف لا يمكنني الحديث الآن إلا عن بعض المقامات القليلة التي استمعت لها، وهي الآن موجودة في مكتبتي الموسيقية. عندما نقول عن فلان مطرب أصولي، مفردة أصولي التي يكاد يكون المطرب حسقيل قصاب أهلا لها هي الصفة التي غلبت على وصف النقاد المقاميين، وكذلك نظرة الجماهير حول المقامات التي غناها حسقيل قصاب، هو أصولي فعلا وقد تمسك من خلالها بمبادئ الطريقة القندرجية، والتي تتميز بأهم صفة لها وهي التمسك بالأصول المقامية. ولكن من الطبيعي أن يكون هناك قلة من النقاد على حق إذ يعترضون على عدم دقة هذه المفردة “أصولي”، إلا إن عدم الدقة في هذا النعت ما هو إلا انعكاس لطبيعة التوسع في تحديد الأصول المقامية في هذه الحقبة الزمنية من التحولات والتطورات الآخذة بالتزايد في سرعتها رغم الثبات النسبي لهذه الأصول المقامية التي تمثل الشكل المقامي. وعليه فإن المطرب حسقيل قصاب في مقاماته يطبق الأصول التي كانت ثابتة في فترته، هذا مهم لأن هناك تطورات في زيادة  في إدخال بعض القطع والأوصال للمقامات. فقد عبر عن حقبته التي كان يغني فيها والتي كانت لذلك الوقت القطع والأوصال الموجودة في المقام الفلاني كذا وكذا وكذا، وعليه فهو لم يسهب أكثر، هذا هو المهم، وقد أصاب هذه الأصول بعض التحويرات والإضافات والتطورات إبان انتشار الطريقة القبانجية، لأنه عندما أتى القبانجي زادت هذه التحشيدات. القبانجي أضاف الكثير، فأصبح ما أتى به القبانجي هو الشيء النهائي الذي يجب على المغنين أن يتبعوه. في كتابي عن الطريقة القندرجية وأتباعها حللت بعض المقامات، مثلا حللت مقام العريبون عرب، هو غنى العريبون عجم والعريبون عرب، العريبون عرب “يا قلب ويش طيحك بحبالهم وشراك”، حللت هذا المقام بصوت حسقيل طبعا، وحللت ربما مقام آخر مقام الحسيني، حللت أيضا مقام الخنبات لحسقيل ومقام الجبوري، وكذلك أيضا مقام التفليس….

إلى هنا أصدقائنا المستمعين نصل إلى ختام حلقة اليوم من برنامج “من التاريخ”، استمعنا في هذه الحلقة إلى مقامي الحديدي والتفليس من حسقيل قصاب، إلى أن نلتقي في حلقة جديدة من برنامج “من التاريخ” نواصل ويواصل معنا الأستاذ حسين الأعظمي الحديث عن الطريقة القندرجية وأتباعها، نتقدم بخالص الشكر للأستاذ حسين الأعظمي ونترككم في الأمان.

“من التاريخ” فكرة وإعداد: مصطفى سعيد.

 

  2016  /  الإذاعة  /  Last Updated مارس 24, 2016 by Amar  /  Tags:
WP-Backgrounds Lite by InoPlugs Web Design and Juwelier Schönmann 1010 Wien